عبدالله مريد:

العمل في النيابات والمحاكم تطور سريعا

  • الصورة :
  • الصورة :
  • الصورة :
صورة
ت + ت - الحجم الطبيعي

هي حكاية نستعيد منها الماضي، ونتشارك فيها البدايات. نتقاسم معها القدم، ونتجلى معاً أحلى الذكريات. مع قدامى عاشوا الماضي وعايشوا الحاضر ولا يزالون. سنواتهم عامرة بالعطاء، وأيامهم زاخرة بالمواقف والذكريات. لديهم المزيد دوماً.. حكاياتنا في رمضان قصصٌ تستحق أن تُحفظ في ذاكرة التاريخ، وتوثيقٌ يصلحُ للحاضر ويزهو حتماً في المستقبل، حكاياتنا فيها عبرة وقدوة للأجيال، ولها سطوة في سجل الطموح، حكاياتنا مع الماضي تحمل من التشويق الكثير، ومن الصبر والإصرار والطموح ما هو أكبر، حكاياتنا تزودنا كل يوم بمواقف ثرية ونماذج فريدة من العطاء. حكاياتنا تستحق التوقف والإمعان، وتفرض قصراً التقدير والاحترام.. لكل يوم حكاية، واليوم هذه حكايتنا.

خبرة تفوق الخمسة وعشرين عاما بالعمل النيابي والقضاء في وزارة العدل، يتابع عبدالله مريد عبدالله بمقدرة عالية ومعرفة عميقة مكنته من بث روح جديدة في أروقة نيابات ومحاكم الشرقية، ويتابع في مسيرة امتدت لـ 40 عاما من الحراك التنموي. ضيفنا من جيل الوافدين الأوائل قدم من مصر موطنه وعاصر نهضة الاتحاد. في البلد الذي فتح له ابواب جميع المجالات.

حضر إلى الإمارات وعمره لا يتجاوز الـ 25 سنة، وذلك في شهر مايو عام 1985 محاسبا في إحدى الشركات البترولية في العاصمة أبوظبي لمدة أربعة شهور. ومن محاسب انتقل للعمل ككاتب في نيابة خورفكان، ثم نيابة الفجيرة لمدة ستة أشهر، لكنه عاد للعمل بنيابة خورفكان حتى عام 2008.

تنقل بين وظائف إدارية في أماكن عدة بمدن المنطقة الشرقية لمدة 4 سنوات متتالية، وبعد كل مرة يعود للعمل في نيابة خورفكان، والتي هو فيها اليوم.

يقول: "ولدت في مدينة بني سويف بمصر بتاريخ 25 مايو 1959. وأنا الابن الأكبر لـ 6 أشقاء من الذكور والإناث. كنت متفوقا دراسيا، تخرجت من المدرسة الثانوية التجارية قسم المحاسبة والحسابات الحكومية عام 1981.

فرص عمل وفيرة

جئت الدولة بناء على نصيحة من خالي الذي سبقني بالعمل قبل أكثر من 4 سنوات، وقد سهل لي إجراءات السفر والسكن. بداية قدومي إلى الإمارات عملت محاسبا في إحدى شركات البترول في أبوظبي، أثناء ذلك فكرت بتجربة عمل آخر، نظرا لوفرة فرص العمل، وفي مختلف المجالات وفي جميع إمارات الدولة، لكون عجلة التنمية تسير بوتيرة متسارعة وبخطوات واسعة.

فقدمت في وزارة العدل وأجريت امتحانا واجتزته فتم تعييني في نيابة خورفكان، لانتقل بعدها للعمل في نيابة الفجيرة لمدة 6 أشهر. ومن ثم عدت للعمل في نيابة خورفكان حتى عام 2008. تدرجت من وظيفة كاتب إلى كاتب قضائي، ونلت ثلاث ترقيات، وكرمت ثلاث مرات من قبل وزير العدل والنائب العام ورئيس النيابة العامة، إلى جانب أني حصدت العديد من الجوائز وشهادات التقدير من الأقسام والجهات التي عملت بها. وفي شهر مايو الماضي أكملت ثلاثين عاما في الإمارات.

التنمية الشاملة

بمقارنة العمل النيابي في الدولة بين الأمس واليوم، واستمراري في العمل حتى هذا الوقت، أؤكد أن تطوره عملية مستمرة منذ قيام الاتحاد على يد مؤسسها الشيخ زايد (رحمه الله) إلى وقتنا الحاضر. كما ان التحديث يسير بخطوات متسارعة من التطوير وبالأخص الكترونيا، مما أدى إلى زيادة فاعلية النيابات والمحاكم، وقدرتها على مواكبة التطور وتعزيز دورها لمساندة القطاعات المختلفة لتحقيق التنمية الشاملة.

حديث الزواج

عندما حضرت إلى الدولة لم يكن مضى على زواجي شهر، فشعرت بالغربة والحزن الشديد، ولكن هدف الارتقاء بوضعي المعيشي دفعني للعمل بجد واجتهاد. بعدها جلبت زوجتي لتستقر معي، فولد ابني البكر(علي) في عام 1987، ثم أنجبنا له ثلاثة أشقاء حتى العام 1996. قبل أن تعود الأسرة إلى مصر في العام نفسه. وينضم إليها حمدي ومسعود آخر العنقود.

أول يوم

من أطرف ما أتذكره لبداياتي الأولى في مدينة خورفكان، هو أول يوم قدمت به إلى هذه المدينة بسيارة أجرة، حيث سكنت مع مدرس، وبما أني كنت متعبا من الطريق غفوت في نوم عميق واستيقظت على موعد أذان العشاء، فنهضت وتوضأت وخرجت للمسجد للصلاة، وعند خروجي من المسجد للعودة للسكن لكنني تهت ولم أعرف طريق العودة الى المنزل، ولم أفلح في تذكر أي معلم يرشدني أو علامة ترشدني إليه لكوني كنت متعبا من السفر. وبقيت تائها حتى عثر عليّ شخص يعيش في المبنى نفسه الذي أقطن فيه.

مواجهة مع أصعب موقف

البدايات عادة صعبة، ولعل أصعب موقف واجهني هو عندما عُينت وجئت للمنطقة، وكان عمري لم يتجاوز الخامسة والعشرين عاما، ولم يكن هناك الكثير من الموظفين حيث كانت نسبة الموظفين الوافدين 3 من إجمالي عدد 15 موظفا، وبقيت أقوم بأدوار وظيفية كبيرة "موظف شامل" مما أجهدني لكون الدولة عموما، والعمل النيابي والسلك القضائي في تطور وتوسع مستمر ومتسارع. إلى جانب أن المواصلات كانت متواضعة، فكان صديقي وزميلي في العمل "محمد سالم العبد" يقلني معه بمركبته إلى العمل.

الصيد من عرض البحر

إلى جانب عملي الرسمي أتيح لي في هذا البلد ممارسة هواياتي، ومنها متابعة التلفزيون والفضائيات، إلا أن أهم هواياتي وربما هي الوحيدة "صيد السمك"، وأمارسها بشكل يومي لمدة ساعة أو ساعتين فترة بعد العشاء. هذه الهواية تمثل أمرا عزيزا لأنها أول مهارة اكتسبتها فور قدومي إلى خورفكان وتعلمت أساليبها، والذي زاد من تعلقي بها ارتباطي بالمرحوم "سعيد بن ربيع" الذي كنت أرافقه يوميا في رحلاته البحرية، ونمارس الصيد في عرض البحر.

قدومي إلى الإمارات نعمة تستوجب الشكر لله، أن متعني بها، لأن من يعمل في هذا البلد الطيب لا يسعه تركها، وبجولة بسيطة بين مناطق المدن سنرى أن غالبية الوافدين من الجاليات المختلفة كانوا ومازالوا هنا منذ سنوات ليست قليلة، كما أن من يعمل هنا يعشق أهلها بسبب تعاملهم الانساني النبيل والنموذجي مع غالبية الأشخاص.

 

قرار حاسم

 

من أبرز القرارات التي اتخذتها ولا تزال عالقة في ذهني هو قرار قدومي إلى الدولة للعمل، وهو القرار الذي لم أندم على اتخاذه في حياتي مطلقا. لقد عملت في هذا البلد الطيب بلا كلل أو ملل، وطالما بقي فيَّ عرق ينبض بالحياة. فإنني بعد خمس سنوات من الآن سأعود إلى بلدي الأم "مصر" لأفتتح مشروعي الصغير إما "سوبر ماركت" أو شركة تختص بالزراعة وتربية الحيوانات.

Email