الجامـع الأمــوي.. درة دمشــق ومقصــد الصائميــن

ت + ت - الحجم الطبيعي

ما إن يحل الشهر الفضيل حتى يتحول الجامع الأموي إلى احتفالية دينية واجتماعية من خلال النشاطات والفعاليات التي تقام فيه، وتنقسم الأنشطة الدينية في الجامع الأموي إلى فترتين الأولى وخاصة بالسحور وفترة الإفطار. ونشاط السحور يبدأ قبل ساعة من موعد أذان الفجر بالإنشاد الديني، وقبل ربع ساعة من الفجر حيث الإمساك تليه تلاوة من القرآن الكريم ويختتم الفترة برفع اذان الفجر. والفترة الثانية هي الإفطار وتبدأ قبل موعده بنصف ساعة، بالحديث الديني من أحد رجال الدين في دمشق، ثم تقدم رابطة المنشدين بعض الإنشاد الديني ثم تلاوة من القرآن الكريم وعندما يحين موعد الإفطار تؤدي رابطة المنشدين أذان المغرب بطريقة جماعية، والأذان الجماعي ينفرد به الجامع الأموي دون الجوامع الأخرى والأذان الجماعي ابتدعه الشيخ عبد الغني النابلسي منذ نحو ثلاثمائة عام.

وفي السنوات الأخيرة بدأت تقام في باحة الجامع موائد الرحمن للفقراء والمحتاجين، وبذلك أصبح الجامع الأموي في رمضان موسماً من مواسم الخير، وأصبح لرمضان فيه تقاليد ينتظرها الناس من رمضان إلى رمضان. ويصل عدد من يتناولون وجبة الإفطار بالمسجد الى الآلاف، وتكون منظمة بشكل دقيق، وبهذا يتحول الجامع الأموي على مدار الشهر الكريم يعتكف الصائمون فيه، منهم من يقضي الشهر بطوله، ومنهم من يتعاون على السحور، فكل واحد يأتي بسحوره ليكون جماعياً أيضاً.

ويقع المسجد الأموي في قلب دمشق القديمة الملاصق لسوق الحميدية الشهير، ويعتبر من أقدم وأجمل وأكمل آبدة إسلامية لاتزال محافظة على أصولها منذ عصر مُنْشِئها الوليد بن عبد الملك الخليفة الأموي الذي حكم في سنة 96 هـ وخلال حكمه كان منصرفا إلى الإعمار والإنشاء في البلاد الإسلامية، وكان بناء الجامع في عاصمة دولته دمشق من أكثر الأمور أهمية، ولقد استعان في بنائه بالمعماريين والمزخرفين من أهل الشام، وخصص له الكثير من المال وأمر أن يكون أفضل المباني وأفخمها وكان له ذلك.

فأصبح جامع دمشق الكبير أهم بناء في الدولة الإسلامية. لقد قام الأمويون ببناء المسجد وجعله جامعا يليق بعاصمة دولتهم الأموية فقاموا بتوسعة باحاته وتجميله بالنقوش والفسيفساء والزخارف وزين بأفخم وأجمل الفوانيس وغيرها، وكذلك فعلوا في مدن أخرى مثل: المدينة المنورة وحلب والقدس. تبلغ مساحة المسجد كله 15797م وتبلغ مساحة الحرم 13637م أما مساحة الصحن فهي 22.560م ويتوسط مدينة دمشق وللجامع أربعة أبواب، باب البريد من الغرب وباب جيرون من الشرق وباب الكلاسة من الشمال وباب الزيادة من الجنوب وينفتح من داخل الحرم.

أما حرم المسجد فهو مؤلف من قناطر متشابهة عددها 24 قنطرة تمتد عرضا موازية للجدار القبلي، يقطعها في الوسط جناح متوسط يمتد من باب الجبهة الرئيسي وحتى المحراب. ويغطي هذا الجناح المتوسط سقف سنمي في وسطه تنهض قبة النسر المؤلفة من قبة نصف كروية من الخشب المصفّح، ومن قبة ثمانية تنفتح فيها 16 نافذة، وترتفع القبة عن أرض الجامع 45م وهي بقطر 16 مترا.

في حرم الجامع أربعة محاريب، المحراب الأصلي في منتصف الجدار القبلي. وهذه المحاريب مخصصة للمذاهب الأربعة. وفي أعلى جدار القبلة، تنفتح على امتداده نوافذ ذات زجاج ملون عددها 44 نافذة مع ست نوافذ في الوسط. ويقوم إلى جانب المحراب الكبير منبر حجري رائع. إن جميع الزخارف الرخامية المنقوشة في المحراب والمنبر وفي المحاريب الأخرى هي آيات فنية، صنعها المبدعون الدمشقيون الذين نقلوا فنونهم إلى أنحاء كثيرة من البلاد العربية والإسلامية. ولقد زينت جدران الحرم بالفسيفساء والرخام، وما زالت أقسام كثيرة من الفسيفساء الأموي قائمة في الحرم من الشمال إضافة للتزيينات الكثيرة.

Email