محمد جلفار: هموم الألعاب في رقبة هؤلاء

محمد جلفار

ت + ت - الحجم الطبيعي

زاده الابتعاد عن الرياضة منذ أكثر من 5 سنوات، قـــرباً في النظــر إلى همومها والتعمق في بحث أسباب تلك الهموم والمشكلات بعين المـــسؤول غير المنهمك إلى حد الاختناق بدورة متطـــلبات..

و«مناوشات» العمل اليومية التي دفعته ذات يوم من العام 2009 إلى تقديم الاستقالة لإراحة رأسه من وجع ما إن يعالجه في جانب حتى تنفتح عليه جوانب ألم أخرى، محمد عبد الكريم جلفار الرئيس السابق لمجلس إدارة اتحاد الكرة الطائرة، نائب رئيس مجلس إدارة نادي النصر، عضو مجلس إدارة اللجنة الأولمبية الوطنية، المدير العام المساعد لبلدية دبي لقطاع الدعم المؤسسي حالياً..

يرى المشهد الرياضي الآن بعيني الرجل الواقف على أعلى قمة جبل هموم ذلك المشهد، يشخــص بارتــياح، يــطلق الآراء دون تحفظ، يقول ما يود قوله بلا حرج «هموم الألعاب الأخــرى في رقبة هؤلاء»، يدلي بدلوه بعيداً عـــن «اللف والدوران»، وإن ســـادت الدبلوماسية أجــواء حواره التالي مع «البيان الرياضي» في بعض الإجابات.

نص الحوار

منذ تقديم استقالتك من مناصبك الرياضية في العام 2009، لم نسمع لك رأياً رياضياً صريحاً، ما المانع؟

أبداً، ليس هناك أدنى مانع، ولكني فضلت عدم الخوض في شؤون الريــاضة وهمومها إلى حين تكوين صـــورة تفصــيلية عن المشهد الرياضي، وأنا بــعيد عن دورته اليومية المعروفة بالكثير من التفاصيل الضاغطة.

وهل الابتعاد منحك فرصة أفضل للتقييم والبحث في أسباب هموم الحركة الرياضية في الإمارات؟

بكل تأكيد، نعم، فالمسؤول عندما يكون على كرسي المسؤولية يختلف في تعاطيه تماماً عندما يخرج من دائرة تلك المسؤولية، وعلى العموم، أنا قريب من المشهد الرياضي..

وإن كنت بعيداً عنه من خلال الدور أو المنصب أو المهام اليومية المعروفة، أنا قريب بحكم ارتباطي بشبكة علاقات واسعة من جميع الأخوة في الحركة الرياضية، ولدي معرفة شبه تامة بكل هموم قطاع الرياضة والشباب في الدولة ومتطلبات الخروج من دائرة تلك الهموم.

لنكن صريحين

وما هي متطلبات علاج هموم الحركة الرياضية؟

لنكن صريحين ونسمي الأشياء بأسمائها الحقيقية، هموم الألعاب الرياضية، وطبعاً بعيداً عن كرة القدم، في رقبة هؤلاء!

مَن تعني بهؤلاء؟

أعني إدارات الأندية، كل الأندية في الدولة ومن دون استثــناء، لأن تلك الإدارات خصصت النسبة الأكبر، من مـــيزانية النادي إلى لعبة واحدة هـــي كرة القدم على حساب الألعاب الأخرى التي يحقــق أبطالها الإنجازات للإمارات في مختلف المحافل الخارجية، وهذا الأمر أضر كثيراً بواقع ومستقبل تلك الألعــاب، ما أثر سلباً على صورة الرياضة الإماراتية في البطولات الخارجية.

«معذورة» ولكن

ولكن إدارات الأنـــدية تبدو «معذورة» في تخـــصيص غالبية الميزانية لكرة القدم، ماذا تراها تــــفعل إزاء المتطلــبات الكثيرة جداً لـ «الساحرة المستديرة»؟

قبل كل شيء، أنا من أنصار دعم كرة القدم وضرورة أن تأخذ حقها بالكامل كونها اللعبة الأولى في الإمارات وغيرها من دول العالم..

ولكن ليس على حساب الألعاب الأخرى، إدارات الأندية مطالبة بوضع برنامج دقيق وواقعي لإمكانياتها المالية المتاحة، ثم تقوم بتوزيع تلك الإمكانيات حسب استحقاقات كل الألعاب الموجودة في النادي، مع الأخذ بنظر الاعتبار منح كرة القدم حصة أكبر، ولكن ليس إلى حد «ضرب» واقع ومستقبل الألعاب الأخرى!

ليس عيباً

كنت نائب رئيس مجلس إدارة ناد عريق ومشهور في كرة القدم هو النصر، ألا ترى أن كرة القدم في غالب الأحيان تكون هي مقياس النجاح والفشل لإدارة هذا النادي أو ذاك؟

نعم، هذا صحيح، كرة القدم اليوم أصبحت معياراً لتقييم معمل إدارات الأندية، وهذا ليس عيباً على تلك الإدارات، ولكن يتوجب عدم توجيه بوصلة العمل في الأندية باتجاه واحد هو كرة القدم، وترك دائرة الألعاب الأخرى التي ندرك جميعاً أنها تعاني وتعيش أوضــاعاً خانقة جداً لا سيما في الناحية المالية.

ومن هو الطرف الثاني من هؤلاء الذين تحملهم مسؤولية تردي أوضاع الألعاب الأخرى؟

بسرعة، المجالس الرياضية، هي الأخرى مسؤولة عن تردي مستوى الألعاب الأخرى في الدولة.

الوقوع بالمحظور

وما علاقة المجالس بذلك؟

المجـــالس الرياضية معنية تـــماماً في النواحي المـــالية والإدارية والتنظيمية للأندية، وكيفية تنفــــيذ سياساتها وبرامجها، كون تلك المجالس هــــي التي تدفع مــــيزانيات الأندية، وبالتالي هي المعنية بمعرفة طرق وأبواب وآليات صرف تلك الميزانيات، لذا فهي مسؤولة عن إيجاد الحلول والمعالجات لمشكلات الألعاب الأخرى.

هل تحمـــل كـــرة القــــدم مسؤولية تدهور أوضاع الألــعاب الأخـــرى لا سيما في الجانب المالي؟

لا أبداً، كرة القدم بريئة من تدهور مستوى الرياضات الأخرى، لسبب بسيط هو أن كرة القدم لعبة ذات شعبية كبيرة جداً داخل وخارج الإمارات، لعبة تتطلب أموالاً أكبر بكثير من حاجة الألعاب الأخرى، ولكن ليس إلى حد التأثير سلبياً على الرياضات الموجودة في الأندية..

لأن ذلك الأثر السلبي اتضحت معالمه في الكثير من الجوانب لا سيما ما يتعلق بفئة الشباب، ومستقبل لاعبي تلك الرياضات الذين يجدون أنفسهم مضطرين لمغادرة النادي، إما للبحث عن فرصة عمل أخرى أو الوقوع بالمحظور!

يمين وشمال

تبرئتك ساحة كرة القدم من مسؤولية هموم الألعاب الأخرى، إلى ماذا يشير؟

بسرعة، يشير إلى حقيقة أن كرة القدم لعبة مهمة جداً وذات علاقة لصيقة بالكثير من الجوانب في الكثير من المجتمعات، كونها لعبة تربط بالعديد من الأمور، لذا فهي تستحق المبالغ الطائلة التي تتلقاها يميناً وشمالاً!

حملت إدارات الأندية والمجالس الرياضية مسؤولية تردي واقع الألعاب الأخرى، ماذا تقول في دور الهيئة العامة لرعاية الشباب والرياضة واللجنة الأولمبية الوطنية؟

الهيئة العامة واللجنة الأولمبية لا سلطة لهما أبداً على إدارات الأندية، المجالس الرياضية هي المعنية بتلك الإدارات، وهي المسؤولة عنها مالياً وتنظيمياً وإدارياً، وليس الهيئة العامة واللجنة الأولمبية.

زيادة الميزانية

ولكن الهيئة العامة على الأقل، مسؤولة عن اتحادات الألعاب الأخرى، ماذا تقول؟

أقول: لا بد من زيادة ميزانية الهيئة العامة للوفاء بالتزاماتها تجاه الاتحادات الرياضية، ولكن على تلك الاتحادات تحمل مسؤولياتها في إيجاد منافذ أخرى لدعم برامجها مالياً من خلال التسويق وغيره من الجوانب ذات الصلة.

عشت أجواء الانتخابات الرياضية في الدورة السابقة، كيف ترى التجربة بعد 3 دورات؟

الانتخابات تجربة جيدة في رياضة الإمارات رغم بعض الملاحظات التي تتعلق في معظمها في وصول أشخاص لا علاقة لهم باللعبة إلى دائرة المسؤولية، وهذه مشكلة كبيرة تؤثر سلباً على مستقبل الألعاب الأخرى.

شروط صارمة

والحل؟

الحل في رقبة إدارات الأندية أيضاً، كونها هي المعنية أولاً عن ترشيح الأسماء لخوض انتخابات الاتحــادات، لذا لا بد من وضع شروط صارمة أمام اختيار مرشحي الأندية لخــــوض انتخابات مجالس إدارات الاتحادات.

وما هي تلك الشروط؟

لا بد من أن يكون مرشح النادي من أصحاب الكفاءة والمقدرة على التطوير والنهوض بالألعاب الأخرى، وأن يكون المرشح من أبناء اللعبة حصراً، ليكون قادراً على العمل بطريقة صحيحة تستند إلى معرفة مسبقة بماضي وواقع ومستقبل اللعبة.

من أين؟

ومن أين لنا بمثل ذلك المرشح؟!

يضحك، الأكفاء «موجودين»، ولكنهم بحاجة إلى من يبحث عنهم برغبة حقيقية لتطوير الألعاب الأخرى.

ألا ترى في تطبيق الاحتراف حلاً لهموم الألعاب الأخرى؟

لا أبداً، تطبيق الاحتراف في الألعاب الأخرى ليس حلاً لمشكلاتها وهمومها الكثيرة، لأن عدم تفرغ لاعبي الألعاب من جهات عملهم بصورة كاملة يعيق تطبيق الاحتراف الرياضي الشامل، ثم يجب أن لا ننسى أن تطبيق الاحتراف يتطلب ميزانيات كبيرة جداً، وهذه غير متوفرة حالياً في غالبية أنديتنا للوفاء بالتزاماتها تجاه الألعاب الأخرى.

900

عن رأيه في رواتب بعض لاعبي كرة القدم من المحليين في الإمارات، أجاب محمد عبد الكريم جلفار متسائلاً: «وماذا نقول في لاعب مواطن انتقل من ناد في دبي إلى ناد آخر في المدينة ذاتها يتقاضى الآن راتباً شهرياً لا يقل عن 900 ألف درهم»؟ «إنها مبالغة ترقى إلى مستوى التفريط بحقوق لاعبي الرياضات الأخرى»!

أين أولئك؟

تساءل محمد عبد الكريم جلفار الرئيس السابق لمجلس إدارة اتحاد الكرة الطائرة، نائب رئيس مجلس إدارة نادي النصر، عضو مجلس إدارة اللجنة الأولمبية الوطنية، عن منتخب شباب الكرة الطائرة الفائز بالبطولة الخليجية عامي 2006 و2008، لافتاً إلى أن أولئك النجوم كانوا من أميز لاعبي الكرة الطائرة في الدولة، لكنهم «غابوا» عن المشهد نتيجة عدم اهتمام إدارات أنديتهم بالألعاب الأخرى، عاداً ذلك خسارة كبيرة للعبة.

نقطة ضوء

Ⅶ الاسم: محمد عبد الكريم جلفار

Ⅶ الألعاب الممارسة: كرة القدم والطائرة

Ⅶ المهام السابقة: عضو ونائب رئيس ورئيس لجنة الألعاب في نادي النصر، ورئيس مجلس إدارة اتحاد الكرة الطائرة، وعضو اللجنة الأولمبية الوطنية.

Ⅶ المهمة الحالية: نائب رئيس مجلس إدارة نادي دبي للمعاقين.

Ⅶ الوظيفة الحالية: مساعد مدير عام بلدية دبي لقطاع الدعم المؤسسي.

Ⅶ المناصب الخارجية: نائب رئيس الاتحاد العربي للكرة الطائرة.

أسباب الإستقالة

فضل محمد عبد الكريم جلفار عدم الخوض في الأســباب الحقيقية التي دفعته إلى تــــقديم الاستـــقالة من منـــاصبه الرياضية في العام 2009، مكتفياً بالقول «بكل تأكيد أن هناك أسباباً وراء استقالتي في العام 2009، والتي لخصتها في حينه، بظروف العمل، ولكن بطبيعة الحال، هناك أسباب أخرى».

Email