الغياب الجماعي.. سلوك بلغ «الشيخوخة» لكنه يولد كل عام

ت + ت - الحجم الطبيعي

الغياب الجماعي مشكلة قديمة جديدة، يعاني منها الميدان التربوي باستمرار، إذ تلم هذه الظاهرة العديد من السلبيات التي تعصف بالمستوى التحصيلي للطلبة، وتفقدهم فرص الاستفادة من المواد الدراسية المقررة على النحو الأمثل، كما تغرس فيهم حب التمرد على اللوائح والقوانين، وتضعف إحساسهم بالمسؤولية، وغير ذلك من الأمور السلبية، ما ينعكس بآثار قاسية على المستقبل.

على الرغم من أن الانتظام في الدوام المدرسي، وجد ليزرع في الطلبة سمات سامية، مثل الجدية وحب العمل واحترام قوانينه وأخلاقياته، والحرص على النظام والانتماء للمدرسة، إلا أن الطلبة يتجاهلون أهمية كل ذلك بعفوية مفرطة ولا مبالاة مزعجة.. ترى ما الأسباب التي تشجع الطالب على الغياب؟ هل هي ضعف قوانين ولوائح المدرسة؟ أم الأمر يتعلق بتهاون الأسرة ولامبالاة الطالب؟ وما المقترحات لجسر هذه الهوة التي تعصف بحاضر الطالب ومستقبله؟

السطور التالية توضح جملة من المقترحات التي يراها التربويون حلاً للقضاء على هذه القضية التي تتكرر بداية كل موسم دراسي وفي كل مناسبة. وقد لمسنا قبل أسابيع قليلة عودة خجولة للطلبة إلى مقاعدهم في الفصل الدراسي الثاني، ما استدعى الوقوف على هذا الواقع الممل والمزعج معاً.

اختبارات ودرجات

البداية مع جاسم آل علي سكرتير مدرسة، الذي يقول إن ظاهرة الغياب الجماعي تبرز لدى الطلبة بشكل واضح في بداية كل فصل دراسي، ويرجع سببها كما يرى إلى استغلال الطلبة فرصة انشغال بعض المعلمين بتصحيح بعض الاختبارات ورصد الدرجات، مؤكداً أن هذه المسألة تتطلب إنهاء إجراءات الاختبارات المتعلقة بكل فصل قبل أن يهل الفصل التالي، ليتنسى للمعلمين تدريس الطلبة منذ البداية،.

لافتاً إلى أنه في ما يخص الغياب الذي يأتي بعد أيام العطل الرسمية، يمكن تجاوزه بوضع الاختبارات التحريرية والشفوية لتكون إلزامية لجميع الطلبة، ومن يتغيب عن الحضور لعذر غير مقبول لن يحصل على فرصة أخرى لإعادة الاختبار، مشيراً إلى أن المدرسة جربت مثل هذه الحلول وكانت النتيجة التزام جميع الطلبة بالحضور.

أما محمد عبدالعزيز اختصاصي اجتماعي فيرى أن مشكلة الغياب تبدأ من الأسرة، فتمسك الطالب بالدوام يرتبط بصدى ما يشعر به من رضا أبويه أو عدم رضاهم من كل تصرف يبدر منه، فإذا أظهر الوالدان لامبالاة من عدم ذهاب الابن إلى المدرسة، فإن ذلك سيمنحه أريحية، وشعور بأن تصرفه عادي، مشيراً إلى أن ذلك في حقيقته يعكس قلة الوعي من قبل الوالدين والطالب نفسه، لذلك لابد أن يلعب الإعلام والمجتمع دوراً محورياً في تنوير عقل الأب والطالب بأهمية الالتزام بالمدرسة وتوضيح المخاطر التي سيقع بها الطالب جراء ذلك.

 تنسيق إلكتروني

إبراهيم محمد معلم يؤكد أن ظاهر الغياب الجماعي مشكلة قديمة، وكأنها ولدت من جديد وعادت بقوة بعد انتشار التقنيات الحديثة والتي استغلها الطلبة في نشر الشائعات والاتفاق الجماعي على الغياب، وذلك من خلال المحادثات الفردية والجماعية التي تدور بينهم من دون حسيب أو رقيب.

ويرى أن تجاوز سلبيات ذلك يتحقق باختيار بعض الطلبة الأكثر تأثيراً بين الطلبة، وتوجيههم للتواصل مع أكبر شريحة ممكنة من زملائهم عبر التقنيات التي يستخدمونها، وحثهم على الرجوع عن الأفكار السلبية التي يفكرون بالإقدام عليها.بالإضافة إلى ذلك يؤكد محمد أن وضع قوانين أكثر صرامة تعاقب الطلبة الذين يتغيبون من دون عذر، كنقل الطالب إلى مدرسة أخرى تبعد عن المنطقة التي يقطن فيها، أو إرسال ولي الأمر إلى جهات عدة ليحصل على موافقة لإعادة ابنه إلى المدرسة، وحينها سيشعر ولي الأمر والطالب بأن المدرسة خط أحمر، لافتاً إلى مجموعة من الحلول المجدية التي لجأت إليها معاهد التكنولوجيا التطبيقية، وسجلت نسب حضور كاملة منذ اليوم الأول.

Email