الخلاف شر والاختلاف أشر

ت + ت - الحجم الطبيعي

أحياناً يكون رأس الإنسان أوْلى بالغسل من ملابسه! ليس استخفافاً به أو احتقاراً، بل لتأديبهِ وغسل عقله المسموم بأفكاره الملغومة والتي ترفض التعاطي مع الحلول سوى بالنزاعات والصدام مع من حوله.

لست بقاسية القلب لأصدر مثل هذا الحكم الجائر، فالله كرم الإنسان وجعله خليفته في الأرض، لكن بعض البشر هم من ظنوا أنفسهم حكاماً لعقولنا بفرض أفكارهم الحمقاء علينا، ورفضهم لفكر غيرهم وعدم تقبلهم لقناعات الشخص الآخر!

هناك قاعدة يجب السير عليها دون تخطيها، فقبل الكلام والنزاع وإصدار الأحكام، يجب على كل إنسان الجلوس باسترخاء للتفكر واسترجاع أفكاره، والحكم عليها من منطلق الصواب والخطأ، ومحاولة فهم مدى إدراكه وحسن محاورته لـلناس.

يجب علينا نبذ الخلافات البسيطة فيما بيننا؛ بين جارٍ وأخٍ وصديق. بعدها كُلي ثقة بأن الخلافات سوف تتلاشى وتزول، وتحمل معها ما تبقى من أفكار مسمومة غرستها فينا، أفكار يعتنقها أناس همّهم الدنيا ومتاعها الفانية بعقول فارغة من الفكر والرؤية الثاقبة.

ستنتهي الخلافات وتحل محلها الحوارات الهادفة والمفيدة التي ترتقي بنا، ستجمع أمتعتها وترحل وسننبذ سوء التعاطي مع أفكار الغير وقناعاته. سوف نتقبلها بوعي وصدر رحب أو نرفضها بأدب وإقناع واقتناع.

نعم؛ نحن اتخذنا القرار السليم بنزع الخلافات، وحسن التحاور والاستماع، متخذين الرسول صلى الله عليه وسلم والصحابة رضوان الله عليهم، قدوة لنا، والمودة شريعة لنا! من هنا سنستطيعُ المضي قدماً بثقة نحو التحاور المجدي المفيد الذي يرتقي بالعقل والرأي السديد.

سنعمل حينها بجد لتقارب وجهات النظر ومحاولة جمعها وإيجاد حلول مناسبة، مع مناقشة الأفكار المعارضة لنا. حينها سنبني جسور التواصلِ دون عناء. إذ أن الخلاف شر والاختلاف أشر.

يا سيدي؛ نحن مجتمع قادر على إدارة دفة الحوار، لكننا نفتقر إلى فن المناظرة مع مخالفينا بالأفكار والأساليب. الحوار: هو من يصلح النفوس ويقيها شر الاحتداد والنفوذ. وهو بوابة التواصل الروحي. بغض النظر عمن يظن نفسه دائماً يمتلك القرار السليم، وإن حاولت مجرد محاولة معه سـيحتد ويعتبرك مفصوم الشخصية، حينها المناقشة معه أشبه بمحاولة إعطاء دواء لشخص ميت!

Email