"عزيزة البثنة".. حازقة مهارات الأكلات الشعبية

صورة
ت + ت - الحجم الطبيعي

 

عزيزة زوجة وأم لتسعة أبناء ستة منهم بنين وثلاث بنات وجدة لعدد من الأحفاد، متزوجة منذ أكثر من 27 سنة، زوجها عبدالله سيف الحمر اليماحي، تقطن في منطقة البثنة بالفجيرة وهي من المناطق الجبلية التي تشتهر بمزارعها الخضراء المزروعة بأشجار النخيل والمانجو وجوها العليل في فصل الصيف، بوجود المياه المتدفقة في افلاجها ووديانها.

«البيان» زارتها في منزلها الذي يقع على قارعة الطريق بين المزارع والقلاع والجبال للتعرف على نمط حياتها البسيط بين أفراد أسرتها خلال شهر رمضان الكريم.. رن جرس الباب.. فتحت لنا عزيزة قلبها قبل باب منزلها لتستقبلنا بابتسامة ترحب بزيارتنا لها، عبارات تنم عن احترام الضيف وأداء واجبه.. فهي من الأشخاص الذين اعتادوا على ترك باب المنزل مفتوحا للضيوف دوما.. فتجد «الفوالة» المكونة من انواع عديدة من الفواكه الموسمية والقهوة العربية حاضرة لهم.. تعكس كرم الضيافة.

عزيزة مواطنة أربعينية تعشق التراث ومتمسكة بالعادات والتقاليد، يعرفها الجميع بحسن علاقتها وروحها المرحة وطيبتها، تجدها تصحو منذ ساعات الصباح الباكر للاستمتاع بيومها، لا تحبذ النوم لفترات طويلة تجد فيه مضيعة للوقت وهدرا للصحة، فالصباح وشمسه الساطعة يعطياها إشراقة جميلة تنير لها يومها وتمنحها الطاقة والحيوية لأداء مهمتها من إشراف على منزلها والجلوس مع عائلتها وزيارة جيرانها..

فالصباح الباكر بالنسبة لها بداية يوم جديد تحرص على النهوض والاستمتاع بخيوطه المشرقة الساطعة التي تبعث الدفء في المكان، حيث تحرص على ايقاظ افراد الأسرة لأداء صلاة الفجر مع احتساب الأجر والثواب.

النوم مُبكراً

تشير إلى أن حالها حال أهالي المناطق الجبلية فالهدوء والسكينة تشعر بهما فقط في ساعات الليل المبكرة، فأهالي المنطقة يفضلون النوم مبكرا، لكي يصحون عند الصباح الباكر، فتسمع أصوات الناس وصوت أقدامهم في الخارج وهم يهمون للذهاب الى مزارعهم او قضاء حاجياتهم، الامر الذي تصفه عزيزة بالمريح كون الشخص يعيش وسط الناس يشعر بهم ويشعرون به، فهو طابع يعكس الحياة في المنطقة وتقارب أهلها.

وتقول عزيزة ان لشهر رمضان ميزة خاصة عن بقية الشهور فهو شهر الصوم والعبادة والطاعات والتقرب الى الله، وأنها تقضيه بين عائلتها ومع زوجها في حملات العمرة والحج التي يديرها منذ سنوات، وهي تدعو دوماً بأن يمدها الله بالصحة والعافية لتكون حاضرة وتشهد اجواء هذا الشهر الكريم الذي يتضاعف فيه اجر الانسان، الذي يشعرها بالراحة ويقربها اكثر من الله عز وجل.

وتضيف عزيزة بأنها رغم عدم تعلمها الا انها حرصت دوما على تعلم تعاليم دينها الحنيف وتربت على عادات وتقاليد اصيلة علمتها الصواب من الخطأ، وزرعت بها عدة خصال حميدة ساعدتها في تكوين أسرة محبة متكاتفة وجيرة حسنة وصداقة متينة.

الاستغفار والدعاء

شهر رمضان شهر الرحمة والغفران، ففي هذا الشهر المبارك تقضي عزيزة يومها في الاستغفار باستغلال الساعات التي تقضيها في المطبخ في الذكر والتسبيح والدعاء.

وخلال فترة العصر تجلس خلف منزلها بالقرب من الموقد التقليدي الخاص بها وهو عبارة عن حفرة اسمنتية يوضع بداخلها الحطب مجهزة للطبخ في الهواء الطلق، وقد وضعت بجانبها صحن العجينة المعمولة من طحين البر وهو الدقيق الأسمر الذي يحتوي على النخالة وقيمته الغذائية عالية، لتستعد لتحضير خبز الرقاق المحلي، وبعد ان تتأكد عزيزة ان «الطوبي» قد سخن وهي صفيحة دائرية مصنوعة من الحديد السميك التي صنعت خصيصا للخبز، وضعت فوقها طبقة من العجينة حتى تحمر ثم تزيل الخبز الاسمر وتضعه في صينية كبيرة وتغطيه وتصنع قرابة 50-60 حبة تضيف عليها القليل من السمن البلدي وتجهزه من اجل مائدة الافطار، وتقول احيانا تصنع القروص المحلية المفضلة لدى العائلة التي تتكون من عجينة سميكة وتأكل بعدة طرق.

الأكلات الشعبية

وتضيف عزيزة انها تتفنن في صناعة الأكلات الشعبية وتشرف بنفسها على الاطباق التي تعد في منزلها التي تفضل اعداد بعضها على الموقد خاصة مرق اللحم البلدي والارز والهريس، فالحطب يضفي عليها نكهة خاصة ويجعلها تطبخ على جمراته لساعات طويلة يتركز فيها الطعم ليصبح طيب المذاق.

كما تسعد باللحظات التي يتبادل فيها الجيران الطعام بين بعضهم البعض وهي عادة قديمة اعتاد الاباء والاجداد القيام بها في وقت كان فيه الطعام قليلا، ومازال الناس يتمسكون بها، ولا تفضل عزيزة الاسراف في الطعام وتعده ليكفي حاجة افراد عائلتها، والباقي منه يترك لوجبة السحور التي تجتمع فيه العائلة لتناول الطعام استعدادا للصيام.

تقول عزيزة: ففي هذا الشهر المبارك نجتمع كلنا على مائدة واحدة محاطة بأكلات شعبية واخرى جديدة لإرضاء ذوق كافة افراد العائلة صغارها وكبارها فلا تكاد تخلو المائدة من اكلة الفريد باللحم او الدجاج واصبح وجود السمبوسة مهماً على السفرة في هذا الشهر الكريم لسهولة تناولها وطعمها الطيب، ولا ننسى المعكرونة والفطائر والشوربة التي يفضل تناولها الأطفال، والأهم من ذلك التمر واللبن اللذان يكونان حاضرين بقوة على المائدة، فالتمر سيد المائدة وبه يبدأ الإفطار.

صناعة التلي

تقضي عزيزة وقتها احيانا في صناعة التلي المكونة من ست بكرات من الخيوط الملونة لعمل شريط طويل من العقد الجميلة التي تستخدم فيما بعد في تزيين أكمام وياقات الأثواب والسراويل النسائية.

ودعتنا عزيزة بابتسامة بعد أن قضينا يوماً مليئاً بالحفاوة والترحيب.

صلة الرحم

تحرص عزيزة خلال شهر رمضان على الجلوس وقضاء يومها بين عائلتها وزيارة جيرانها خاصة بعد صلاة التراويح، ففيه يتزاور الاصدقاء ويجتمع الاهل والجيران فرحين بقدوم هذا الشهر الميمون الذي يضفي على الجو الاسري روحاً من الطمأنينة ويبعث في النفس الراحة والهدوء.

واصفة هذه الأوقات بالأجواء العذبة التي تزيل عن النفس همومها بالجلوس مع عائلتها واهلها وجيرانها بعد صلاة التراويح وتبادل الاحاديث الطيبة فيما بينهم، وتناول الحلويات الشعبية من خبيص وساقو ومحلا ولقيمات ومهلبية في جو يعكس الألفة والمحبة.

Email