الإحباط يسيطر على نجم السنوكر الذهبي

محمد شهاب: اعتزلتُ آسيوياً لعدم التقدير

ت + ت - الحجم الطبيعي

كشف المصنف الأول في لعبة السنوكر، وصاحب السجل الزاخر بالإنجازات خارجياً، محمد مصطفى شهاب، عن توقفه عن المشاركة على المستوى القاري، برغم تحقيقه بطولة القارة العام الماضي، وأرجع قراره لحالة الإحباط التي شعر بها، بسبب عدم التقدير والتكريم المناسبين من الهيئة العامة لرعاية الشباب والرياضة، جاء ذلك خلال حوار خاص ومطول مع «البيان الرياضي»، تحدث فيه بالتفصيل عن قراره ومستقبل مشاركاته المقبلة في اللعبة، وتناول جزءاً من مشواره الطويل الذي يمتد لنحو ربع قرن من الزمان.

وطالب شهاب بنقل اللعبة للمدارس من أجل ترغيب الصغار فيها في عمر مبكر، لا سيما وتنمية الموهبة يحتاج لوقت طويل، وتحدث شهاب سر الثنائية بينه وزميله نجم المنتخب محمد الجوكر، مؤكداً على ان الوصول للنجومية يحتاج لتضحيات كثيرة وتركيز لسنوات طويلة كما حدث بالنسبة له والجوكر.

لماذا لا يظهر نجوم جدد لسنوات طويلة في اللعبة مثل محمد شهاب ومحمد الجوكر؟

أولاً، انتشار اللعبة ليس كبيراً، وكي تنتشر ويظهر نجوم صاعدون للمستقبل، مطلوب أن تدخل اللعبة للمدارس لجذب الصغار، والعمل معهم على الأقل 5 سنوات، حتى يشقوا طريقهم بنجاح، ولعبة السنوكر مهما تحقق فيها، لا تجد التقدير المناسب من الهيئة العامة لرعاية الشباب والرياضة، وأكبر مثال، أن الإمارات حققت فيها إنجازات فريدة على المستوى القاري في آسيا، ورغم ذلك لا يكون تقدير الإنجاز مثل أي لعبة أخرى، مع أن الميدالية الذهبية القارية لا تنقص شيئاً من أي ميدالية ذهبية في ألعاب أخرى.

تحفظك على عدم التقدير هذا، ربما يكون على مستوى الألعاب الفردية عموماً؟

لست أدري عن بقية الألعاب الفردية، ولكن أتحدث عن لعبة السنوكر، وعن مواقف حدثت معي، فعندما نأتي مثلاً للتقدير في الحفل الجماعي لأصحاب الإنجازات من الرياضيين، ولا ترى اللعبة التي أنجزت فيها وحققت فيها لقب بطولة آسيا، ولا ترى اتحاد اللعبة التي أنجزت للدولة ورفعت اسم الإمارات عالياً قارياً، تزعل كثيراً، ويحز في نفسك، وعندما تأتي بإنجاز آسيوي وتكون متغرباً وتعاني من تعب وإرهاق سفر ومباريات، ولا تجد شخصاً يستقبلك في المطار، أو حتى يرفع سماعة الهاتف ليهنئك ويبارك لك على ما أنجزته للدولة، يحز أيضاً في نفسك.

وبالنسبة لي شخصياً، أنجزت على المستوى القاري، وحققت إنجازات كنت أطمح لها منذ الصغر لتشريف بلدي، والآن أغلقت ملف آسيا، ولم يتبقَ لي شيء لم أحققه في المشاركة القارية، وأبلغت اتحاد اللعبة بذلك، فالمشاركة القارية بالنسبة لي انتهت.

مشوار 24 سنة

بالنسبة للتقييم والتقدير الذي يحز في نفسك من الهيئة العامة، هل هناك معايير؟

لا أدري أي المعايير يتم بها التقدير، ولكن الشيء الأكيد أن الإنجاز القاري أكبر من الإنجاز الخليجي والعربي، وشخصياً، لم أشعر بذلك بعد تحقيقي لإنجازات قارية على مستوى آسيا، وطوال 24 سنة، منذ أن كنت طالباً في سنة أولى ثانوي، ظللت أمثل الدولة، وإلى الآن حتى وصل عمري 41 سنة، لم أشكُ من شيء، وكنت حريصاً في كل مشاركة على تحقيق أفضل النتائج، سواء في منافسات الفردي أو مع زملائي أبطال منتخب الإمارات، وفي كل مرة كنت أتمنى أن نجد التقدير والتكريم الذي يناسب ما يجده الأبطال عند وصولهم للمركز الأول على مستوى رفيع كالمستوى القاري، بينما تجد في كرة القدم، لا توجد إنجازات على المستوى القاري، ورغم ذلك الفارق كبير في التقدير.

ولكن كرة القدم معروفة في كل بلاد العالم كلعبة شعبية لا تقارن بالألعاب الفردية؟

لا أقصد المقارنة، ولكن عندما يحقق البطل في لعبة فردية كانت أو جماعية المركز الأول على مستوى القارة، فالأمر يستحق أن يقابل بتقدير مناسب، وفي كل المجالات، رياضية أو غيرها، يكون للإنجاز القاري وضعه المميز.

التقدير الذي تقصده، هل في التكريم والحافز المادي أم الاهتمام الإعلامي؟

كل شيء، سواء تكريم أو حافز مادي أو اهتمام إعلامي، فالنتيجة المميزة تقابل بتقدير مميز في كل شيء، سواء تثمين الإنجاز واهتمام المسؤولين والإعلام والتكريم المناسب، وفقاً للائحة يفترض تكون محددة من الهيئة العامة في جميع الألعاب، وإعلامياً، ربما يكون الوضع جيداً في تسليط الضوء.

10 سنوات قارياً

إغلاقك ملف المشاركات القارية، هل نتيجة لغضبك من عدم التقدير؟

يجب العلم بأن كل إنجاز حققته جاء بعد تعب وإرهاق بدني وذهني كبيرين، وضغوط كثيرة في التوفيق بين الدوام والبيت والتمارين والسفر للمشاركات الخارجية، والنتائج التي حققتها على مستوى آسيا بدأت منذ عام 2006، وفي كل مشاركة قارية كنت أحتاج 6 أشهر في الإعداد، وطوال 10 سنوات، ظللت على هذا المنوال، أخطط للمشاركة التالية وأدرس بدقة كيفية الاستعداد والاستفادة من أي سلبيات، حتى وصلت للنتيجة المرجوة بتحقيق المركز الأول في آسيا، والحمد لله أن هذا الحرص في الإعداد وتهيئة نفسي لشهور طويلة كل عام، أثمر في النهاية عن إنجازات قارية متتالية في أعوام 2014 و2015 و2016، هذا بخلاف الإنجازات الإقليمية عربياً وخليجياً، حتى وصلت مرحلة الدخول إلى المشاركات القارية وأنا واثق من نفسي، والآن، لا يوجد ما لم أحققه لبلدي على مستوى آسيا، ولذلك أغلقت ملف المشاركة، ومسألة عدم التقدير والتكريم لا تنفصل عن قراري بإغلاق ملف آسيا.

معنى ذلك أن الإحباط قادك لاتخاذ هذا القرار الصعب؟

نعم، والجميع يعرف أن الإحباط من عدم التقدير تسلل إلى نفسي، وأمر طبيعي أن أحبط، لأن إنجاز المركز الأول في آسيا، يعني لي الكثير، فعندما أكون في عمر الـ 40 سنة وأحافظ على مستواي وأحقق المركز الأول، فهذا ليس بالأمر السهل، الذي كنت أتمنى التعامل معه بشيء من الاهتمام.

عزائي في النتائج

كيف حافظت على مستواك الفني وتحقيق أفضل النتائج وأنت تشعر بكل هذا الإحباط؟

رغم كل ما أشعر به، كنت حريصاً على فصل الإحباط من مستواي الفني واستعدادي ومشاركاتي الخارجية، والآن لولا أنني اتخذت قرار إغلاق ملف المشاركات القارية، لما خرجت في الإعلام وقلت هذا الحديث، فالتضحيات واجبة لهذا الوطن، وفي كل مشاركة كنت حريصاً على تهيئة الجو الملائم لاستعدادي، والتخطيط بشكل دقيق والتضحية بوقت عائلتي.

ألا تكفي الإنجازات والسجل الذهبي تعويضك هذه التضحيات؟

بالتأكيد، الإنجاز في حد ذاته والسجل الذهبي هو العزاء لكل التضحيات، ويشرفني كثيراً الفخر الذي أجده من المؤسسة التي أعمل فيها، فبعد كل إنجاز أحققه، تأتي التهنئة والمباركة من معالي اللواء محمد خلفان الرميثي القائد العام لشرطة أبوظبي، وهو فخر كبير لي وللعبة التي أنتمي لها، والحمد لله، مسألة التفرغ للمشاركات فيها تعاون لا محدود من شرطة أبوظبي، التي تعتبر من المؤسسات التي تفخر بأبنائها وتدعمهم في سبيل تحقيق الإنجازات وتمثيل الدولة بشكل مشرف.

إغلاق ملف آسيا، هل ينطبق على المشاركة في بطولة العالم؟

لا، لن أتخلى عن بقية المشاركات، سواء الخليجية أو العربية أو غرب آسيا أو بطولة العالم، وكما ذكرت سابقاً أنني وصلت في آسيا لأفضل النتائج، وهي الميدالية الذهبية، وليس هناك إنجاز فيها أفضل من ذلك.

اللقب العربي ليس سهلاً

أكد محمد شهاب على أن المحافظة على لقب البطولة العربية في نسختها الأخيرة، التي أقيمت في دبي، لم يكن سهلاً، وأن الإنجاز الذي حققه منتخب الإمارات يستحق التقدير، فرغم المنافسين الأقوياء، إلا أن لاعبي المنتخب كانوا كالعهد بهم في تحقيق الميداليات الذهبية، والحصول على كأس التفوق العام، وقال شهاب إن مستوى اللعبة عربياً في تطور ملحوظ.

لا يوجد حظ وهذا سر الثنائية مع الجوكر

أوضح محمد شهاب أن الكثيرين لا يعرفون أنه عاصر 3 أجيال، الجيل الذي سبقه وجيله والجيل الصاعد حالياً، مشيراً إلى أن الأمر ينطبق على زميله محمد الجوكر، وقال إن من يسألون عن سبب سيطرته مع الجوكر لا يعرفون مشوارهما الطويل في اللعبة والذي يمتد لـ24 سنة بالنسبة له، وأكثر من ذلك بالنسبة للجوكر مشيراً إلى أنه مع الجوكر حفر اسم الإمارات بالذهب في كافة المستويات خليجياً وعربياً وقارياً وعالميا وكان آخرها في بطولة العالم. ونفى شهاب وجود حظ في اللعبة، وأنه لا يؤمن بالحظ حتى وإن خسر في بعض المواقف، فالسنوكر مرتبط بحسابات دقيقة ومهارة وتركيز أكثر، مؤكداً أن المنافسة العربية قوية جداً، ولكن قوة وتميز لاعبي الإمارات، ربما تصور للبعض أن الإنجازات عربياً أو خليجياً سهلة، لكون الإمارات تحقق في كل مرة المركز الأول.

التضحية بوقت العائلة

قال محمد شهاب، إن حرصه على التوفيق في مشاركاته الخارجية، أخذ منه الكثير على حساب عائلته بالذات، لدرجة أنه ظل يحرم نفسه من الإجازات، بما في ذلك العطلات الأسبوعية، وفي كل مرة كنت أفكر فقط في ضرورة تمثيل بلدي، وتحقيق النتيجة المميزة، حتى لو جاء ذلك على حساب الوقت المفترض أمنحه للعائلة، ومن هذا المنطلق، كنت أتمنى التقدير، لترى أسرتي على الأقل حجم ما أنجزته.

Email