"فرن الأسعار" يشوي آمال محدودي الدخل في لبنان

  • الصورة :
  • الصورة :
صورة
ت + ت - الحجم الطبيعي

 في خضمّ حالة القلق الأمني التي تُخيّم على لبنان، معطوفةً على مشكلة الكهرباء المقطوعة والتقنين القاسي الذي حوّل الصيف إلى «فرن حقيقي»، وفي ظلّ الأوضاع المادية الصعبة التي يعيشها الجميع، خاصة أصحاب الدخل المحدود، مع ارتفاع البطالة إلى 21%، والمعطيات تنبئ باستعدادات التجار لزيادة إضافية للأسعار. والسوق المحلية منقسمة بين محتكرين وتجّار برقابة هامشية، «تتضامن» المصاعب في حمأة الصيف، لتجعل من الصيام في لبنان مغامرة حقيقية!

وفي الوقت الذي لا يزال فيه الحدّ الأدنى للأجور 675 ألف ليرة، فإن كلفة إفطار رمضاني متواضع لعائلة مكوّنة من خمسة أشخاص تتراوح حالياً بين 60 و75 ألف ليرة، ومعدّل أسعار إعداد إفطار لعائلة محدودة، يشمل الفتّوش، الشوربة، الطبق الرئيسي، العصير والفاكهة والحلويات، يتطلّب الفتّوش 10 آلاف ليرة، شوربة العدس وربطة الخبز والحلويات 5000 ليرة، الطبق الأساسي..

كاللحمة المشويّة أو اللحمة مع الأرزّ أو الخضار، قد تصل كلفته الى 45 ألف ليرة، وعصير الجلاب، الذي لا يقلّ سعر الـ«غالون» منه عن 10 آلاف ليرة، والفاكهة لا ترحم بأسعارها المرتفعة فكيلو الموز بـ2000 ليرة، والكرز 5 آلاف ليرة، والتفاح 3000 ليرة، وعليه فإن كلفة إفطار متواضع لعائلة محدودة بين 60 و75 ألف ليرة يومياً، أي حوالي مليونين و250 ألف ليرة طيلة رمضان، والكلفة لا تشمل وجبة السحور، وهي نحو 15 ألف ليرة يومياً، لو اقتصرت على المناقيش أو الأجبان والألبان وإبريق الشاي فقط.

نار على نار

«أسعار الخضار والمواد الغذائية نار على نار، كالطقس الحار»، هكذا تقول ربّة المنزل سعدى،«لا أحد يحمينا منها النار أو يسأل عن همومنا ومعاناتنا التي تزداد في رمضان نتيجة متطلباته الكبيرة، في غياب الرقابة على الأسعار.. ونحن مضطرّون لشراء ما يلزمنا من الفاكهة والخضار مهما كان الثمن، وليس باليد حيلة»..

وفي الأيام الأولى، أجبرتنا الظروف على الخضوع لتقنين لم نألفه من قبل في شراء المستلزمات والحاجيات، والاستغناء عن الكثير من الأطباق التي كانت تعتبر من عادات وتقاليد رمضان، فالأمر يحتاج ميزانية خاصة من شأنها أن ترهق الطبقات الغنية، فكيف إذاً بالطبقات الوسطى والفقيرة، وتلك التي هي تحت خط الفقر، ولا حول لها ولا قوة.

إذن، هي حكاية «إبريق الزيت» تتكرّر هذا العام في لبنان عبر زيادات جديدة على أسعار المنتوجات الزراعية من خضار وفاكهة، مرفقة بتوجيه صرخة من اللبنانيين للمسؤولين في الإدارات المعنية بقطاعات المراقبة، من أجل أن يرفعوا من نسبة المراقبات والدوريات على الغذاء في شهر رمضان المبارك، في بلد لا تشهد فيه الأسعار انخفاضاً، بل تشهد ثباتاً أو ارتفاعاً فقط، بسبب غياب تنظيم السوق، على اعتبار أن فيه اقتصادا حرّا ووكالات حصريّة، ما يعزّز الاحتكارات ويؤدّي إلى ارتفاعات غير مبرّرة في الأسعار. وتقوم جمعية حماية المستهلك بمراقبة ومتابعة الأسعار في المتاجر على قدر إمكاناتها، الا انها غير قادرة على ضبط كل المتاجر.

في المقابل، يتلخّص تبرير بائعي الخضار بالقول إن الأسعار ترتفع في الشهر الكريم، بسبب الطلب الكبير على المنتجات الزراعية. وذلك ما يؤكده مسؤولو برنامج الجودة في وزارة الاقتصاد، باعتبار ان أوضاع المنطقة تفرض زيادة على الأسعار، بسبب غياب المنافسة الخارجية ولضعف الاستيراد والتصدير، في حين أن القانون يمنع وزارة الاقتصاد من توحيد الأسعار ويجبر التاجر على تحديد السعر بنفسه، وتبقى القضية مسألة «عرض وطلب»!

الفواكه متوفرة والأمور متعثرة عرض وطلب

يبرر بائعو الخضار ارتفاع الأسعار بسبب الطلب الكبير على المنتجات الزراعية. وذلك ما يؤكده مسؤولو برنامج الجودة في وزارة الاقتصاد، باعتبار ان أوضاع المنطقة تفرض زيادة على الأسعار، بسبب غياب المنافسة الخارجية ولضعف الاستيراد والتصدير، والقانون يمنع توحيد الأسعار والتاجر يحدد السعر بنفسه، والقضية مسألة عرض وطلب.

Email