نقل الطلبة إلى مدارس أخرى.. الحل الأخير في معالجة المشكلات

ت + ت - الحجم الطبيعي

مدارسنا لا تخلو من طلبة لا يبالون بعدد الإنذارات الشفهية أو الخطية الموجهة إليهم بعد ارتكابهم أخطاءً وسلوكيات لا تتماشى مع لائحة التعليم، فيظلون متمسكين بأخطائهم حتى يفاجأون بقرار نقلهم إلى مدرسة أخرى، ثم تبدأ ملامح الأسى والندم على ما مضى من وقت، وتأتي مرحلة التوسل «لعل وعسى» يعودون إلى مدرسة الطفولة..

هكذا هو حال بعض الطلبة الذين ألقوا بأنفسهم في دائرة الخطر ومن ثم النقل إلى مدرسة أخرى، بعد أن عجزوا عن كبح جماح أنفسهم عن سلوكيات وأخطاء تشبثوا بها، لا سيما قضية التأخير التي احتلت الصدارة بين قضايا متشعبة كثيرة.

الاختصاصي الاجتماعي هيثم إبراهيم، أكد أن الغياب المتكرر يشغل الحيز الأكبر من أسباب نقل الطلبة من مدارسهم، حيث تقوم إدارة كل مدرسة بدراسة الأسباب، واستدعاء ولي الأمر لمناقشة وضع الطالب، وتخضع عملية النقل إلى سلسلة من الإجراءات، أهمها الإمضاء على إنذار خطي لثلاث مرات، والمرة الرابعة يكون بمثابة إخطار نهائي لإحالة ملف الطالب إلى المنطقة التعليمية، والبت في إجراءات صارمة حسب اللائحة التي نصت عليها الوزارة.

 

علاج عقابي

وأضاف إبراهيم أن نقل الطالب إلى مدرسة أخرى، هو أحد الطرق العلاجية، التي فيها تغيير للبيئة الصفية والمدرسية، وبها ربما يستعيد نشاطه وتفكيره الصواب، وهذه الوسيلة هي آخر الحلول للحد من السلوكيات السلبية في المدارس، سواء كانت غياباً متكرراً أو مشاكل أخرى.

العقبة الوحيدة التي وقفت في وجه الطالب خليفة محمد هي التأخير، وقد نُقل على إثرها إلى مدرسة أخرى بعد محاولات كثيرة من إدارة المدرسة لردعه عن هذه العادة، وتعهدات عديدة وقّع عليها بأن لا يعيد الكرة ثانية، لكن مع تكرار سيناريو التأخير، أصرت المدرسة على أن ينال عقابه العادل.

وقال خليفة: إن خضوعه للعقاب، أعاد صياغة الكثير من الأفكار في رأسه، منها برمجة يومه منذ الصباح حتى لا يقع في مشاكل التأخير مرة أخرى، ومحاولة النوم باكراً حتى لا تتسلل إلى ذهنه رياح الكسل صباحاً، وهذا ما دأب عليه منذ نقله إلى مدرسة أخرى.

 

عزلة وغربة

المشكلة ذاتها عصفت باستقرار الطالب أحمد عمر في مدرسته، فقد جاء قرار نقله نتيجة تشبثه بسلوك التأخير الصباحي، وقد نقل إلى المدرسة نفسها التي نقل إليها صديقه خليفة. وقال أحمد: حاولت مراراً وضع حد للتأخير الصباحي، لكن مسافة الطريق الطويلة والازدحام، كانت العائق الأكبر بالوصول في وقت مبكر، وكم أتمنى أن تعود بي الأيام لأكف عن التأخير.

لأن الانتقال إلى مدرسة جديدة، أشعرني بالغربة، وعزلني عن أصدقاء أمضيت معهم سنوات طويلة، فضلاً عن مشقة الطريق وبعد المسافة.ووجه أحمد عمر نصيحة إلى كل طالب لا يزال يصر على مخالفاته، وقال: إن تصحيح الأخطاء وتداركها في وقت مبكر، هو السبيل الأمثل أمامهم، حتى لا يعيشوا مأساة النقل والتشتت في مجتمع طلاب جديد.

 

قرار شخصي

ورغم قرب المنزل من مدرسة الطالب سعيد المهيري القديمة، إلا أنه أراد الانتقال إلى مدرسة حديثة مؤخراً، مرجحاً السبب إلى أنه لم يوفق بالأصدقاء في المدرسة القديمة، مشيراً إلى أن مرافقة أصدقاء السوء لا يسفر عنها، سوى نتائج سلبية ستؤثر على حياتي الدراسية والخاصة، لذا جاء قرار الانتقال إلى مدرسة أخرى، لأضع نفسي أمام تجربة توضح فيما إذا كان العيب مني أو من الأصدقاء الذين تضررت منهم، ولم أجد حلاً للتخلص من مرافقتهم إلا بالانتقال إلى مدرسة أخرى، لا سيما وأنني على أعتاب التخرج من الثانوية.

 

مستوى أفضل

وقد أشارت النتائج التي رصدتها إدارات المدرسة، إلى أن مستوى الطلبة المنقولين تحسن كثيراً على الجانبين الأكاديمي والسلوكي.

من جانب آخر، فقد قدم بعض مديري المدارس وعوداً لطلابهم المنقولين، بإعادتهم إلى المدارس القديمة إذا توقفوا عن ارتكاب السلوكيات القديمة وتجاوزا أخطاءهم التي كانت السبب وراء نقلهم.

ومما يذكر، أنه وخلال زيارتنا لإحدى المدارس، وجدنا صدفة طالبين يلحان على مدير المدرسة، ويطلبان إعادتهما إلى المدرسة بعد نقلهما إلى مدرسة أخرى نتيجة غيابهما المتكرر، وقال المدير: إن هذه السيناريو يتكرر يومياً، ما دفعه إلى عقد اتفاقية تفي بإعادتهما في الفصل المقبل إذا توقف الطالبان عن غيابهما المعهود والمتكرر.

Email