إبراهيم الفردان ملك الأرقام يكشف ويتحدى:

تكلفة مباراة الكرة الواحدة 7 ملايين درهم

ت + ت - الحجم الطبيعي

عندما قصدناه لنسأله عن استثمارات النصر الجديدة.. خرج علينا بما لا نتوقعه من أرقام قد يعتقد الكثيرون للوهلة الأولى أنها مبالغ فيها، لكنه حين فندها، تحولت إلى واقع يحتاج إلى حلول عاجلة وترشيد إنفاق ضروري حتى لا تتحول كرة القدم من لعبة يتعامل معها العالم حالياً على أنها استثمار إلى مجرد سبيل للإسراف.

إنه إبراهيم الفردان المدير المالي لمجلس إدارة النصر، رئيس مجلس إدارة شركة النصر للاستثمار أو كما يحلو للبعض أن يطلق عليه «ملك الأرقام»، الذي كشف في هذا الحوار عن أرقام صادمة حول تكلفة كرة القدم في الإمارات، مؤكداً أن المباراة الواحدة تكلف الحكومة أكثر من 7 ملايين درهم.

سألناه عن كيفية وصوله إلى هذا الرقم الكبير قياساً بمباراة واحدة، فقال:

هذا الرقم دون اعتبار المصاريف غير المباشرة الأخرى التي تحصل عليها الأندية من الدولة مجاناً مثل الخدمات الأمنية، والأرض، وغيرها من الخدمات الأخرى.

لكن أليس هناك دخل لهذه المباريات؟

للأسف.. الدخل لا يتجاوز معدل إيرادات المباراة الواحدة من مبيعات التذاكر 6 أو 7 آلاف درهم، وأيضاً من البث التلفزيوني الذي قد يصل إلى 60 ألف درهم.

ألا ترى أن الرقم مخيف بالنسبة لمباراة في كرة القدم وليس بطولة؟

أتحدى من يشكك في هذه الأرقام، كل شخص يشكك فيها عليه أن يثبت العكس، نعم المباراة الواحدة تكلف الحكومة أكثر من 7 ملايين در هم والجولة الواحدة لدوري الخليج العربي في الموسم الحالي تصل إلى 42 مليون درهم، نصف المبلغ يصرف للمدربين واللاعبين الأجانب.

هذه التكلفة محسوبة بدقة، بكل بساطة هناك معدّل موازنة لكل فريق على أرضية الملعب 100 مليون درهم، وموازنة الفريقين تصل إلى 200 مليون، وإذا أخذنا بعين اعتبار خوض الفريقين لـ30 مباراة في الموسم بين دوري وكأس الخليج العربي وكأس رئيس الدولة لوجدنا تكلفة المباراة الواحدة 7 ملايين.

حجم الصرف

ما السبب في هذا؟

حجم الصرف في دورينا وصل إلى أرقام قياسية مقارنة بالدول العربية الأخرى بسبب عدم شعور مجالس إدارات الأندية بالمسؤولية تجاه الأموال التي تصرف، هم لا يعرفون كيف وصلت إليهم، وصلنا إلى درجة من إهدار المال لا يقبلها عقل.

كيف يتم تخصيص عائدات بناية بـ100 شقة لتسديد راتب لاعب أجنبي واحد، أعتقد أن وضع سقف للاعبين المواطنين كان خطوة جيدة لتطبيق مبادئ الحوكمة المالية في أنديتنا لكننا نحتاج أيضاً إلى تحديد سقف رواتب المدربين واللاعبين الأجانب، وهنا نتساءل: لماذا يقبل مدرب العمل في دوري عربي آخر أو حتى أوروبي بمبلغ مقبول.

وعندما يأتي إلى دورينا يشترط أضعاف ما كان يحصل عليه؟ لا بد من وقفة حازمة لضبط هذه الأمور التي أصبحت تهدد بشكل فعلي مستقبل كرتنا بسبب اتساع الفجوة بين تكلفة المباراة الواحدة ودخلها، حتى إن الشركات الراعية لا تحقق المردود الذي تبحث عنه لأن المدرجات خالية من الجماهير، وهي تقوم بالرعاية من منطلق واجبها المجتمعي لا غير.

وكيف يمكن أن نقلل الفجوة بين التكلفة والدخل؟

كرة القدم الحقيقية يجب أن تعتمد على دخل المباراة وليس على الدعم الحكومي، الإعلام والشارع الرياضي حملوا مسؤولية فشل المنتخب الوطني في التأهل للمونديال إلى الجانب الفني، وفشل منظومة الاحتراف، ولكن الجانب المادي وعلاقته بتطوير كرة القدم من الأسباب المهمة التي تقف وراء الخيبة، أدعو الجهات الرياضية إلى دراسة ظاهرة الصرف الخيالي والعمل على تقليل الفجوة بين التكلفة والدخل.

في أوروبا على سبيل المثال، مصدر الدخل الأول للأندية يأتي من المباراة نفسها وليس من الاستثمارات الأخرى، وهذا يؤكد أن التطبيق الخاطئ للاحتراف يؤدي لإفلاس بعض الأندية وإلى دمجها، وفي حال استمر الأمر على ما هو عليه سيتم دمج أندية أخرى.

ما هي الحلول التي يمكن أن تخرجنا من عنق الزجاجة؟

لن يستقيم الاحتراف إلا إذا نجحت المباراة في تمويل نفسها بنفسها، وفي خلاف ذلك سيستمر احتراف كرة القدم عندنا مثل الطفل الذي يعتمد على والده، ودخل المباراة لن يتحسّن إلا من خلال امتلاء المدرجات بالجمهور، علينا أن نتساءل:

لماذا لا يأتي المقيمون والأجانب لمشاهدة مبارياتنا؟ 90% من السكان لا يهتمون بكرة القدم بسبب عدم مشاركتهم بشكل فعال في رياضتنا.. يجب أن نعترف أن كرة القدم في الإمارات لا يتابعها إلا المواطن وبما أن كل جولة تحتاج إلى 60 ألف مشجع فمن الصعب أن يتحقق ذلك، في المقابل ملاعب الكريكيت تكون مكتظة بالمتفرجين.

اتحاد الكرة والمجالس الرياضية مطالبون بالبحث عن حلول لدمج هذه الجاليات في كرة القدم، وفي حال لم نستطع جذب مختلف الجنسيات إلى ملاعبنا لن نتطور وستستمر الفجوة بين دخل المباراة وتكلفتها، نحتاج إلى تحسين الخدمات داخل الملاعب لجذب الأجانب.

الحضور الجماهيري مهم في دعم الأندية ومسيرة الاحتراف، عندما تمتلئ المدرجات هذا يعني أن هناك إقبالاً على التذاكر وتزيد الرعاية ومبيعات الفانيلات، وكل هذه الأمور ترتفع إيرادات المباريات.

هل يشكل الاستثمار في العقارات حلاً مناسباً لإنقاذ الأندية؟

البحث عن مصادر تمويل جديدة أصبح أمراً ضرورياً، الأندية التي لم تبدأ في إيجاد حلول للمستقبل يجب أن تعلم أن الاستثمار في العقارات لا يؤمن مردودية في عام واحد، تبني اليوم ليأتي الإيراد بعد 4 أو 5 سنوات .

ومن لم يستثمر بعد قد يفوته القطار وسيجد نفسه في وضع صعب، اقتصادياً، الإنتاج يجب أن يفوق الاستهلاك حتى تستمر الدول، وفي كرة القدم يجب أن تكون العائدات أكثر من الصرف وخلاف ذلك الأندية مصيرها الإفلاس.

تخفيض المصاريف

هل يمكن أن ننجح في تقليل الفجوة بين تكلفة المباراة ودخلها؟

يجب تخفيض المصاريف أولاً ورفع دخل المباراة، لقد تقدمنا خطوة واحدة عبر تحديد سقف رواتب المواطنين بعد أن شهد ارتفاعاً قياسياً آخر 4 سنوات بسبب التنافس غير الشريف بين بعض الإدارات، وعدم درايتها بمصدر الأموال التي يدفعونها، وكذلك السماسرة.

وحتى ننجح في تطبيق تحديد السقف يجب تشديد الرقابة، واتخاذ خطوات أكثر صرامة وعقوبات إدارية ضد أي شخص يتجاوز القانون، وحتى إبعاده من التسيير من مجلس الإدارة، لو اكتشف اتحاد الكرة أن عضو مجلس الإدارة تجاوز بند سقف الرواتب، يتوجب إحالته على التحقيق.

هل تقترح حلولاً أخرى؟

أقترح تحديد سقف اللاعبين الأجانب والمدربين، لسنا مطالبين بالتعاقد مع لاعبين بصفقات مرتفعة، بعض أنديتنا تملك لاعبين مميزين بمبالغ مقبولة، لماذا لا نحذو حذوها، ثم تحديد سقف رواتب المدربين، علينا أن نتساءل: لماذا دورينا فقط يمنح رواتب خيالية للمدربين دون الدوريات العربية الأخرى رغم أنها أفضل منا فنياً؟ الجواب واضح: لأنه لا يوجد لدينا قانون يحاسبنا، والميزانية مفتوحة.

نجاح النصر

بالنسبة لناديك.. كيف نجح النصر في تحقيق وضع مالي آمن؟

النصر يعيش وضعاً مالياً مستقراً وجيداً بفضل الرعاية الكريمة لسمو الشيخ حمدان بن راشد آل مكتوم رئيس النادي وتوجيهاته التي قادتنا إلى تجاوز مطب الاحتراف بنجاح، ونحتاج إلى ما بين 3 أو4 سنوات لنصل إلى وضع مالي ممتاز ونتوافق كلياً مع نظرة وتوجهات حكومة دبي فيما يخص رفع الدعم الحكومي عن الأندية.

ونجحنا مع بداية الموسم الجديد في اعتماد الموازنة الصفرية للشركات الثلاث، كرة القدم والاستثمار والألعاب الرياضية، ونسعى للاستفادة من موقعنا الجغرافي الاستراتيجي في قلب دبي للاستمرار في تطوير البنية التحتية الاستثمارية التي تضم مجموعة من العقارات وإنشاء مشاريع جديدة.

هل سيكون النصر جاهزاً لرفع الدعم الحكومي؟

قرار حكومة دبي برفع الدعم الحكومي عن أندية دبي خطوة رائدة، جاءت في الوقت المناسب لتدفع الأندية إلى انتهاج مسار الاستثمار والاستفادة من الإمكانات المتاحة، أعتقد أننا في النصر سنكون على أتم الاستعداد لها، بما أننا نملك استثمارات سابقة وأخرى ننطلـق في استغلالها قريباً منها برج سكني يتكون من 12 طابقاً سيكون جاهزاً خلال شهر واحد، ومشاريع سترى النور في المستقبل سواء في محيط النادي أو في جبل علي والجداف.

نملك العديد من الفرص بفضل موقعنا الجغرافي لكننا نبحث عن استثمارات ذات جدوى كبرى والتعاون مع شركاء استراتيجيين، وعلى سبيل المثال تجربة المدرسة الفرنسية بالنادي أفضل نموذج للشريك الاستراتيجي.

مجلس أعلى لفرض الرقابة

بخصوص تطوير آليات الرقابة على كافة أندية الدولة، شدد إبراهيم الفردان على ضرورة إنشاء مجلس أعلى للرياضة في الإمارات يضم في عضويته كل المجالس الرياضية ما يمكن من رقابة أكبر وتوافق أوسع حول القوانين واللوائح، وهي أبرز الحلول التي تسهم في وضع اليد على موازنات الأندية.

وقال في هذا السياق: نتحدث في بعض الأحيان عن ميثاق شرف بين مجالس إدارات الأندية لكن في الحقيقية لا يوجد ميثاق شرف في الرياضة كل ناد يعمل وفق مصلحته الخاصة، فيما لا تمثل الهيئة أو الاتحاد أي سلطة رقابية على الأندية.

وأضاف: رياضة الإمارات تطورت بشكل أفضل بعد تأسيس المجالس الرياضية، مجلس دبي وأبوظبي والشارقة وأعتقد أنه في حال تأسيس مجلس أعلى للرياضة بإمكانه السيطرة على موازنات الأندية ومداخلها.

160 مليون درهم تكلفة أشغال استاد آل مكتوم

أكد إبراهيم الفردان أنه تم تخصيص ميزانية تفوق الـ160 مليون درهم تكلفة أشغال تهيئة استاد آل مكتوم استعداداً لاستضافة الإمارات لنهائيات كأس أمم آسيا 2019، ميزة الملعب أنه قريب من كافة الخدمات التي تحتاجها الجماهير من نقل ومواصلات ومن الفنادق.

سيتم هدم المدرجات الحالية وإعادة بناء مدرجات بمواصفات عالمية ورفع سعتها إلى 12 ألف مقعد بإضافة مدرجات قريبة من المرمى وتوسعة بقية المرافق.

وقال: سنعمل في نادي النصر على استثمار هذا الحدث التاريخي، الملعب سيأخذ شكلاً جديداً حيث سيصبح في شكل مستطيل مثل الملاعب الأوروبية، سيتم إلغاء نصف الدائرة خلف المرمى لتقليص المسافة بين المدرجات وأرضية الملعب ما يمكن من جذب جمهور أكثر للاستمتاع بأجواء المباريات، إضافة إلى زيادة الإعلانات.

مطر الطاير.. اختيار صادف أهله

أثنى إبراهيم الفردان على الدور الذي يقوم به مجلس دبي الرياضي في تطوير الحركة الرياضية في دبي من خلال الحوكمة والقوانين وتنظيم الفعاليات الكبرى، وقال: لو وجد المجلس قبل 20 عاماً، لكان حال رياضتنا في دبي أفضل بكثير عما هي عليه الآن.

وأضاف: وجود مطر الطاير في منصب نائب رئيس مجلس دبي اختيار صادف أهله لأنه جمع بين الخبرة الرياضية التي اكتسبها خلال سنوات طويلة مع خبرته القيادية في المجال الإداري.

وأوضح الفردان أن نجاح نادي النصر إدارياً ورياضياً كان بفضل توافق رؤيته مع رؤية مجلس دبي الرياضي فيما يتعلق بالحوكمة والقوانين المتطورة وهو يعتبر نموذجاً يحتذى به لبقية الأندية. دبي - البيان الرياضي

خيار

أوضح إبراهيم الفردان أن الاستثمار خيار استراتيجي للأندية، بدونه لن تستطيع العيش، مشيرا إلى أن قرار تطبيق الاحتراف في دورينا كانت فكرة رائدة لكن المشكلة أنه بدأ فقط من داخل الملعب وليس خارجه.

 

 

 

Email