إبراهيم التميمي: المحاماة أصابت زوجتيّ بالعدوى

  • الصورة :
  • الصورة :
صورة
ت + ت - الحجم الطبيعي

صباح كل يوم، أنتم على موعد مع تفاصيل حصرية لشخصيات تختلف في المسميات وتتحد في الإنجازات، نحاور لمساحة ثابتة؛ ضيفاً رمضانياً في موقعه، نتعرف منه على يوم رمضاني، وندقق في التفاصيل التي يؤديها على رأس عمله، ونعرج على صعوبات لا بد وأن تنغص بعض وقته، حتى نصل إلى مواقف وطرائف مُندسّة بين سطور العمل، تمنح صاحبها طاقة إيجابية نحو مزيد من المثابرة والجد والاجتهاد.

من منطلق أن «العمل عبادة». كل يوم ستجدون في هذه المساحة «شخصية ومهنة»، ندخل إلى ميدان عملها من باب رمضاني يُعنى بكل ما يحيط بواقعها المهني؛ نهاراً وقت الصوم أو ليلاً بعد الإفطار، المهم أننا نحاور مسميات مهنية لا تتشابه، لنجسد لكم قالباً صحافياً جديراً بالاهتمام، ففي كل يوم تجدون «شخصية ومهنة»، وهذه إحدى المهن التي طرقناها؛ فدخلت بابنا الرمضاني.

نستهل لقاءنا اليوم مع ضيف أمضى سنوات طويلة بين أروقة المحاكم، وعايش مشكلات لا حصر لها تتعلق غالباً بقضايا الأحوال الشخصية مثل الطلاق والخلع، إلى جانب القضايا الجنائية.

المحامي إبراهيم التميمي، قادنا خلال السياق التالي إلى أعماق وتفاصيل مهنته، لاسيما وأنه تولى قضايا كثيرة دافع خلالها عن المرأة، حتى أطلق البعض عليه في وسائل التواصل الاجتماعي صفة «نصير المرأة»، وذكر في هذا الصدد أنه ليس ضد الرجل، وإنما يسعى إلى معالجة المشكلة الأسرية قبل بلوغها مفترق الطريق «الطلاق»، منطلقاً نحو إرساء قواعد الحق والعدل ودفع الظلم برسالة المحاماة الأخلاقية.

تأثير واضح

وقال التميمي، إن مهنة المحاماة أثرت في حياته الخاصة، ويتجلى ذلك بوضوح عندما استهل قائلاً: أنا متزوج من امرأتين، وحينما أكون برفقة عائلتي، وأتلقى اتصالاً حول قضية ما، يستمع الجميع إلى حديثي بإنصات، وأصبحت زوجتي الاولى والثانية على علم ومعرفة بحقوق المرأة..

وعندما تستاء إحداهن، تخاطبني بصيغة القانون، فضلاً عن توجيه زوجتيَّ لصديقاتهما عند مواجهة مشكلات زوجية، وأكثر من ذلك تتحدثان بالمواد القانونية والحقوق بناءً على الحالة التي أمامهما، وعلى هذا النحو تبدأ كل واحدة تتحدث عما إذا كانت الحالة التي أمامها ستحصل على النفقة والحقوق الأخرى، كذلك عند توجيه النصح لأبنائي، أسرد قضايا الأحداث التي تورط فيها المراهقون.

إيقاع متشابه

ولفت التميمي إلى أنه مقصر مع نفسه في شهر رمضان، لأن إيقاع العمل متشابه نسبياً في هذا الشهر وسواه، إذ يغادر البيت عادةً بعد صلاة العصر، بينما في رمضان يغادره بعد تناول وجبة الإفطار مع أبنائه، أما في العطلة الأسبوعية فيراوح مكانه في البيت مع أفراد الأسرة. كذلك يحرص على تناول الأطباق الشعبية التقليدية أثناء وجبة الفطور، ولعل أهم الأخطاء في حياته عدم ممارسة الرياضة.

وأضاف التميمي إنه لا ينزعج من الصفة التي أطلقها البعض عليه «نصير المرأة»، ورد مازحاً «لا أستطيع الدفاع عن الرجل في قضايا الأحوال الشخصية»، نظراً لدفاعه المكثف عن المرأة، وسبق أن جاءه بعض الرجال لرفع قضايا ضد نسائهم، ويرفضها خوفاً من عدم إنصافهم في الدفاع، مؤكداً في الوقت نفسه ميوله للقضايا الجنائية مثل قضايا الاغتصاب والقتل وغيرها.

مواقف لا تنسى

وعرج في حديثه إلى مواقف لا تبرح الذاكرة، منها: امتعاض أحد الأزواج منه، واتهامه بأنه لا يسعى إلى الصلح، وإنما يسعى إلى الطلاق بين الزوجين، فطلب التميمي من القاضي أن يسمح له بمغادرة القاعة لفسح المجال أمام الطرفين للصلح، لكن لم تمض سوى دقائق قليلة حتى لحقت به زوجة الرجل لتقول له إن زوجها يوصف بـ«أبو الحريم»، ثم عاد إلى قاعة المحكمة وطلب من القاضي تحويل الزوج إلى النيابة..

فبرر الزوج موقفه بأنه لا يقصد ما يعني، وأن الزوجة تتعمد تأجيج الموقف، فصمت برهة ثم أعلن طلاقه غضباً، وكسبت المرأة القضية، موضحاً أنه عندما تتوجه المرأة إليه لطلب الطلاق يعرض عليها الصلح مع الطرف الآخر عن طريق قسم التوجيه والإصلاح الأسري.

وعايش التميمي الكثير من القضايا يرتدي بعض الأزواج فيها أقنعة زائفة، منها على سبيل المثال، تقديم زوج لزوجته خلال حفل الزفاف مجوهرات مقلدة، مبيناً أن المتسبب الأكثر في حالات الطلاق هو الرجل، وللأسف تتغير طريقة تعامل بعض الرجال بعد الزواج بصورة سلبية، وثمة نماذج كثيرة لأزواج يفاضلون علاقاتهم المشكوك فيها خارج البيت على الزوجة والأسرة.

موظفات متزوجات

وأضاف إنه بالرغم من مثول حالات لموظفات متزوجات ينفقن الراتب الشهري في شراء الاكسسوارات والحلي ونحو ذلك من مظاهر الزينة، إلا أنه في المجمل تبدو المرأة الإماراتية «قنوعة»، ويعد اللهاث خلف المظاهر من المشكلات التي أنهت حياة المتزوجين.

أما الرجل، فيدعي الفقر حيناً، بينما يبذر ماله خارج البيت على أشياء غير مهمة، مشيراً إلى أن أبرز الأخطاء الشائعة للموجه الأسري في قسم الاصلاح والتوجيه الأسري، ممارسة الضغط على المرأة بالمبالغة في ذكر حقوق للرجل، في حين يتطلب الواقع منهم المزيد من الشفافية والوضوح. وطالب التميمي في هذا السياق، ابتعاد العائلات والأسر عن الإسراف في حفلات الزفاف الخاصة بالنساء..

والابتعاد أيضاً عن تنظيم حفلات عقد القران الضخمة التي تسبق حفل الزفاف، مشيراً إلى أن أحد الأزواج أنفق خلال حفل زفافه مليوناً ونصف مليون درهم، ثم طلبت الزوجة الطلاق، وذهبت جميع التكاليف أدراج الرياح، لذلك حري بالعائلات والأسر تبسيط حفلات الزفاف قدر المستطاع كي لا تكون خسارة الزوج كبيرة إذا طلبت الزوجة الانفصال.

الرجل والطلاق

إصرار المرأة على الطلاق غالباً ما يكون بسبب ظلم الرجل، وقانون الأحوال الشخصية شدد على ضرورة الطلاق إذا لم تتمكن الزوجة من الاستمرار مع الزوج، وقد تؤكد الآية القرآنية «وإن خفتم شقاق بينهما فابعثوا حكماً من أهله وحكماً من أهلها»..

وتفسير الآية أن مجرد الخوف من الشقاق يجب أن ترسل أحداً، لكن القضايا التي تصلنا بلغت ذروتها في الشقاق، بدليل تبادل الزوجين الشتائم والاتهامات، ومحكمة النقض قالت إنه بمجرد اعتراف المرأة بأنها كرهت الرجل، ولا تطيق العيش معه، هذا هو الشقاق بعينه.

وأردف التميمي «قانون الأحوال الشخصية، وضع أوجها عدة للطلاق، منها الخلع الذي رفض القانون فيه تنازل المرأة مقابل الحضانة أو النفقة، وثمة خلع آخر بيد القاضي، وفيه على سبيل المثال تعرض الزوجة على زوجها مبلغ 10 آلاف درهم، ويطلب الزوج 100 ألف درهم، حينها يحدد القاضي مبلغا مناسب للطرفين قيمته 30 ألف درهم ويطلقهما، وهذه من الحالات النادرة لدينا».

»انستغرام«.. صور و طلاق

يبدو أن معظم المشكلات الرئيسية لحالات الطلاق، حسب ما أوضح التميمي بسبب وسائل التواصل الاجتماعي الحديثة واكتشاف الزوجة لعلاقات الرجل مع النساء أو العكس، ويجب على الرجل أن يكون حريصاً على حياته الأسرية، وهذه المشكلات لا يحلها القانون أو عدم الطلاق، بل تحتاج إلى جهات اجتماعية ونفسية تعالج هذه الخلافات..

مضيفاً إنه تلقى اتصال حيناً من امرأة تبكي لأن زوجها ضربها وشتمها وأخذ أبناءها وطردها من البيت نتيجة متابعتها لآخرين عبر «الانستغرام» وإعجابها بصور مستخدمين آخرين، لذلك نصح التميمي بالتقليل من استخدام وسائل التواصل الاجتماعي بما ينفع والحذر لأنها وسائل ذات حدين.

سنوات الدراسة في مصر أجمل أيام حياتي

عاش التميمي طفولة تنقل خلالها بين الإمارات والسعودية والبحرين، إذ انتقل من الإمارات إلى السعودية برفقة عائلته، وتلقى تعليمه في المرحلة الابتدائية، ثم انتقل إلى البحرين التي لم يمكث فيها طويلاً.

ودرس فيها في مدرسة «أم الرمان»، ثم استقر مع عائلته في قطر حتى أنهى المرحلة الثانوية، ليلتحق بعد ذلك بالمعهد الديني الذي يشتمل على المرحلتين الإعدادية والثانوية، برفقة أسماء إماراتية مشهورة مثل شبيب المرزوقي، أمين جامعة الإمارات السابق، وجمعة البواردي وماجد الخزرجي، وفي الابتدائية درس برفقته الدكتور عبدالغفار محمد غفور، الوكيل المساعد لوزارة الصحة الأسبق.

وأضاف أن جميع أفراد أسرته سبقوه في العودة إلى أبوظبي، ولحق بهم بعد إنهاء دراسته، وقدمت حكومة دولة الإمارات له بعثة دراسية إلى سوريا، لكنه أصر على الذهاب إلى مصر، وحصل على مراده، ومن بين الأسماء التي عاصرها في تلك الفترة من دولة الإمارات الفنان عبدالله بالخير، والفنانان التشكيليان حمد السويدي ومحمد يوسف، إضافة إلى الفنان علي عبدالستار من دولة قطر الذي رافقه سابقاً في المعهد الديني.

لحظة لا تنسى

وصف التميمي دراسته في مصر بأنها أجمل اللحظات، وتمكن في تلك الفترة من تنظيم نشاط مشترك مع السفارة الإماراتية في مصر، لإقامة نادٍ للطلبة الدارسين بالتنسيق والتعاون مع الملحق الثقافي في تلك الفترة سيف ساعد، مستعيداً موقفاً لا يبرح ذاكرته، وهو سقوطه من بلكونة الطابق الأول للبناية التي يسكن فيها، نتيجة مزاح عفوي بدر من أصدقائه، وقد أصيب بكسور عدة، نُقل بسببها إلى ثلاثة مستشفيات، وأدى الامتحان في المستشفى.

درس التميمي الشريعة والقانون في الأزهر، وأنهى دراسته خلال خمس سنوات، والتحق بالعمل بعد عودته في ديوان المحاسبة، ونظراً إلى روحه القانونية، جمع بين المحاماة والوظيفة مدة خمس سنوات، ليواجه صعوبة التوفيق بين الاثنتين، ما أدى إلى تفرغه للمحاماة لاحقاً، فكان محباً للقضايا الجزائية وقضايا الأحوال الشخصية، مشيراً إلى أنه في البداية كان يفتقر إلى المهارة في الجلسات القضائية، ويحرص على تقليد حركات المحامين في الأفلام المصرية القديمة، ويستقي طريقة وأسلوب المحامين في الجلسات المبكرة، حتى أصبح متمكناً من المهنة.

وفي ما يتعلق بالمحاماة، ذكر التميمي أنه انشغل حيناً بالاهتمام بقانون الأحوال الشخصية، وكثيراً ما كانت النساء يطالبن بالقانون، إذ كان ضد ذلك، وكلفت لجنة لدراسة مشروع قانون الأحوال الشخصية برئاسة محمد حمد البادي وكيل وزارة العدل حالياً، ثم تشكلت لجنة أخرى برئاسة الدكتور أحمد الكبيسي، وتضم الدكتور محمد عبدالرحيم سلطان العلماء، عضو هيئة كبار العلماء في دبي..

والقاضي الدكتور حسن الحمادي، وكوكبة أخرى من الأسماء، مشيراً إلى أنه عارض بعض النقاط، وكتب رسالة إلى سمو الشيخة فاطمة بنت مبارك، رئيسة الاتحاد النسائي العام، الرئيسة العليا لمؤسسة التنمية الأسرية، رئيسة المجلس الأعلى للأمومة، تتضمن بعض الملاحظات، وقال البعض إن سمو الشيخة فاطمة بنت مبارك استهجنت حق احتضان الزوج للبنت البالغ عمرها نحو 13 عاماً، في حين أن البنت أحوج ما تكون إلى والدتها في هذه السن.

Email