«إعادة تدوير القصة».. حقوق «العربية» محفوظة في «الأهلية الخيرية»

ت + ت - الحجم الطبيعي

الحاجة إلى غرس حب القراءة في نفوس الطلبة، تفرز الكثير من الأفكار وتكشف النقاب حتماً، عن الكثير من المحاولات في سبيل إعادة الثقة والود المفقود بين الطالب والكتاب.. بعض المدارس فشل في تجسيد واقعاً أفضل، وبعضها نجح نسبياً في إعادة دفة القراءة إلى موقع قريب من مكانها الصحيح، والبعض الآخر استطاع أن يحدث التغيير المنشود في الصغر على أمل أن يسعفه بعض ما يأتي في المستقبل.

ما قدمته المدرسة التأسيسية في المدارس الأهلية الخيرية في دبي، في هذا السياق يبدو نوعياً متميزاً إلى حد ما، فلطالما سمعنا عن إعادة تدوير أشياء كثيرة، ولكن هذه المدرسة بالتحديد، قدمت نموذجاً استثنائياً لهذا المصطلح، بابتكارها الجديد «إعادة تدوير القصة».

 مضمون الفكرة يرتكز على أساس جلب وتوزيع قصص طفولية قديمة وبسيطة ومصورة، بعد لصق ورقة بيضاء فارغة فوق فقرات الكتابة في القصة، ليقف الطالب وقفة تأمل مع نفسه، باحثاً عن تفسير لمشاهد القصة أمامه، وعبر هذا العصف الذهني يعيد الطالب ذو الأعوام الصغيرة، صياغة أحداث القصة بخطٍ جميل وأسلوب رشيق مبنياً على معايير نحوية وإملائية ولغوية صحيحة، مع مراعاة عناصر القصة وهي: العنوان والزمان والمكان والبداية والأحداث والحوار والصراع والنهاية.

إبراهيم أبوزيد نائب المدير العام للمدارس الأهلية الخيرية بدبي، مدير المدارس التأسيسية، وصاحب فكرة إعادة تدوير القصة، يؤكد أن المشرع أتاح للطالب فرصة لنسج قصته وكتابتها من وحي الصورة. وحتماً فإن هذا الأمر يساهم في توسيع مدارك الطالب في مرحلة مبكرة، وإعطائه القدرة على التخيل والإبداع.

 وحي الخيال

ورغم صغر سن الطلبة المشاركين، فقد استشفت معلمات اللغة العربية المشرفات على المشروع، مهارة كبيرة في التعبير، وقدرة فائقة على كتابة القصة الصغيرة بتفاصيل من وحي الخيال، متسلحين بقدرة وموهبة أدبية، تتفوق على أعمارهم في مرحلة الصفين الثالث والرابع،.

مشيراً إلى أن طلاقة هذه البراعم الصغيرة من الطلاب الطالبات في الكتابة والتعبير باللغة العربية الصرفة، أثبتت أن المرحلة التأسيسية هي الفترة المناسبة لشحذ همم الصغار نحو الكتابة وصقل المواهب.وعلى المدى البعيد، يتفاءل أبوزيد بأن يحقق المشروع أهدافه، في سد قصور اللغة العربية في مراحل متقدمة، خاصة وأنه ثمة معايير يجب مراعاتها أثناء الكتابة، مثل:

الحرص على الكتابة بلغة سليمة نحوياً، خالية من الأخطاء الإملائية، تُوظف خلالها علامات الترقيم في أماكنها الصحيحة، مع المحافظة على السياق اللغوي السليم، ما يُمكّن الطالب من صياغة القصة باستخدام مفردات حديثة، يتناولها المعلم في دروس اللغة العربية، وسيجد الطالب نفسه تلقائياً مع مرور الوقت واقعاً في غرام القراءة.

 العصف الذهني

ومن المكاسب الأخرى التي يشير إليها إبراهيم أبوزيد في هذا السياق، تدريب الطلبة على عملية العصف الذهني بالاطلاع على الصور، وإعادة صياغة سيناريو القصة وكل مشهد على حدة. ومن المتوقع أن تصنع هذه التجربة البسيطة أقلاماً ثقيلة في وزنها الأدبي مستقبلاً، إلى جانب إفراز مخرجات طلابية تمتلك القدرة على التعامل مع الكتابة والقراءة في جميع المجالات، سواء أكانت إعلامية أو أدبية أو علمية وخلافها.ويلمس مدير المدرسة التأسيسية، تفاعلاً محفزاً من أولياء الأمور تجاه المشروع الجديد، إذ بادر عدد منهم إلى التبرع بشراء القصص وإرسالها إلى المدرسة.

وقد قدمت ولية أمر نحو 50 قصة في يوم واحد، فضلاً عن الآخرين الذي غذوا المشروع بالقصص العربية القديمة والهادفة، ما يسهم في إشعال لهيب المنافسة بين الطلبة، لسرد القصص بأجمل صياغة، وإعادة كتابة عناوين جديدة وفق النصوص التي يراها الطفل توافق كل قصة من منظوره الخاص. وفي المستقبل سيشهد المشروع توسعات وإضافات سعياً إلى ضم كافة المراحل في المدرسة، من أجل قراءة القصص القديمة وإعادة تدويرها بما يحقق منفعة كبيرة مشتركة.

Email