الجزء الـثامن عـشر في القرآن الكريم

قرار ومعين

صورة
ت + ت - الحجم الطبيعي

يبـدأ هـذا الجـزء منَ القـرآن الكريم، منْ الآيـة [ 1 ] من سورة الـمـؤمنـون ، وحتى الآيـة [ 20 ] من سورة الـفـرقـان ، ومـمّـا ورَد فيـه :

(نَسْـقيكُـمْ مِـمَّـا في بُطُـونِهِـا)[المؤمنون 21 ] :

بُطُـونِهِ: بالمُـذَكَّرِ، لِحَالَةٍ واحِدَةٍ فَقَطْ هيَ اللّبَنُ، بُطُـونِهِا: بالمُـؤَنَّثِ ، لِحَالاَتٍ وَ فَوائِدَ عَديدَةِ مِنها الأكْلُ مَثَلاً: ( وَإنَّ لَـكُـمْ في الأنْعَـامِ لَـعِـبْرَةً نَسْـقيكُـمْ مِـمَّـا في بُطُـونِهِ مِـنْ بَيْنِ فَرْثٍ وَدَمٍ لَـبَنَاً خَـالِـصَـاً )[ النحل 66 ] ، ( وَإنَّ لَـكُـمْ في الأنْعَـامِ لَـعِـبْرَةً نَسْـقيكُـمْ مِـمَّـا في بُطُـونِهِـا وَلَـكُـمْ فيهَـا مَـنَافِـعُ كَـثيرَةٌ وَمِـنْهَـا تَأْكُـلُـونَ )[ المؤمنون 21 ] ، فَقَالَ هُنَا : بُطُونِهَـا لِتَعَـدُّدِ الفَوائِـدِ.

(وَآوَيْنَاهُـمَـا إلـى رَبْوَةٍ) [المؤمنـون 50 ] :

( وَآوَيْنَاهُـمَـا إلـى رَبْوَةٍ ذَاتِ قَرارٍ وَمَـعِـينٍ )[ المؤمنـون 50 ] ، آوَيْنَاهُـمَـا: مَرْيَمُ وَ ابْنَهَا عيسى عليهما السلامُ، إلـى رَبْوَةٍ: مَكَانٍ مُرْتَفِعٍ، ذَاتِ قَرارٍ: مُسْتَقَرُّ إقَامَةِ، وَ مَـعِـينٍ: ماءٌ يجري منْ نبْعِ العَيْن، لأنّ [ مَـعِيـْن ]: نسْـبَةً إلى [ عَـيْن المـاء ] ، و منْـهُ كلمـةُ : [ مَـعْـن ] بمعـنى المـاء، و هـو اسـم علَم مُـذكّـر .

(أُولَـئِـكَ يُسَــارِعُـونَ فـي الـخَـيْراتِ)[المؤمنون 57 ] :

يُسارعُون في الخَيْرات : ( إنَّ الـذينَ هُـمْ مِــنْ خَـشْــيَةِ رَبِّـهِـمْ مُـشْــفِـقُــونَ وَالـذيـنَ هُـمْ بِآياتِ رَبِّهِـمْ يُؤمِـنُـونَ وَالـذينَ هُـمْ بِـرَبِّـهِـمْ لاَ يُشْـرِكُـون وَالـذينَ يُؤْتـونَ مَـا آتُوا وَقُـلُـوبُهُـمْ وَجِـلَـةٌ أَنَّهُـمْ إلـى رَبِّهِـمْ راجِـعُـون أُولَـئِـكَ يُسَــارِعُـونَ فـي الـخَـيْراتِ وَهُـمْ لَـهَـا سَـابِقُونَ )[ المؤمنون 57 ] .

وَ الرُسُلُ وَ الأنْبِيـَاءُ الكِرامُ كانُوا يُسَـارِعُونَ في الخَيْراتِ : فَبَعْدَ أنْ تَحَدَّثَ عَنْ : موسى وَ أخيهِ هَارونَ، وَ إبْراهيمَ وَ ابنُ أخيهِ لُوطٌ، وَ وَلَدَيْ إبراهيمَ اسْحَقَ وَ يَعْقوبَ، وَ نُوحَاً، وَ داوودَ وَ ابنِهِ سُلَيْمَانَ، وَ أيَّوبَ، وَ ابنُ إبراهيمَ إسْمَاعيلَ، وَ إدْريسَ، وَ ذا الكِفْلِ، وَ ذا النُونِ [ الحوتِ] وَهُوَ يُونُسَ ، وَ زَكَريّا وَ ابْنِهِ يَحْيى، وَ مَرْيَمَ وَ ابْنِها عيسى، عَلَيْهِم السَلامُ أجْمَعِينَ، بَعْدَ أنْ ذَكَرَهُمْ بأسْمائِهِمْ قَالَ تعالى: ( إنَّهُـمْ كَـانُوا يُـسَـارِعُـونَ فِـي الـخَـيْراتِ وَيَدْعُـونَنَا رَغَـبَاً وَرَهَـبَاً وَكَـانُوا لَـنَا خَـاشِـعِـيْنَ ) [ الأنبياء 90 ] ، فالخشوع أهمُّ سِماتِ الذين يُسارعون في الخيرات .

(إذَا هُـمْ فيهِ مُـبْلِـسُـونَ)[المؤمنون 77 ] :

مَعْنى كَلِمَةِ إبليس: اليائِسُ أَوِ القَانِطُ [ في مُعْجَمِ المنجد : أبْلَسَ : قَلَّ خَيْرُهُ، بَلَسَ مِنْ رَحْمَةِ الله : يَئِسَ ] ، ( وَيَوْمَ تَقُومُ الـسَـاعَـةُ يُبْلِـسُ الـمُـجْـرِمُـونَ )[ الروم 12 ] ، ( فَإذَا هُـمْ مُـبْلِـسُـونَ)[ الأنعام 44 ] ، ( إنَّ الـمُـجْـرِمِـينَ فِي عَـذَابِ جَـهَـنَّمَ خَـالِـدُونَ لاَ يُفَـتَّرُ عَـنْهُـمْ وَهُـمْ فِيهِ مُـبْلِـسُــونَ )[ الزخرف 74] ، ( حَـتَّى إذَا فَـتَحْـنَا عَـلَـيْهِـمْ بَابَاً ذَا عَـذَابٍ شَـديدٍ إذَا هُـمْ فيهِ مُـبْلِـسُـونَ )[ المؤمنون 77 ] 00000 ، وَ يوجدُ كلمَةُ : [ بَسَلَ ] بذات المعنى : ( أنْ تُبْسَـلَ نفْـسٌ بِما كَـسَـبَتْ ... أولائِـكَ الـذينَ اُبْسِـلـوا بِـما كَـسَـبوا لَهُـمْ شَـرابٌ مِـنْ حَـمـيْـمٍ) [ الأنعام 70 ] .

(إنْ هـذا إلاّ أسَـاطيرُ الأوّلـين)[المؤمنون 83]

يُطْلَقُ عَلى هَذِهِ الأُسطورَةُ اسْمَ : [ إنومَا إيليش وَ مَعْناهَا : عِنْدَمَا في العُلى لأنَّ مَطْلَعَهَا : [ عِنْدَمَا في العُلى لَمْ يَكُنْ هُنَاكَ سَمَاءٌ ] ، تَقولُ هذِهِ الأُسْـطورَةُ : إنَّ أصْلَ الوجُودِ هوَ الميَـاهُ الأُولى الأزليّةُ، وَ إنَّ هذِهِ المياهَ كانَتْ تَتَألّفُ مِنْ عُنْصُرَيْنِ الأَوَّلُ : مُذَكَّـرٌ وَ اسْمُهُ [ إبْسو ] وَ هوَ المياهُ العَذْبةُ وَ الثاني : مؤنَّثٌ [ تيامات ] وَ هوَ المياهُ المالِحةُ، وَ كانَ هناكَ عُنْصُرٌ ثالِثٌ هُوَ [ مَمّو ] وَ هوَ الضَبابُ المنْتَشِرُ فَوْقَ المياهِ .

كانَ هَؤلاَءِ الآلِهَـةُ الثلاثَـةُ يَعيشونَ في سُكُونٍ مُطْلَقٍ عَلى شَكْلِ هَيولى بِدائيّةٍ ، دُونَ شَكْلٍ أوْ حَرَكَـةٍ أوْ نِظامٍ ، وَ تَزَوَّجَ إبْسـو مِنْ تِيامَـاتٍ ، فَأنْجَبـَا إلَهينِ هُمَا : [ لَحْمو ] وَ [ لَحامو ] ، وَ أنْجَبَ هذانِ بِدَوْرِهِمـَا [ أنْشَـار ] وَ [ كيشَار ] اللّذينِ فاقـَا أبَوَيْهِمَا قوَّةً وَ مَنَـعَةً ، ثُمَّ وُلِدَ لأنْشَار وَ كيشَار ابنٌ دُعِيَ [ آنو ] الذي أَصْبَحَ مِنْ ثَمَّ إلَهَ السَماءِ : [ كانَ رَقَمُ آنو في القُدْسِيّةِ 60 ، وَهذا الرَقَمُ اعتمَدَهُ كريستيان هويكِنْزْ في تَقْسيمِ الساعَةِ تَقسيماً ستينياً ] ، وَ أنْجَبَ آنو ابناً هُوَ [ نوديمود ] الذي هوَ [ أنكي ] أوْ [ أيَا ] إلَـهَ الحِكْمَةِ وَ الفِطْنَةِ وَ السِحْرِ، وَ الذي أَصْبَحَ إلهَ المياهِ الباطنيّةِ العذبةِ، كانَت الآلِهَـةُ الجديدةُ مَليئَةً بالشَبابِ وَ الحيويّةِ، وَ قَرّرَ الجَدُّ الأكْبَرُ إبْسو بالاتفاقِ مَعَ مَمّو أنْ يَبْطُشَ بِهذِهِ الآلِهَةِ وَ يُبيدها، وَعارَضَتْهُ في ذَلِكَ تيامات وَ تَدَخّلَ أنْكي فأنْقَذَ الآلِهةَ ، وَ أدْخَلَ إبْسو في ثُباتٍ عَميقٍ، وَ ذَبَحَهُ وَ هوَ نائِمٌ وَ أَسَرَ مَمّو ، وَ رَبَطَ أنْفَهُ بِسِلْسِلَةٍ وَ عَفا عَنِ تياماتٍ : ( لَـوْ كَـانَ فِـيهِـمَــا آلِـهَـةٌ إلاَّ اللَّـهُ لَــفَسَـدَتَـا )[ الأنبياء 22 ] ، لَــفَسَـدَتَـا : السماواتُ وَ الأرْضُ فِعْلاً ، وَ هَذَا باعتِرافِ الأسْطورةِ ذَاتَهَا .

وَ أنْجَبَ [ أنْكي ] الإلَـهَ [ مَرْدوك ] ، وَ عادَتِ الآلِهَةُ القديمَةُ إلى الضَجَرِ مِنَ الآلِهَةِ الجديدةِ ، وَ قَرّرَتِ [ تيامات وَ معناه تنّين البحر ] أنْ تَنْتَقِمَ لِزَوْجِهَا ، فَوَلَدَتْ جَيْشَاً هائِلاً مِنَ الحيواناتِ المُرْعِبَةِ وَ سَلَّمَتْ قِيادَتَهُ إلى زَوْجِهَا الجديدِ الإله [ كَنْجو ] ، كَلَّفَتِ الآلِهَةُ مَرْدوكَ بالتَصَدّي لِتياماتٍ، فانْتَصَرَ مَرْدوك عَلى تياماتَ وَ قَتَلَهَا، وَ سَجَنَ زَوْجَها كَنْجو، وَ عَادَ إلى جُثَّةِ تيامَاتٍ وَ فَصَلَها إلى شَطْرينِ، وَ رَفَعَ النِصْفَ الأوّلَ وَ شَكَّلَ مِنْهُ السَمَاءَ، وَ صَنَعَ الأرْضَ مِنَ النِصْفِ الثاني، وَ وَضَعَ الثلاثيّ [ آنو وَ أنيل وَ أيا ] في السَمَاءِ، ثُمّ صَنَعَ مَرْدوك النُجُومَ وَ الكَواكِبَ وَ حَدَّدَ الأَزْمِنَةَ، و الحقيقة هي: ( وَمَـا مِـنْ إلَـهٍ إلاَّ اللَّـهُ الـواحِـدُ الـقَـهَّـارُ رَبُّ الـسَـمَـاواتِ وَالأرْضِ وَمَـا بَيْنَهُـمَـا )[ ص 65 / 66 ] ، ( ذَلِـكُـمُ اللَّـهُ رَبُّـكُـمْ لاَ إلَـهَ إلاَّ هُـوَ خَـالِـقُ كُـلِّ شَــيْءٍ فَاعْـبُدوهُ وَهُـوَ عَـلـى كُـلِّ شَـيْءٍ وَكِـيلٌ )[ الأنعام 102 ] ، ( مَـا اتَّـخَـذَ اللّـهُ مِـنْ وَلَـدٍ وَمَـا كَـانَ مَـعَـهُ مِـنْ إلَـهٍ إذاً لَـذَهَـبَ كُـلُّ إلَـهٍ بِمَـا خَـلَـقَ وَلَـعَـلاَ بَعْـضُـهُـمْ عَـلـى بَعْـضٍ سُـبْـحَـانَ اللّـهِ عَـمَّـا يَصِـفُـونَ )[ المؤمنون 91 / 92 ] .

(هَـمَـزاتِ الـشَـياطِـينِ)[المؤمنون 97] :

الـهَمْـزُ : هُوَ وَضْعُ الإنْسَانِ بِحَالَةٍ مِنَ التَهَوُّرِ وَ الغَضَبِ لأَدْنى سَبَبٍ ، أي ما يُعرف بالإنسَانُ العَصَبيُّ وَ سُوءُ الخُلُقِ : ( وَقُلْ أَعُـوذُ بِكَ رَبِّـي مِـنْ هَـمَـزاتِ الـشَـياطِـينِ ) [ المؤمنون 97 ] .

وَ يَعْمَلُ شَـيْطَانُ الجِـنَّ على عَكْسِ المَشـيْئـَةِ الإلـهيَّـةِ :

1 _ ( إنَّ اللّـهَ يَأْمُـرُ بِالعَـدْلِ وَالإحْسَانِ وَإيْتَاءِ ذِي القُرْبى وَيَنْهَى عَنِ الـفَحْـشَاءِ وَالمُـنْـكَـرِ وَالـبَغْـيِ)[ النحل 90]، (إنَّ اللّهَ لاَ يَأْمُـرُ بالـفَحْـشَاءِ)[الأعراف 28 ]، بينمـا الشيطان : ( وَمَنْ يَتَّبِعْ خُطُواتِ الـشَـيْطَان ِفَإنَّهُ يَأْمُرُ بِالـفَحْـشَاءِ وَالـمُـنْـكَـرِ)[النور 21]

2 _ ( اللّـهُ وَلِيُّ الـذينَ آمَـنُوا يُخْـرِجُـهُـمْ مِنَ الـظُـلُـمَـاتِ إلـى الـنُورِ )[ البقرة 257 ] ، بينمـا : ( وَالذينَ كَفَروا أَوْلِياؤُهُمُ الطَاغُوتُ يُخْرِجُونَهُمْ مِنَ النُورِ إلى الظُلُمَاتِ)[ البقرة 257 ] .

3 _( إنَّ اللّـهَ لَهَـادِ الـذينَ آمَـنُوا إلـى صِـراطٍ مُـسْـتَقِيمٍ )[ الحج 54 ] ، بينمـا : ( وَيُريدُ الـشَـيْطَانُ أنْ يُضِلَّهُـمْ ضَـلاَلاً بَعِيدَاً )[ النساء 60 ] ، ضَــلاَلاً بَعِـيدَاً : بِحيْثُ يُضِـلُّونَ غَيْرَهُمْ أيْضـاً .

الطـيّب لا يقول إلاّ الكلمات الطـيّبة

(الخـبيثات للخـبيثين والخـبيثون للخـبيثات )[ النور 26 ] :

قال تعالى في سورة النور المفروضة : (الخـبيثات للخـبيثين والخـبيثون للخـبيثات والطـيّبات للطـيّبين والطـيّبون للطـيّبات أولائـك مـبرّؤون مـمّـا يقولون )[ النور 26 ] ، يعتقد الكثيرون أنّ الآية الكريمة تتكلّم عن النسـاء و الرجال و علاقة الزواج بينهمـا ، فلو كان هذا التفسـير صحيحاً لتعارض مع قولـه تعالى : (ضـرب اللـه مثـلاً للّـذين كـفروا امـرأة نـوح وامـرأة لـوط كـانتا تحت عـبدين من عـبادنا صـالحـين فخـانتاهمـا ... وضرب الله مثـلا للّذين آمنوا امـرأة فرعون إذْ قالتْ ربّ ابن لـي عـندك بيتـاً في الجنّـة ونجّـني من فرعـون وعمـلـه )[ التحريم 10 / 11 ] ، إنّ الآية الكريمة في سـورة النـور تتحدّث عن [ الكلمات الطـيّبة ] و [ الكلمات الخبيثـة ] و ليس عن النسـاء ، و هـذا واضـح من نهـاية الآيـة : ( أولائـك مـبرّؤون مـمّا يقولون )[ النور 26 ] ، أي أنّ الإنسـان الطـيّب لا يقول إلاّ الكلمات الطـيّبة ، و الإنسان الخبيث لا يقول إلاّ الكلمات الخبيثة ، و قـد كانت الآيات السـابقة لهذه الآية تتحدّث عنْ [ قذْف المؤمنات المحصـنات ] ، و القرآن الكريم تحدّث في مواضـع أخرى عن [ الكلمة الطـيّبة ] و [ الكلمة الخبيثة ] ، فقال تعالى ( ألـمْ تـرَ كـيف ضـرب الله مثـلاً كـلمةً طـيّبةً كشـجرة طـيّبة .... ومثـل كلـمة خـبيثـة كشـجرة خـبيثة )[ إبراهيم 24 ] ، و قال : ( إلـيه يصـعد الكـلِم الطـيّب )[ فاطر 10 ] ، ( وهُـدوا إلى الطـيّب من القول )[ الحج 24 ] .

و الإنسـان إذا اعتاد على قول الكلمات الطـيّبة يكون [ طـيّباً ] ، و تكون لحظات موتـه هي لحظـات سـعادة ، قال تعالى ( الذين تتوفّاهـم الملائكـة طـيّبين يقولون سـلامٌ عليكـم )[ النحل32 ] ، لذلك أوصانا تعالى أنْ نقول للناس أحسن الكلمات فقال : ( وقـلْ لـعبادي يقولوا التي هي أحـسن )[ الإسـراء 53 ] ، فمن كان يريد أنْ تكون لحظات موتـه لحظات سـعادة عليه أنْ ينفّذ أمر الله تعالى و يقول للناس جميعـاً القول الحسـن فقال تعالى ( وقولوا للناس حسـناً ) [ البقرة 83 ] .

( اللّـهُ نُورُ الـسَـمَـاواتِ وَالأَرْضِ )[ النور 35 ] :

( اللّـهُ نُورُ الـسَـمَـاواتِ وَالأَرْضِ مَـثَلُ نُورِهِ كَـمِـشْـكَـاةٍ فيهَـا مِـصْـبَاحُ الـمِـصْـبَاحُ فـي زُجَـاجَـةِ الـزُجَـاجَـةُ كَـأَنَّهَـا كَـوْكَـبٌ دُرِّيٌ يُـوقَـدُ مِـنْ شَـجَـرَةٍ مُـبَارَكَـةٍ زَيْتُونَةٍ لاَ شَـرْقِيَّةٍ وَلاَ غَـربِيَّةٍ يَكَـادُ زَيْتُهَـا يُضِـيْءُ وَلَـوْ لَـمْ تَمْسَـسْـهُ نَـارٌ نُورٌ عَـلـى نُور )[ النور 35 ] ، مِـشْـكَـاةٍ : صُنْدوقٌ أوْ عِلْبَةٌ صَـغيرَةٌ ، زُجَـاجَـةِ : إشَارَةٌ للزُجَاجِ ، كَـوْكَـبٌ : الكوْكَبُ يَعْكُسُ الضَـوْءَ ، دُرِّيّ : يَعْكِسُ الضَوْءَ بِشَكْلٍ كَامِلٍ أي [ مرايا ] فَنَقُولُ : دَرَّ الضِرْعُ الحَليبَ ، وَ للّهِ دَرُّكَ : أيْ عَطَاءكَ ، مُـبَارَكَـةٍ : فيهَـا طَـاقَةٌ ، لَـوْ لَـمْ تَمْسَـسْـهُ نَـارٌ : لَيْسَ لَهَا دُخَـانٌ يُعِيقُ الانْعِكَاسَ عَلى المرآتَيْنِ ، نُورٌ عَـلـى نور : مُتَوافِقٌ بالمَوْجَـةِ لإعْطَاءِ طَـاقَةِ ضوئية قوية مثل أشعة الليـزَرِ القَويّـةِ .

( واللـه خَـلَـقَ كلّ دابّـة منْ مـاء )[ النور 45 ] :

أوضح القرآن الكريم أنّ كـلّ المـخلوقات [ عـدا الإنسـان ] قـدْ خضعتْ إلى : [ النـشوء و الارتقـاء ] لقوله تعالى : ( واللـه خَـلَـقَ كلّ دابّـة منْ مـاء فمنهُم مَـنْ يمـشي على بطنـه ومنهُم مَـنْ يمشي على رجـلين ومنهُم مَنْ يمشي على أربـع )[ النور 45 ] ، إذاً : الحياة بدأتْ [ مـائيّة ] ثُـمّ [ برْمـائيّة ] ثُمّ [ بريّـة ] ، بالنسبة لجميع المخلوقات ، و القرآن الكريم يُطـالبُ صـراحةً بدراسة [ علْم المستحاثّات ] ، قال تعالى : ( قُـلْ سيروا في الأرض فـانظروا كيـف بـدأ الـخلْق )[ العنكبوت 20 ] ، لكنّ المسلمين لـمْ يُنفّذوا هذا [ الأمْـر ] الإلهيّ ، وعندمـا قام [ الآخـرون ] بدراسة المستحاثّات و نفّذوا الآية الكريمة لكيْ يعرفوا كيْف بـدأ الخلْـق ، مثْل [ تشارلز داروين ] كفّــرناهُم ، إنّ الخـطأ عند [ تشارلز داروين ] أنّـه أدْخل الإنسـان في [ النشوء و الارتقـاء ] و جعلَ أصْـل الإنسان [ قـرْداً ] ، لكنّ القرآن الكريم يُوضح أنّ الإنسان خُلقَ مُنذ اللحظة الأولى [ كامـلاً ] ، فـلاَ حـاجة لتـطويره : (لقـدْ خلقْنـا الإنسان في أحسن تقْـويم )[ التين 4 ] ، و الحديث الشريف : [ إنّ الـله قـد خلـق آدم على صورتـه ][ رواه البخاري برقم 6226 ] ، و [ الهاء بكلمة - صورته - تعـود على آدم ] ، أيْ : أنّ اللـه خلقَ آدم على [ صورتـه التي ترونهـا عليـه الآن ، ولمْ يطـرأ عليه أيّ تغييـر في الشكْل.

 

كـلّ هـذا واللـه أعـلم.

Email