د. أحمد عمر هاشم يكشف أوراقه:

نافست أقران طفولتي على إفطار الصائمين

صورة
ت + ت - الحجم الطبيعي

«يرتبط شهر رمضان في ذاكرتي بأيام الطفولة في قريتي بمحافظة الشرقية شمال مصر، وتجهيز الإفطار للصائمين في الساحة الهاشمية التي كان يقصدها الفقراء وعابرو السبيل».

 بتلك الكلمات بدأ دكتور أحمد عمر هاشم أستاذ الحديث وعلومه، والرئيس الأسبق لجامعة الأزهر، حديثه عن أهم ذكرياته في شهر الصيام. وأشار إلى أنه كان يقضي الشهر الكريم كله في مسقط رأسه بعزبة الشيخ أبو هاشم التابعة لمركز الزقازيق بالشرقية، وأن قريته اشتهرت بإنجابها الكثير من العلماء حفظة كتاب الله والعارفين بسنة نبيه.

وعن طفولته الرمضانية قال: كنا نقضيه بالساحة الهاشمية بقريتنا، وتضم حجرات كبيرة للضيوف والغرباء، وكان أهل قريتنا يخرجون الإفطار للفقراء والمحتاجين وعابري السبيل، وكنت أنافس أقراني على المشاركة بتجهيز الموائد وجلب الأطعمة والمشروبات من البيوت.

والمنافسة على جذب الصائمين من الغرباء للإفطار أمر يؤشر على كرم أهل القرية وحسن استقبالهم للضيوف ومساعدتهم للفقراء والمحتاجين، وبعد الإفطار نذهب إلى المسجد لنتعرف على أحكام الصيام والوضوء والصلاة والعبادات، وذلك بين صلاتي المغرب والعشاء ثم صلاة العشاء والتراويح ونقضي معظم الليل في قراءة القرآن حتى صلاة الفجر في حلقات علم يشرف عليها كبار علماء الأزهر، وأثر ذلك في نشأتي وحبي لعلم الحديث وحفظ كتاب الله.

أول خطبة

وعن ذكريات الشباب، قال: «كانت عامرة بالروحانيات وخدمة دين الله، ومن أهمها أول خطبة جمعة في حياتي أديتها ارتجالاً كانت في رمضان وكنت يومها في أولى ابتدائي، وتعادل اليوم الإعدادية، وكانت عن التوبة، ويومها اصطحبت معي أحد زملائي وطلبت منه تذكيري إن نسيت شيئاً من أركان الخطبة، لكن كان فضل الله عليّ عظيماً، حيث أديتها بشكل مبهر، حتى أن أهالي القرية طلبوا مني أن أخطب كل الجُمع المقبلة.

عند وصولي إلى السنة النهائية بكلية أصول الدين رأيت في المنام أن النبي الكريم يطوف عند باب الكعبة وأنا أسير خلفه.. واستيقظت فرحاً مسروراً وحين رويت لأبي الأمر أخبرني بأن الله سيوفقني للسير على الهدي النبوي وأحقق نجاحاً كبيراً، ولم يمر سوى أسبوع واحد حتى تم اختياري ممثلاً للكلية لأداء فريضة الحج وهي أول مرة أؤدي فيها الفريضة، وهو من بركات رمضان».

وقال: كان والدي حريصاً على تربيتنا وتعليمنا دينياً، ونذرني، رحمه الله، لخدمة كتاب الله وسنة نبيه، وعند حصولي على الثانوية بمجموع كبير يمكنني من الالتحاق بأي كلية، أصر والدي على أن التحق بكلية أصول الدين. وعن أبرز عاداته في رمضان يقول أحرص على عدم النوم كثيراً..

فبعد صلاة التراويح ألقي عادة محاضرة أو ندوة، ثم أستريح قليلاً ثم أقوم لصلاة التهجد وأواصل الصلاة حتى مطلع الفجر، وبعدها أنام فترة قصيرة جداً لأني أحب بدء يومي مبكراً، وهذا ما ينبغي أن يتحلى به المسلم الصائم، لأن العمل هو الذي يسهل الصيام وليس النوم، ورمضان شهر عمل لا كسل.

دين ودنيا

ويرى هاشم أن رجل الدين أو العلم يجب أن تكون حياته للدين والدنيا، فالإسلام أمر بذلك. لذا لا أرى حرجاً في الاستماع للموسيقى، والمجردة دون فسق وفجور ليست حراماً، وأنا استمع لقصائد أم كلثوم الدينية وأعشق صوت الفنان محمد ثروت وقصائده الدينية.

وحول هواياته الأدبية، يشير أنه كتب أول بيت شعر وعمره 11 عاماً حينما كان بالابتدائية، وقدم ما كتب من أشعار لمدرس الخط، فشجعه على الاستمرار في كتابة الشعر والمواظبة على القراءة لتنمية موهبته وتكوين حصيلة لغوية تساعده في كتابة الأشعار ونظم القصائد.

ويتذكر أنه كتب أول قصة وعمره 12 عاماً، وكانت عاطفية اسمها نهاية أمل، ومسرحية أصحاب الجنة وهي شعرية كتبتها بالمرحلة الثانوية وتحكي قصة في سورة القلم، وعند سفره للعمل بإحدى الدول العربية قدمها للإذاعة وقدمت كمسلسل في رمضان.

وكشف هاشم أنه كان حريصاً على ممارسة الرياضة خلال فترة الشباب وبالتحديد في الشهر الكريم وفزت بإحدى بطولات المصارعة، ونلت المركز الأول على الجمهورية بإحدى مسابقات الجري، وكانت الرياضة تشغل حيزاً كبيراً من وقتي لإيماني بمقولة «العقل السليم في الجسم السليم».

زوج مثالي

وعن تفاصيل ارتباطه بزوجته قال: «حين أردت الزواج اخترت رفيقة حياتي بعد تفكير طويل وحكمت عقلي قبل عاطفتي فلابد أن يكون مع الإعجاب أمور أخرى مثل الأخلاق والكفاءة حتى لا يبوء الزواج بالفشل، وتربطني بزوجتي علاقة قرابة وكان بيننا إعجاب متبادل، حيث كنت أذاكر لها دروسها وانتهى الأمر بإتمام الزواج، ومن ثم اعتدت على مساعدة زوجتي في أمور البيت وتربية أبنائنا ومذاكرتهم. ورغم أني لا أجيد الطهي إلا أنني أساعد بأعباء البيت».

أولاد وأحفاد

الدكتور أحمد له ثلاثة أبناء.. محمد حاصل على دكتوراه في التخطيط الاجتماعي ويعمل مدرساً بالمركز الدولي الإسلامي للدراسات، ودعاء خريجة كلية الإعلام لكنها لا تعمل وإيمان خريجة كلية البنات بجامعة عين شمس.

ومن الأحفاد لدى هاشم ثمانية أحفاد يحرص على مساعدتهم في المذاكرة كما كان يفعل مع أبنائه، ويواظب في يوم اجازته على اللقاء بأحفاده واللعب معهم ويطالب أبناءه بشكل يومي على تشجيع الأحفاد على زيارته والسؤال عن أحواله، مشيراً إلى أن إنجاب البنات أفضل كثيراً من إنجاب الأولاد لأن البنت ـ وفقاً لكلامه ـ سلسة في التربية وموجودة داخل الأسرة وحنينة أكثر على أهلها.

وبسؤاله عن جديده في عالم الكتب، أكد هاشم أنه انتهى أخيراً من تأليف أكبر موسوعة للحديث الشريف يشرح فيها أكبر كتاب من كتب السنة وهو صحيح البخاري، استغرق في تأليفه 16 عاماً ويعيش أفضل أيامه لأنه يعتبر ذلك الكتاب أهم إنجاز علمي في مسيرته المهنية.

حروف وسطور

ولد في 6 فبراير عام 1941، وتخرج في كلية أصول الدين جامعة الأزهر عام 1961، ونال الإجازة العالمية عام 1967، عُين معيداً بقسم الحديث بكلية أصول الدين، نال الماجستير في الحديث 1969، والدكتوراه بالتخصص نفسه، وأصبح أستاذ الحديث 1983، وعميداً لكلية أصول الدين بالزقازيق عام 1987، ورئيس جامعة الأزهر في 1995.

Email