وَمِنَ الْمَعْزِ اثْنَيْنِ

الحيوانات وسوق المواشي بدبي, منطقة القصيص, دبي, 13يوليو, 2012, تصوير عماد علاء الدين

ت + ت - الحجم الطبيعي

المعز (بسكون العين وفتحها) من الأغنام، والأغنام من الأنعام، وقد خلق الله الأنعام، وسخرها لخدمتنا، وذللها وجعل فيها منافع كثيرة، نتغذى بلحومها، ونشرب ألبانها، ونستعمل أصوافها وأوبارها وأشعارها، والأنعام هي الإبل والبقر والأغنام (الضأن والماعز)، قال تعالى: (وَإِنَّ لَكُمْ فِي الْأَنْعَامِ لَعِبْرَةً نُسْقِيكُمْ مِمَّا فِي بُطُونِهَا وَلَكُمْ فِيهَا مَنَافِعُ كَثِيرَةٌ وَمِنْهَا تَأْكُلُونَ).

وقال تعالى: (وَمِنَ الأنعام حَمُولَةً وَفَرْشاً كُلُواْ مِمَّا رَزَقَكُمُ الله...)، ثم فصل الله تعالى ما أنعم به على الإنسان من بهيمة الأنعام فقال: (ثَمَانِيَةَ أَزْوَاجٍ مِنَ الضَّأْنِ اثْنَيْنِ وَمِنَ الْمَعْزِ اثْنَيْنِ...)، فذكر سبحانه الضأن والمعز، من كُلٍّ اثنين: الذكر والأنثى، ثم ذكر الإبل والبقر، من كُلٍّ اثنين: الذكر والأنثى، ثم ذكر من الإبل اثنين ومن البقر اثنين.

التقسيم العلمي

وذكر القرآن الضأن نوعاً، والمعز نوعاً آخر، هذا التقسيم يتوافق تماماً مع التقسيم العلمي للمعز والضأن في العلم الحديث، فكل منهما نوع مختلف عن الآخر، وهذا من الإعجاز العلمي للقرآن الكريم، ولم يرد ذكر (المعز) في القرآن إلا في هذا الموضع في معرض ذكر ما أنعم الله به على الإنسان،..

والإنكار على أهل الجاهلية من المشركين، الذين كانوا يحرِّمون بعض أصناف هذه الأنعام الأربعة على أنفسهم، ويحرمون بعضها على نسائهم دون رجالهم، وينسبون ما يدعونه من تحريم وتحليلٍ إلى الله تعالى، فأظهر الله الحق ووبخهم.

والمعْزُ والمِعْزَى هي ذَوَاتُ الشَّعْرِ مِنَ الْغَنَمِ، وواحده ماعز، وتجمع ماعز على: مَعِيز، وجَمْعُ المَاعِزَةِ: مَوَاعِزُ.

الماعز في كل مكان

والماعز منتشرة في جميع دول العالم، ساعدها في ذلك مقدرتها على التأقلم على المناخ الحار والبارد على السواء، كما أنها ترعى مختلف النباتات الصحراوية الشوكية والأشجار والحشائش الجافة، بخلاف الضأن والأبقار.

ويعيش الماعز في قطعان صغيرة أو كبيرة، في السهول والصحاري والمرتفعات والمناطق الجبلية، وهي من أوائل الحيوانات التي تم استئناسها من قبل الإنسان.

ويوجد نحو 210 أنواع من الماعز في العالم، وقُدِّر عددها بـ450 مليون رأس عام 2001م، ويبلغ إنتاج الماعز سنوياً من الحليب في العالم ما يقارب 4.5 ملايين طن.

فوائد الماعز

حليب الماعز ومنتجاته، من أكثر المواد الغذائية استهلاكاً في العالم، ويمتاز بقلة الدهون، وسهولة الهضم، مع ارتفاع القيمة الغذائية، ويُستفاد من شعر الماعز في إنتاج الألياف الناعمة التي تصنع منها المنسوجات والملابس الفاخرة التي تلائم الأجواء الباردة، كما يستعمل في فتل الحبال لصناعة الخيام والسجاد عند البدو الذين يسكنون الصحراء..

ويُستفاد من جلودها في الصناعات الجلدية المختلفة، وقديماً كان جلد الماعز يستخدم كأوعية ينقل بها الماء إلى البيوت، تسمى (القربة)، و(السقاء)، ويحفظ فيها ماء الشرب والسمن ونحو ذلك من السوائل، وما زالت تستخدم (القربة) في القرى لخض الحليب، واستخراج اللبن الرائب والسمن منه.

ويعد الماعز حيواناً اقتصادياً من الدرجة الأولى، فتربيته لا تتطلب الكثير من التكاليف، سواء بالنسبة إلى التغذية أو المسكن، وهو حيوان قوي يقاوم الأمراض، وتعيش الماعز عادة من 10 - 12 سنة، وقد تصل إلى 15 سنة.

كما أن الاهتمام بالثروة الحيوانية (خصوصاً الماعز)، أمر مهم في جانب تحسين صفات المنتج وجودته، بإيجاد سلالات لها قيمة اقتصادية عالية، وكل ذلك يؤدي إلى الاكتفاء الذاتي من الإنتاج الحيواني، ويفتح أبواب التجارة والرخاء.

بركة الماعز

عن أم هانئ رضي الله عنها، قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «اتَّخِذُوا الْغَنَمَ فَإِنَّ فِيهَا بَرَكَةً».

ومن بركة الماعز أنها تلد مرة كل (6-8) شهور، وتلد 1 أو 2 أو 3 أو أكثر، والأنثى من أولاد الماعز والغنم من حين الولادة إلى قريب الحول، يقال لها (العناق). عن جابر رضي الله عنه، أن النبي صلى الله عليه وسلم أطعم يوم الخندق ألف رجل من صاع من شعير وعناق. وقد ذكر بعض المفسرين في قوله تعالى: (وَأَنْزَلَ لَكُمْ مِنَ الْأَنْعَامِ ثَمَانِيَةَ أَزْوَاجٍ) أنها نزلت من الجنة، وفي الحديث الشريف:

«صلوا في مراح الغنم، وامسحوا رغامها، فإنها من دواب الجنة» رواه الطبراني. وعند البزار والخطيب: (أحسنوا إلى الماعز، وامسحوا عنها الرغام فإنها من دواب الجنة، ما من نبي إلا قد رعى)، قالوا: وأنت؟ قال: (وأنا قد رعيت الغنم).

زكاة الغنم

تجب الزكاة في الغنم «الضأن والماعز» إذا بلغت أربعين شاة فأكثر، وحال عليها الحول، ويضم بعضها إلى بعض في تكميل النصاب. «... وفي صدقة الغنم في سائمتها إذا كانت أربعين إلى عشرين ومائة: شاة، فإذا زادت على عشرين ومائة إلى مائتين:

شاتان، فإذا زادت على مائتين إلى ثلاثمائة ففيها ثلاث شياه، فإذا زادت على ثلاثمائة، ففي كل مائة شاة، فإذا كانت سائمة الرجل ناقصة من أربعين شاة واحدة، فليس فيها صدقة إلا أن يشاء رَبُّهَا». أخرجه البخاري. وكل ما أمرنا فيه بذبح الضأن يمكن للماعز أن يحل محله، ولكن الاختلاف في السن، فالجذعة من الضأن يحل محلها ثنية من المعز.

Email