د. أمين الأميري: العمل التطوعي مفتاح الانتماء وبوابة المواطنة الصالحة

  • الصورة :
  • الصورة :
  • الصورة :
  • الصورة :
صورة
ت + ت - الحجم الطبيعي

يعد العمل التطوعي سلوكاً إنسانياً وحضارياً يقوم على خدمة الآخرين وتقديم المساعدة لهم من دون مقابل، وهو ما حثنا عليه ديننا الإسلامي الحنيف بهدف ترابط أفراد المجتمع وتماسكهم وتعميق أواصر المحبة في ما بينهم. مع توجه الدولة وحرص وزارة التربية والتعليم على تعزيز وتأصيل صفة العمل التطوعي بين أبنائها الطلبة، بمختلف مراحلهم الدراسية، التقت «العلم اليوم» الدكتور أمين الأميري، الأمين العام لجائزة الشارقة للعمل التطوعي، باعتباره واحداً من أهم رجالات العمل التطوعي في الدولة، وكان الحوار التالي:

 بداية، هل يمكن أن تلقي لنا الضوء، على رسالة الجائزة وأهدافها وفروعها؟

جائزة الشارقة للعمل التطوعي تمثل بعداً إنسانياً لفكر صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة، وهي تعد الأولى من نوعها على مستوى الدولة والعالم العربي، التي تدعم وتشجع الجهود التطوعية من كافة جوانبها، لكونها مخصصة لتطال شرائح المجتمع ومؤسساته المختلفة كافة.

وتهدف الجائزة إلى الاهتمام بالشخصيات التي ساهمت بجهدها ومالها ووقتها في مختلف الأعمال التطوعية وكذلك العمل على تكوين قيادات مستقبلية في المجال نفسه من خلال التكريم والرعاية وتشجيع الفئات المساعدة والمؤازرة التي ترفد التطوع ومؤسساته بعطاءات دائمة.

إضافة إلى الاهتمام باستقطاب الأجيال الشابة للعمل التطوعي وحثهم على السلوك القويم ومكارم الأخلاق وهجر العادات والأخلاق المذمومة والعمل على بناء الشخصية الإسلامية المتوازنة وبناء المجتمع الإسلامي المتضامن الذي تربط بين أفراده الأخوة في العقيدة وما يترتب عليها من تكافل وتراحم وإخاء وتعاون.

الطالب من بين الفئات التي شملتها الجائزة، ما المعايير التي تشترطها الجائزة لمشاركات الطلبة؟

من أهم المعايير التي تشترطها الجائزة في الطلبة المتقدمين الالتزام بالسلوك التطوعي، إذ تشترط الجائزة تضمين أوراق ترشيح أي طالب رسالتي تزكية، الأولى من ولي الأمر، توضح مدى مساعدته للأقارب والجيران وحرصه على المشاركة التطوعية لخدمة المجتمع.

إضافة إلى إبراز جوانب التميز في الأنشطة والأعمال التي يقوم بها الطالب. أما الرسالة الثانية فهي من إدارة المؤسسة التعليمية، سواء كانت مدرسة أو معهدا أو كلية أو جامعة، وذلك لتوضيح مدى مشاركة الطالب المتقدم لنيل الجائزة في الأنشطة التطوعية والمجتمعية.

من وجهة نظرك ما دور العمل التطوعي في تنشئة الطلبة؟

العمل التطوعي يعتبر من أهم الركائز الأساسية في بناء المجتمعات وتماسكها، وممارسة الطلبة بمختلف المراحل الدراسية للعمل التطوعي يساهم بشكل كبير في تعزيز روح المواطنة وغرس قيم الانتماء والانضباط السلوكي في نفوسهم، ويمكنهم من التعبير بحرية مسؤولة عن آرائهم وأفكارهم في مختلف القضايا العامة التي تهم المجتمع.

وهو الأمر الذي يعمل على خلق أجيال منفتحة لديها وعي ورؤية واضحة للمساهمة في دفع عجلة التقدم، والمشاركة في تحمل المسؤولية تجاه الأسرة والمجتمع والدولة، ومن ثم يمكنهم في ما بعد من الانخراط في سوق العمل بشكل فاعل.

د. الأميري: العمل التطوعي خارج المدرسة يمثل بيئــة كبرى مفتوحة

 د. أمين الأميري، ما المطلوب من الجهات المعنية لتعزيز العمل التطوعي بين طلبة المدارس؟

لا بد من تعزيز المدارس الحكومية وتبني المدارس الخاصة، لبرامج العمل التطوعي المختلفة، التي من شأنها تحقيق العديد من الإيجابيات التي تضيف قيمة نوعية لخدمة المجتمع وتعزز الثقافة الإيجابية بين الطلبة، إضافة إلى دورها في نشر مفهوم التكافل كسلوك تربوي يمكن من خلاله القضاء على الظواهر السلوكية السلبية بين الطلبة، إذ يساهم العمل التطوعي بشكل كبير في استثمار طاقات الطلبة.

واكتشاف مواهبهم وتمكينهم من استغلال أوقاتهم بشكل مثمر. لذا فإن من المهم التفات المدارس والتركيز على تنظيم برامج إنسانية تتخذ طابع الممارسة العملية الموجهة لخدمة المجتمع ولتنمية قدرات الطالب، كمساعدته الفقراء أو المشاركة في مشروع إنساني اجتماعي.

وذلك بهدف إعداد الطالب الإنسان، صاحب الشخصية الاجتماعية الإيجابية، المنتمي والمتفاعل مع مجتمعه وبلده، حتى لا تتحول الأنشطة التطوعية التي تنظمها المدرسة إلى أنشطة ترفيهية، إلى جانب ذلك لا بد من تنظيم عدد من ورش العمل والمحاضرات داخل المدارس، لتوضيح أهمية وقيمة العمل التطوعي للطلبة والمعلمين، وكذلك توضيح دوره في تهذيب النفس والشعور بمعاناة الآخرين.

هل تلعب ميول ورغبات الطالب دوراً في تقبل القيام بأعمال تطوعية دون غيرها؟

بالطبع، ومن هنا يأتي دور المدرسة في ضرورة أن تتنبه لأهمية تنفيذ أنواع متعددة من الأعمال التطوعية، ليختار كل طالب ما يناسبه وفقاً لميوله ورغباته وقدراته. كما أن تخيير الطالب عند تنظيم أي نشاط تطوعي يساهم في تعزيز الإقبال على المشاركة والأداء بفاعلية، إضافة إلى ذلك، لا بد من ربط الأنشطة التطوعية بالبيئة المحيطة وحاجات المجتمع.

فالمدرسة الموجودة في منطقة نائية تختلف متطلبات العمل التطوعي فيها عن الموجودة في المناطق المركزية. وفي كل الأحوال فإن العمل التطوعي خارج المدرسة يمثل البيئة الكبرى، إذ يمكن للمتطوع المشاركة في تنظيم المرور، وحملات التبرع بالدم، وغيرها. ولا بد أن تتسم الأنشطة التربوية المتعلقة بالعمل التطوعي بالجدية والإيجابية والبعد عن المظاهر الدعائية حتى ترسخ في شخصية الطالب، ولا تكون مجرد قضاء وقت أو صورة دون واقع مفيد.

ما أبرز التحديات التي تواجه تعزيز العمل التطوعي بين الشباب من وجهة نظركم؟

التحديات التي تواجه تعزيز العمل التطوعي بين الشباب، متعددة، منها ضعف الموارد المالية للمنظمات التطوعية، وضعف الوعي بمفهوم وفوائد المشاركة في العمل التطوعي، إضافة إلى قلة التعريف بالبرامج والنشاطات التطوعية التي تنفذها المؤسسات الحكومية والأهلية.

ويرجع ذلك إلى قلة الموارد أيضاً التي تتسبب بدورها في ندرة البرامج التدريبية الخاصة بتكوين جيل جديد من المتطوعين أو صقل مهاراتهم، إلى جانب عدم السماح للشباب للمشاركة في اتخاذ القرارات داخل بعض المؤسسات التطوعية، سواء الحكومية منها أو الخاصة.

وللتغلب على ذلك لا بد من إتاحة الفرصة أمام المساهمات الشبابية في مختلف المجالات التطوعية، والعمل على تأسيس قاعدة عريضة من الكوادر الشبابية وتوجيههم للمشاركة في الأعمال التطوعية التي تتوافق مع ميولهم والحرص كل الحرص على عدم احتكار العمل التطوعي على فئة أو مجموعة معينة، إضافة إلى أهمية تكريم المتطوعين الشباب ووضع برنامج امتيازات وحوافز لهم.

إلى جانب ذلك لا بد من تعزيز التعاون المشترك بين مختلف الجهات التعليمية في الدولة ووسائل الإعلام التي يجب عليها ممارسة دور أكبر في دعوة مختلف فئات المجتمع، وتحديداً الشباب منهم إلى العمل التطوعي، والتعريف بالنشاطات التطوعية التي تقوم بها المؤسسات الحكومية والجمعيات.

حرصت وزارة التربية على تضمين قيم العمل التطوعي في المناهج، من وجهة نظرك ما النتائج المتوقعة لذلك؟

سيساهم ذلك في تعميق الحس لدى الطلبة وتعزيز انتمائهم للوطن وغرس حب النظام في نفوسهم وتنشئتهم تنشئة حضارية، تتوافق مع مكانة دولة الإمارات العربية المتحدة التي بات يشار لها بالبنان في مختلف المجالات.

إضافة إلى ذلك ستساهم تلك الخطوة في تحفيز المدارس على تطبيق العديد من البرامج التطوعية التي ستساهم بدورها في تعزيز ترابط الأسرة التربوية بعضها ببعض، وكذلك ترابط الميدان التربوي مع المجتمع العام، والأهم من ذلك هو تنشئة الطلبة تنشئة روحية وأخلاقية تمكنهم من الإحساس بمعاناة الآخرين وتشجعهم على لعب دور إيجابي أكبر تجاه مجتمعاتهم.

Email