احذروا «الخلطات السرية» في صالونات التجميل

الحناء بريئة من التسبب بحساسية الجلد

ت + ت - الحجم الطبيعي

ارتبطت الحناء بالبهجة والفرح والجمال واحتلت رأس قائمة زينة المرأة، فهي صديقتها التي سبقت صبغات الشعر وموهت خصلات الشيب ولونت الأنامل الناعمة بنقوش سلبت الألباب وجعلت التلويحة حلم المتيمين الراحلين عن بهجة الخضاب.

عرفت الحناء في الحضارات الشرقية في أوقات مبكرة، فشجرتها زرعت في مصر والعراق واليمن وعمان والهند وإيران والصين، وقد استخدم المصريون الحناء في علاج الجروح وصبغ الشعر استخدموا زهورها في صناعة العطور، ووجدت الكثير من المومياوات مخضبة بالحناء.

مؤخراً ظهرت دراسة ألمانية تشير إلى أن الحناء تسبب الحساسية وقد تترك آثاراً دائمة لها ليس من السهل التخلص منها، حيث قدم الطبيب الألماني يورغ كريستوف محاضرة ذكر فيها أن استخدام الحناء في تجميل الشعر والصبغة يتسبب في إثارة الحساسية، الأمر الذي قد يؤثر على الجلد مسبباً الحكة والبقع الحمراء وتجعد الجلد، ونصح كريستوف الأشخاص الذين تظهر عليهم أعراض الحساسية بتجنب أشعة الشمس وضرورة تناول الأدوية طيلة حياتهم.

لكن مثل هذه الدراسة اليتيمة لم تلق قبولاً عند الكثير من النساء اللائي استخدمن الحناء على مدى سنوات طويلة، حيث تقول عائشة الكندي (أم راشد): «كنا نستخدم الحناء طيلة حياتنا، ولم تحصل لدينا حساسية أو أي مرض، بل إن الحناء دواء للجلد وللشعر والمرأة تتجمل بها وتضعها على شعرها ويديها، صحيح أننا لم نكن نعرف تلك النقوش التي يرسمونها الآن على اليدين، لكن الحناء التي كنا نضعها أفضل لأنها طبيعة ودون كيمياويات».

وتقول نورية سلام: «للحناء فرحة عندنا فهي ترتبط بالأعياد والمواسم الجميلة والأعراس والمرأة تضع في يديها الحناء حين تكون خالية من الهموم، وحين يكون هناك حالة حزن من العيب أن نرى الحناء في الأيدي لأنها دليل فرح وغير مناسبة لمثل تلك المواقف، ولم أسمع أن هناك حساسية من الحناء بأي حال لا عندي وعند النساء الأخريات ».

أما سارة البياتي فتقول: «أجمل الذكريات عندي في ليلة العيد حين كانت أمي تضع الحناء في أكفنا وتربطها وحين نستيقظ في الصباح نكون فرحين بملابس العيد وبالحناء التي استقرت في باطن الكف، ولا أعتقد أن الحناء تسبب الحساسية فقد كنا نضعها في طفولتنا ولم نتأثر، واعتقد أن هذا الرأي يأتي ضد الأشياء الجميلة في تراثنا وتبهر الغربيين فيحاولون التقليل من قيمتها والحط من شأنها».

وتقول هناء بسام: «لم أكن أعرف نقوش الحناء في الماضي، فهي عندنا بسيطة وتخلط بالماء أو بالشاي فقط، لكني وجدت صالونات التجميل تقدم نقوشاً جميلة جداً فبدأت باستخدامها وأشعر بها تعبر عن التميز، ولم أتحسس منها لكني أعتقد أن التحسس يأتي من المادة الكيميائية التي يخلطونها مع الحناء ومع ذلك لو كانت هذه المادة مضرة لزادت الشكوى ولتم منعها من قبل المختصين » .

أما شمس محمد فتقول: « لا أفضل استخدام الصبغات الكيميائية لشعري لذا أضع الحناء وبعد غسلها أشعر بجفاف الشعر لكن حمام زيت واحد يكون كافياً لأرى نتائج الحناء المدهشة التي تعطي الشعر لمعاناً وقوة » .

ولمراكز التجميل والعاملين في نقوش الحناء ردودهم في هذا المجال، حيث تقول سلطانة افتخار: «منذ سنوات طويلة وأنا أقدم نقوش الحناء في الصالون ولدينا زبونات دائمات ولم تشتك احداهن من الحناء، فنحن نضعها على الشعر وعلى الأيدي

وصارت السيدات تضعها على الأكتاف أو في الأرجل ولم تتسبب بأي ضرر، بل اننا قد نواجه شكوى من صبغات الشعر لكننا لم نتلق شكوى من الحناء، والخلطة التي نضعها مع الحناء هي مجموعة زيوت ومواد تجعل اللون أكثر وضوحاً ولا تضر بالبشرة».

أما فتحية أحمد صاحبة «مشروع التراث للحناء» فتقول: «تأتينا السيدات لوضع نقوش الحناء وكثير منهن تشكين من خلطات الحناء التي تقدمها صالونات أخرى، لكننا نستخدم خلطة آمنة جداً خاصة اننا فتحنا فروعاً في ألمانيا واليابان

وقد خضعت خلطة الحناء لبحوث قبل أن نحصل على الموافقة في تلك البلدان، ونحن نتعامل مع عدد كبير من السياح الذين لابد أن يشتكوا في حالة حدوث أي ضرر في بشرتهم، ونحن نقدم نقوش الحناء حتى للأطفال في عمر السنتين، وليس لدينا أية تحفظات عليها».

وتأتي آراء السيدات مدافعة عن الحناء ومساندة لها، لكن القول الفصل لأطباء الجلد والمختصين الذين يمتلكون الرد العلمي، حيث يقول أخصائي الجلد في مركز كوزمسيرج الدكتور عماد عيطة: «حين يذكر الطبيب الألماني أن العلاج من الحساسية التي تسببها الحناء يمتد مدى الحياة يجب أن يكون قد عمل دراسة تمتد لعشرين أو ثلاثين عاما، ولا أعتقد أن هذا الأمر قد حصل،

وآلية عمل الحناء أنها تتفاعل مع الطبقة السطحية في الجلد وتعطي لون الصبغة حيث تستقر في تلك الطبقة العليا وتختفي بمرور الوقت مع تغير الجلد، وقد تحتوي خلطة الحناء على مادة بارافينيلين داي أمين وهي المادة التي يمكن أن تسبب الحساسية، وتقوم بعض الصالونات بخلط الحناء بزيوت ومواد تسرع نفوذ الحناء إلى داخل الجسم،

ولا نعرف بالضبط ما هي تلك المواد لأنها تختلف من مكان إلى آخر وقد تكون هي السبب في وجود الحساسية، والحناء كأي مادة طبيعية موجودة قد تسبب الحساسية لبعض الأشخاص، وهناك أنواع من الحساسية لا تظهر مباشرة بعد الاستعمال إذ تأخذ مدة طويلة، أو تظهر مع تكرار الاستعمال، إذ ان خلايا الذاكرة تتعرف في بادئ الأمر على المادة وفي المرات اللاحقة تظهر التحسس منها،

وكذلك الالتهابات الجلدية التي تكرس بالتطبيق المستمر على الجلد، وعموماً لم يثبت أن الحناء تسبب أية مشاكل صحية للبشرة، لأن فترة بقائها على الجلد بسيطة لا تتجاوز الأسبوعين وأعراض الحساسية تظهر لدى الأشخاص الذين لديهم استعداد مسبق للحساسية».

ويذكر الدكتور ضياء حسن مهدي أخصائي الأمراض الجلدية والتناسلية: «أن الحناء الطبيعية التي تستخدم من أوراق شجرة الحناء لا تسبب أي ضرر لكن المشكلة الكبيرة في المواد الكيميائية التي تخلط مع الحناء في صالونات التجميل،

وهي التي تسبب الأضرار للبشرة وحساسية للجلد لا تختفي بسهولة، حيث تقوم العاملات في صالونات التجميل بعمل خلطات دون وعي أو قياسات ثابتة مما قد تؤدي إلى مشاكل كبيرة لذا ننصح السيدات بتجنب مثل هذه الخلطات وعدم الانقياد لفكرة نقوش الحناء دون معرفة المواد المكونة لها».

إذن فالحناء بريئة من تهمة الحساسية وهي مادة طبيعية استخدمها الناس لمئات السنين، لكن ما يخلط معها من مواد غير معروفة الأصل، حيث تدعي العاملات في صالونات التجميل أنها (خلطة سرية) تدعونا إلى الحذر منها وتجنب استخدامها أو تعريض بناتنا الصغيرات لها.

دلال جويد

Email