نور من نور

الإستبرق.. لباس الجنة

ت + ت - الحجم الطبيعي

ذُكرت في العديد من الآيات كلمة «إستبرق»، وقد ذكره الله سبحانه وتعالى في سورة الكهف «يحلَّوْن فيها من أساور من ذهب ويلبسون ثياباً خضراً من سندس وإستبرق». والإستبرق هو لباس المؤمنين في الجنة، ولأهل الجنة عدة انواع لا تحصر ولكن اجملها واعلاها وافضلها هما السندس والاستبرق، وكل منهما من الحرير الأخضر، وتلك الثياب لم تنسج بل يأخذها اهل الجنة من اشجار على شكل ثمر فيتناولون منها الثياب وتكون على مقاسهم تماما وفيها بريق ولمعان.

الحرير الرقيق

وهذه الثياب في الجنة حريرية خضراء مزينة بأنواع الزينة، منها ما يكون من الحرير الرقيق وهو السندس ومنها ما يكون من الحرير الثخين وهو الاستبرق. ووصف بالخضرة لأنه اللون الوحيد الذي يجلب السرور على النفس والانتعاش في الفكر، وقيل؛ هي حكمة الله في خلق الاشجار والنباتات وليتناسب مع خضرة الجنة.

وهناك للمؤمنين من أنواع الحلي والزينة ما لا عين رأت ولا اذن سمعت ولا خطر على قلب بشر، يلبسون الأساور من الفضة والذهب واللؤلؤ على حسب ما يشتهون للزينة والتجمل تكريماً لهم كما كان الملوك في الدنيا تارة يلبسون الذهب وتارة يلبسون الفضة، ومن الممكن ان يجمعوا في زينتهم هذه الأنواع في وقت واحد.

والذهب والفضة محرم على الرجال لبسهما واستعمالهما في الدنيا، واما الاخرة فليس هناك شيء محرم لأنها دار تشريف كما ان الخمرة ابيحت لأهل الجنة، فكل ما تشتهيه نفوسهم يؤمن لهم من الشراب والطعام والمتعة الجنسية، كما قال تعالى «ولكم فيها ما تشتهي أنفسكم ولكم فيها ما تدَّعون، نُزُلا من غفور رحيم».

أهل الجنة

وقد وصفت سورة الإنسان نعيم اهل الجنة وما اعده الله للمؤمنين الابرار بسبب صبرهم على الطاعة وانفاقهم في سبيل الله ومراقبتهم لله تعالى في سرهم وعلنهم. وأعطاهم ما تشتهيه انفسهم والبسهم فيها ملابس الحرير. ونقف على بعض هذه النعم باختصار وإيجاز، «متكئين فيها على الارائك» اي الأسرة المزينة بفاخر الزينة من الدر والياقوت والستائر وبين الضلال الوارفة والقطوف الدانية والجو الرائق اللطيف.

دار السرور

وكذلك «لا يرون فيها شمسا ولا زمهريرا» لا يرون في الجنة حراً ولا برداً، لأن هواءها معتدل، فالجنة انوار تتلألأ، لا تحتاج الى شمس إو قمر إنما هي نسمات تهب من العرش تحيي النفوس وهي مزاج واحد دائم سرمدي لا يبغون عنها حولا لأنها دار السرور، وقد شبه ابن مسعود «رضي الله عنه» طقس الجنة كما بين طلوع الفجر والشمس.

علاوة على ذلك، قال تعالى «ودانية عليهم ظلالها»، اي صارت الأشجار فوقهم كالمظلة زيادة في نعيمهم وكمالا في راحتهم. «وذللت قطوفها تذليلا» اي يقطفون ثمارها دون عناء وتعب وتسلق وتعرض للأخطار، فهم يتناولون من ثمارها وقد تذللت لهم حتى ينالوها وان كان مضطجعين وكلما قطفت ثمرة في الحال صار مكانها أخرى.

المسك الأظفر

ضرب الله الكثير من الأمثال والدلائل التي تشير إلى عظمة الجنة وجمالها، حيث تسر اشجارها واغصانها الناظرين، ويعتبر تراب الجنة المسك الأظفر، والأقداح التي تدار عليهم «ويطاف عليهم بآنية من فضة وأكواب كانت قواريرا». ومن عجيب أمر هذه الأواني، انها تجمع بين بياض الفضة وصفاء الزجاج، فهي شفافة كالزجاج فقوارير الجنة من فضة لا تنكسر ولا تبلى.

كذلك شراب الجنة، يعد مذاقه رائعاً لا يمكن تخيل مدى لذته، وقال سبحانه وتعالى «ويسقون فيها كأسا كان مزاجها زنجبيلا عينا فيها تسمى سلسبيلا». والسلسبيل هو الماء العذب السهل الجريان في الحلق في طعم الزنجبيل ولكن ليس فيه لذعته، فهم في اسعد حال، فشرابهم في انية الفضة غاية الصفاء شفافة لم تعهدها الأرض وهي بأحجام مقدرة تقديراً تحقق الجمال والمتعة ممزوجة بالزنجبيل كما مزجت بالكافور.

Email