موسى بن نصير الفاتح الذي لم تُهزم له راية

ت + ت - الحجم الطبيعي

موسى بن نصير بن عبد الرحمن بن زيد ولد زمن عمر بن الخطاب سنة 19 هـ في قرية كفر مثري بالجليل في فلسطين الشام، فاتح بلاد الأندلس وأحد الذين غزو البر الأفريقي في خلافة عبد الملك بن مروان، متابعاً الغزو والفتح في خلافة الوليد بن عبد الملك.

الدكتور عبد الحليم إبراهيم حسن، كبير وعّاظ في دائرة الشؤون الإسلامية والعمل الخيري في دبي، يحدثنا عن هذا القائد المظفر:

أرسل موسى مولاه طارق بن زياد لغزو إسبانيا، ثم لحق به متوغلاً في تلك البلاد، ليعود ومعه مولاه طارق إلى الشام بمكاسب ومغانم عظيمة، مرسياً لأول مرة قدم الإسلام في تلك البلاد الغربية النائية، والغريب في الأمر أن نهاية هذا الفاتح العظيم انتهت بالغدر به فعاش مشرداً مختفياً وكأنه لم يكن ذلك القائد العظيم.

أجل، لقد دخل الإسلام إلى بلاد الشمال الأفريقي قبل فتح الأندلس بسبعين سنة أي سنة 22 هـ وكانت تسكن هذا الإقليم قبائل قوية، وقد ارتدت عن الإسلام أكثر من قبيلة، إلى أن انتهت الأمور باستقرار الإسلام في هذا الإقليم عام 85 هـ وقد كان موسى بن نصير القائد البارع التقي الورع هو الذي ثبَت الله به الإسلام في هذه المنطقة المترامية الأطراف، أما أبوه فهو نصير، فقد قال عنه ابن خلكان: كان عاقلاً كريماً شجاعاً ورعاً تقياً لم يهزم له جيش قط .

وبلغ في الرتب مكانة عالية في عهد معاوية حين كان والياً على الشام، وقد روى التاريخ شجاعة أم موسى، فلقد شهدت هي أيضاً جولة من جولات اليرموك التي تقهقر فيها المسلمون، أبصرت أم موسى رجلاً من كفار العجم يأسر رجلاً من المسلمين تقول: فأخذت عمود الفسطاط ثم دنوت منه فشدخت به رأسه.

تربى موسى بن النصير في كنف القادة قريباً من بيت الخلافة مع أولاد معاوية وأولاد الأمراء والخلفاء، فنشأ على حب الجهاد في سبيل الله ونشر الدين حتى أصبح شاباً يافعاً تقّلد الرتب والمناصب وغزا قبرص في عهد معاوية وأنجز ما عجز عنه من قبله إذ نظّم القوات الإسلامية في المغرب، وحين اشتد القحط أمر الناس بالصوم والصلاة وإصلاح ذات البين، ثم صلّى وخطب ودعا فسُقوا حتى رووا.

وقد نجح في فهم أسباب الردة إذ رأى أن من سبقه كانوا يفتحون البلاد فتحاً سريعاً ثم يتوغلون داخلها دون أن يوفروا الحماية لظهورهم وهذا ما حصل لعقبة بن نافع، فبدأ موسى يتقدم خطوة خطوة ثم يؤّمن ظهره، حتى أتم الله عليه الفتح، أما الخطأ الثاني: فقد وجد أن الناس لم يتعلموا الإسلام جيداً فجلب العلماء من الشام والحجاز ليعلموهم الإسلام، فأقبلوا عليه وأحبوه وصاروا جنداً للإسلام بعد أن كانوا أعداءً له، وانتشر الإسلام في الشمال الأفريقي.

ولذلك كان موسى بن النصير القائد الذي تولى أمر بلاد المغرب، وأخمد الفتن، وقضى على الثورات، وقوّى الجيش، فأكرمه الله بالنصر والفتح.

لقد كان من أعظم رجال الحرب والإدارة في القرن الأول الهجري، وبدت حكمته في إخماد الفتن، ومعرفة نفسية الشعوب.

ومن مآثره أنه وفد على الوليد بن عبد الملك في دمشق في يوم جمعة والوليد على المنبر فدخل موسى ومعه ثلاثون غلاماً من أبناء الملوك الذين أسرهم، وقد ألبسهم تيجان الملوك مع ما معهم من الخدم والحشم. رحمه الله وجزاه الله كل خير عن الإسلام والمسلمين.

Email