نوراني: 20% من طلبة ُعمان في مدارس خاصة

ت + ت - الحجم الطبيعي

يُمثل التعليم الخاص الذراع الرئيسة للتعليم في كل دول العالم، بل إن معظم الحكومات تعوّل عليه في استراتيجياتها لتطوير التعليم، والمشاركة في رفد مجتمعاتها بمخرجات تعليمية متميزة.

وفي دولنا الخليجية، قطع التعليم الخاص شوطاً كبيراً في هذا الاتجاه، إذ أصبح لدى الكثير منها تجارب وخبرات تستحق رصدها، والتوقف عندها للاستفادة منها.

تجربة التعليم الخاص في الشقيقة سلطنة عُمان، تُعد إضافة جديدة في مسيرة هذا النوع من التعليم.

عن هذه التجربة، وما حققته، التقينا فاطمة بنت عبد العباس نوراني مدير عام التعليم الخاص، بالمديرية العامة للمدارس الخاصة بوزارة التربية والتعليم في سلطنة عمان، وكان الحوار التالي:

ينظر إلى التعليم الخاص على أنه شريك استراتيجي في مسيرة التعليم، كيف تعبرون عن هذه الشراكة في سلطنة عمان؟

يعتبر كل من التعليم الخاص والتعليم الحكومي، شريكين في التعليم بالسلطنة، إذ نُعول على دور القطاع الخاص في دعم العملية التعليمية، بشكل كبير، من خلال مجالين، الأول الخدمات التي يقدمها القطاع الخاص لدعم المشاريع التعليمية، عن طريق الخطط أو البرامج التعليمية المطبقة بالمدارس الخاصة، ومدى تنوعها. والثاني مشاركة القطاع الخاص في دعم إنشاء المدارس الخاصة، بهدف تقليل الضغط على المدارس الحكومية، وبالتالي التخفيف من العبء المادي على الدولة.

 

ما حجم مشاركة التعليم الخاص بالنسبة للتعليم الحكومي؟

يسهم التعليم الخاص في سلطنة عمان، بما نسبته 20 بالمائة من إجمالي نسبة الطلبة الملتحقين في التعليم بشكل عام، ويتميز بتعدده من ناحية البرامج التعليمية وأنظمة التقويم، ما يسهم في إثراء النظام التعليمي بالسلطنة، كما أن الروح التنافسية بين هذه المدارس، تحفزها على تقديم أرقى الخدمات التعليمية التي تستند إلى برامج عالمية مدروسة ومطبقة في دول مختلفة.

إلى أي حد، نجح التعليم الخاص في تحقيق أهداف وزارة التربية والتعليم بسلطنة عمان؟

أكدت عمليات تقييم ومتابعة أداء المدارس الخاصة، أن عدداً كبيراً من هذه المدارس استطاع أن يحقق الأهداف التي تسعى الوزارة إلى تحقيقها من هذا التعليم، فضلاً عن قيام كثير منها بتقديم خدمات متميزة، تنظر إليها الوزارة وأولياء الأمور بعين الرضا. ونأمل خلال الفترة المقبلة، أن تعمل هذه المدارس، على رفد المجتمع المحلي بمجموعة من الخريجين المتميزين والقادرين على تحقيق متطلبات خطط التنمية، واحتياجات سوق العمل. وأود التنويه هنا إلى إن خريجي الدبلوم العام من المدارس الخاصة، المطبقة لبرامج دولية، يتم قبولهم في جامعات خارجية عليا في جميع أنحاء العالم.

ما هي الاستراتيجية التي تحكم عملكم في إدارة وتطوير المدارس الخاصة؟

تنطلق منهجية تعاملنا مع قطاع التعليم الخاص، من استراتيجية وزارة التربية والتعليم التي تهدف إلى نشر التعليم وتجويده وتشجيع الاستثمار في القطاع الخاص مع مراعاة الجودة في التعليم.

ونسعى مع القطاع الخاص إلى توفير خدمات مستجدة، تعزز من مكانة المدارس الخاصة وتحقيق الهدف منها، إذ إن ما يهمنا كتربويين، إيجاد شراكة حقيقية من هذا القطاع، في ما يتعلق بمجال التعليم المدرسي الخاص حتى تعمل مدارسه جنباً إلى جنب مع المدارس الحكومية، بما يخفف العبء عن المدارس الحكومية، ويساهم أيضاً في إيجاد فرص عمل للخريجين وغيرهم، من فئات المجتمع المحلي.

هل لك أن تعطينا فكرة عن عدد المدارس الخاصة والطلبة الملتحقين فيها؟

عدد المدارس الخاصة وفق آخر إحصاءات العام الدراسي الحالي 2011/2012م، بلغ 445 مدرسة خاصة بكافة أنواعها، يدرس فيها حوالي 118470 (مائة وثمانية عشر ألف وأربعة وسبعون) طالباً وطالبة.

 

غياب الامتحانات المقننة.. تحدٍ خطير يواجه التعليم الخاص في السلطنة

ما الفرق بين المدارس الحكومية والخاصة، وهل تعتبر الأخيرة منافساً حقيقياً للأولى؟

تتميز المدارس الخاصة، بالبرامج التعليمية التي تقدمها في الصفوف من الأول إلى الثاني عشر، عن تلك المطبقة بالمدارس الحكومية من حيث التنوع والتعدد الذي من شأنه أن يفي بالمتطلبات المختلفة لأولياء الأمور، وما يخططونه بالنسبة لمستقبل أبنائهم التعليمي، إذ تتوافر بها مجموعة من البرامج التعليمية منها:

البرنامج أحادي اللغة، والبرنامج ثنائي اللغة، فضلاً عن البرامج الدولية، المعتمدة من قبل جهات رسمية عالمية، ومن قبل الوزارة، حيث يهدف تطبيقها في المدارس الخاصة ثنائية اللغة إلى تطوير الأداء التربوي التعليمي لمواكبة المستجدات التي طرأت وتطرأ على النظام التعليمي بالسلطنة بعد تطبيق التعليم الأساسي في المدارس الحكومية. وتحقيق رغبات أولياء الأمور في حصول أبنائهم على مؤهلات دولية، تمكنهم من الاستمرار في الدراسة بالجامعات والكليات والمعاهد العليا داخل السلطنة، وخارجها دون الحاجة لابتعاثهم إلى الخارج.

أي المدارس تعتبر الخيار الأول لمواطني سلطنة عمان، الحكومية أم الخاصة، ولماذا؟

الوزارة لا تنظر إلى المدارس الخاصة، على أنها منافسة للمدارس الحكومية، بل تعمل معها في خط متواز لخدمة طلبة السلطنة. وهي تستفيد من تجارب بعضها البعض للوصول إلى تعليم ذي جودة، يرقى بمستوى الطالب العماني التعليمي والفكري، ولا يمكن المقارنة بين هذين النوعين من التعليم، لأن لكل منهما مجاله ونتاجاته المشرفة والمتميزة، ومن الصعب المقارنة بينهما.

ما أهم التحديات التي تواجه مناهج التعليم الخاص في السلطنة، وكيف تتغلبون عليها؟

مجموعة من التحديات تواجه التعليم المقدم من القطاع الخاص في المدارس الخاصة. فمن حيث المناهج، مدى قدرتها على استيعاب المعرفة المتجددة في ظل التقدم التكنولوجي، ويتم التغلب عليها عن طريق توفير أعضاء مناهج ثنائيي اللغة مؤهلين في مجال المناهج والبرامج التعليمية الدولية. تحدٍ آخر يتعلق بالكادر التعليمي المسند إليه تدريس المناهج، ومدى حصوله على التدريب والتأهيل اللازم للتدريس.

ويتم التغلب عليه من خلال مجموعة من الورش التدريبية التي يقوم بتنفيذها مختصون من المديرية. هناك أيضاً تحدي الدعم الحكومي للمناهج الدراسية المقدمة في المدارس الخاصة. ويتم التغلب عليه عن طريق قيام المختصين بالمديرية، ببناء مجموعة من مصفوفات المدى والتتابع، للمواد الدراسية ثنائية اللغة، بحيث تتناسب مع المؤهلات الدولية المعترف بها عالمياً.

 وهل لديكم تحديات أخرى بالنسبة للمعلم، والمبنى المدرسي؟

تعتبر مسألة رواتب المعلمين في المدارس الخاصة، من أهم التحديات التي تواجه هذا النوع من التعليم بسبب تدني مستوياتها، وهذا بدوره يؤدي إلى عدم استقرار المعلمين، ويضر بالخطط الدراسية لهذه المدارس. لدينا أيضاً تحديات تخص الأبنية المدرسية، من حيث طريقة بناء المبنى، ومدى ملائمته كمؤسسة تعليمية، وقد قامت الوزارة ممثلة بالمديرية العامة للمدارس الخاصة بوضع اشتراطات وضوابط للمباني المدرسية المستأجرة، بحيث تحقق منها أكبر قدر من الاشتراطات الخاصة بالمبنى المشيد.

كما بدأت اللجنة المشتركة بين وزارة التربية ووزارة الإسكان، في إعطاء مدارس خاصة، قطع أراض للبناء عليها، وسيشهد العام الدراسي المقبل افتتاح باكورة من هذه المدارس الخاصة المشيدة.ومن التحديات الأخرى التي تواجه التعليم المقدم من القطاع الخاص، التفاوت في سن القبول، أما التحدي الخطير الذي يواجهه، فيتمثل في عدم وجود امتحانات مقننة لدى الوزارة للحكم على مستويات الطلبة عند قبولهم في ضوء قدراتهم ومهاراتهم.

ما رؤيتكم لتطوير أداء المدارس الخاصة مستقبلاً؟

التنوع الموجود في المدارس الخاصة يجعل مسألة تطويرها مسألة تحدٍ جميل، فكون هذه المدارس مؤسسات ذات طبيعة نفعية، يجعلها تطور نفسها ذاتياً، بل وتتنافس في تطوير أدائها. لذا فإن دور المديرية العامة للمدارس الخاصة هنا، هو جعل هذا التطور في إطار مقبول، ومتوافق مع خطط الوزارة الاستراتيجية، وأن يكون متناسقاً مع المنهج الإسلامي الحنيف، والعادات العمانية الأصيلة، وعلى أعلى المستويات.

وفي إطار سعي وزارة التربية إلى إيجاد آلية لتطوير التعليم الخاص، وجعله ذا جودة تعليمية عالية، قامت المديرية العامة للمدارس الخاصة، بتجربة رائدة في تصنيف المدارس الخاصة، وهي تطبيق برنامج تصنيف المدارس الخاصة من خلال معايير وأهداف وضعت لهذا الغرض.

Email