«التسرب من المدرسة».. يوم لا ينفع الندم

ت + ت - الحجم الطبيعي

يعيش بعض الطلبة في مراحلهم الدراسية المختلفة، صراعات داخلية مع أنفسهم، نتيجة ظروف وضغوطات داخلية وخارجية يمرون بها، فيدفعهم ذلك إلى اتخاذ قرارات غير صائبة تهدد مستقبلهم، لعل أكثرها خطورة تركهم المدرسة قبيل إكمال مراحلهم التعليمية. وتعود آثار مثل هذه القرارات بسلبيات خطيرة على الأفراد والمجتمع، حيث تُهدر طاقات الطلبة وأفكارهم الطموحة، وتُفقدهم الخبرات المهنية والحياتية الواجب الظفر بها على مر سنوات العمر.

 

دراسات مختلفة أشارت إلى أسباب عديدة تقف خلف ظاهرة التسرب من المدرسة، أو حتى الإحجام عن الالتحاق بالجامعة، يتصدرها التفكك الأسري الذي يجعل الطالب يعيش في دوامة من الصراعات الداخلية، والتي تمهد تقبله للأفكار السلبية من الأصدقاء والمحيطين، بالإضافة إلى الاندفاع والرغبة في إثبات الذات نتيجة الإذعان إلى متغيرات المراهقة..

 «العلم اليوم» استمعت إلى آراء طلبة وتربويين الذين أكدوا بدورهم، تعدد السلبيات التي تفرزها مثل هذه القرارات المصيرية لدى الطلبة المتمردين على فطرتهم التعليمية.

 

أوهام زائفة

متعب الناصري، قال إنه ترك الدراسة بعد الصف التاسع، لرغبته في التخلص من قيود المدرسة ومتاعب الالتزام اليومي والشعور بالحرية، إذ كان لا يرتبط بالمدرسة ولا يرغب بالدراسة، فيتكرر غيابه وتزداد عدم مبالاته بالدراسة، فبدأ يبحث عن وظيفة لكن صغر سنه وقف عائقاً أمام حصوله على الوظيفة التي كان يطمح إليها.

حيث رسم أمالاً كثيرة مستنداً على أوهام زائفة كان يبررها لنفسه، فطال مشواره في البحث عن وظيفه، واصطدم بواقع محبط، جعله يستسلم في قبول أي وظيفة يصادفها، وبعد بحث مضنٍ حصل على وظيفة بسيطة لا تُرضي ما كان يسعى إليه، لكنها كانت الخيار الوحيد المتاح أمامه.

وأضاف إنه بعد مباشرة العمل شعر بندم شديد لتخليه عن الدراسة، وقد حُرم من كثير من الامتيازات المالية والمعنوية التي سيحصل عليها لو كان يحمل شهادة الثانوية على الأٌقل، وذلك جعله يعيد التخطيط لمجرى حياته، فقرر أن يكمل سنواته الدراسية التي أضاعها بسبب طيشه وعدم إدراكه، لافتاً إلى أنه في السابق، تحدى جميع أفراد عائلته وحاربهم، ولم ينصت إلى نصائح المعلمين الذين عجزوا عن أن يثنوه عن رغبته الجامحة في التخلي عن الدراسة.

من جانبه، أكد عبدالله عبيد أن من الأسباب التي أجبرته على التخلي عن الدراسة، رسوبه المتكرر في مراحل مختلفة، حيث كانت نفسيته تستاء عند ظهور الدرجات، ولا يشعر برغبة في إكمال ما تبقى من سنوات دراسية، بسبب العقوبات التي كان يواجهها من ذويه، كما أنه كان يشعر بنظرات ساخرة من زملائه الذين كانوا معه على مقاعد الدراسة، ثم سبقوه بمراحل بعد رسوبه.

وأشار إلى أنه كلما تقدم به العمر في المدرسة، فقد الرغبة في التعليم، وإلى جانب ذلك، فقد ساهم أصدقاؤه الذين تركوا المدرسة في تشجيعه على انتهاج سبيلهم، الذين كانوا يقنعونه بشكل يومي بالتخلي عن المدرسة، إلى أن جاء اليوم الذي قرر فيه ترك المدرسة، متحدياً رغبة والداه في إكمال الدراسة.

 

مشاكل أسرية

وأوضح م. ح. أن من الأسباب التي أجبرته على ترك الدراسة منذ مرحلة مبكرة، المشاكل الأسرية التي كان يعاني منها في المنزل، وضعف ملامح الرعاية والاهتمام من قبل والديه، الذين كانا ينشغلان طوال الوقت بالخلافات والنزاعات الأسرية على أتفه الأسباب، ونتيجة لذلك فقد تجرع معاناة طويلة وانخفض مستواه التحصيلي.

كما أن المدرسة طلبت مرات عدة مقابلة ولي أمره الذي كان يتهرب بشكل مستمر من الذهاب إلى المدرسة، وعندما شعر بكم كبير من الإهمال، بدأ في الغياب التدريجي عن المدرسة، دون معارضة من والديه، واستمر على هذا المنوال إلى أن ترك المدرسة بشكل نهائي في الصف السادس. وأضاف أنه واجه العديد من المصاعب نتيجة تخليه عن المدرسة، برزت بشكل أكبر في تربية الأبناء الذين أصبحوا اليوم بحاجة إلى متابعة في الأمور الدراسية والحياتية، حيث بات من الضروري أن يلم ولي الأمر بكيفية استخدام التقنيات الحديثة التي أدمن عليها الأبناء وأصبحت المتنفس الوحيد لشريحة كبيرة منهم.

Email