المؤسسة التربوية وحماية الأبناء

ت + ت - الحجم الطبيعي

يعيش أبناؤنا اليوم عالماً جديداً مختلفاً عن الحياة التي عاشها آباؤهم وأجدادهم. فعالمهم الحديث مختلف في شكله ومظاهره وإيقاعه ولغته. إنه عالم العولمة الذي أتى به التطور التقني وثورة الاتصال والمعلومات التي قربت المسافات بين كوكبنا، لتجعل من العالم قرية صغيرة، بل محض شاشة بحجم الحاسوب.

ولا ريب في أن نعماً كثيرة فاز بها أبناؤنا، غير تفوقهم علينا في إدراك عوالم هذه التقنيات وفك أسرارها والقدرة على فهم مجاهيلها. فقد أتاحت لهم هذه التقنيات الاطلاع على عوالم الـ «آيباد وفيسبوك وتويتر وانستغرام وفايبر ويوتيوب وإنترنت»، واستخدام إمكاناته في الصوت والصورة والتحدث في غرف الدردشة، فضلاً عن الفائدة العلمية والثقافية والمعلوماتية المتحصلة من دخولهم على محركات البحث العملاقة، للإجابة على ما يودون الحصول عليه، أو للحصول على الكتاب أو الدراسة أو القصيدة أو الرواية أو الأغنية التي يأملون في الوصول إليها.

ولا ريب في أننا لو أردنا أن نحصي ما يمكن أن نجنيه من نِعم العولمة، فإن الحيز المخصص لهذه الكلمة لن يتسع لذلك. لكن من اللازم ونحن نتحدث عن إيجابيات العولمة وفوائدها، أن نتذكر وجهها الآخر الذي ينبغي ألا نغفله، لا سيما ذاك المتصل بأبنائنا الذين قد تقودهم براءتهم إليه، حيث ينتظرهم العابثون والمستغلون ومافيات الرذيلة، عن طريق استدراجهم إلى غرف الدردشة أو التغرير بهم في التصوير والخديعة والتحرش الإلكتروني، ومن ثم استغلال ذلك كله في الضغط عليهم وابتزازهم.

وهي حالات موجودة، وهي في الغرب أدت وتؤدي إلى حدوث مشكلات تصل إلى الانتحار، تخلصاً من الضغوط النفسية والاستغلال.

وإذا كانت الإمارات واحدة من ثلاث دول عربية قد شرعت قوانين خاصة لمكافحة هذا النوع من الممارسات، فإننا هنا ندعو إلى تعميق الممارسات التوعوية في مدارسنا، جنباً إلى جنب مع جهود الأسرة، إما عن طريق ندوات ممنهجة لتحصين الأبناء، وتعميق وعيهم بالتحديات الجديدة، أو عن طريق تضمين الكتب الدراسية نصوصاً قصصية فنية وغير مباشرة، تصور هذا الجانب تصويراً، يعرض فيها الكاتب لتلك التحديات ووسائل الاستدراج، مع تقديم النموذج السلوكي الملائم لمواجهته. وبهذا نكون قد قمنا بما تتطلبه التحديات الخطيرة التي قد يتعرض لها فلذة أكبادنا فتسبب لهم لا سمح الله- الأذى النفسي أو ما هو أبعد من ذلك.

Email