حياته وشعره بكر بن حمَّاد التَّاهرتي

  • الصورة :
  • الصورة :
صورة
ت + ت - الحجم الطبيعي

يستعرض كتاب "أبو بكر بن حماد التاهرتي.. حياته وشعره"، لمؤلفه الدكتور علي إبراهيم كردي، محطات حياة وإبداع التاهرتي، مبيناً أنه لم يعرف له أي ديوان شعر مخطوط. بل جاءت أشعاره متفرقة في المصادر المختلفة، فحاول بعض المهتمين بالأدب جمع ما تناثر من أشعاره في المصادر المخطوطة والمطبوعة، فقام محمد رمضان الشاوش بأولى المحاولات الجادة لجمع شعر بكر في ديوان متكامل.

فجمع له مئة وأحد عشر بيتاً في كتابه" الدر الوقاد من شعر بكر بن حماد"، وصنع للكتاب مقدمة تاريخية قيِّمة عن حال المغرب الإسلامي ومدينة تاهرت وحضارتها، ورتب أشعار الديوان بحسب أغراضها الشعرية: باب الوصف، باب الهجاء، باب الزهد والمواعظ، باب الاعتذار، باب الرثاء.

ويشير المؤلف إلى ان مدينة تاهرت، مسقط رأس الشاعر، بكر بن حمَّاد، ومرتع صباه ويفاعته، مدينة مشهورة من مدن المغرب الأوسط، تقع على طريق المسيلة من تلمسان. وكانت في ما سلف عبارة عن مدينتين كبيرتين إحداهما قديمة والأخرى محدثة.

ويسرد كردي وصفا موسعا حول المدينة، مبيناً أنه فتحها المسلمون بقيادة عقبة بن نافع الفهري، سنة 62 هجري، وبقيت تابعة لولاية القيروان حتى سنة 160 هجري، وهي السنة التي بايع فيها الخوارج الإباضية، القاضي عبد الرحمن بن رستم بالإمامة.

والشاعر، كما يذكر علي إبراهيم كردي، هو بكر بن حمَّاد بن سهل بن إسماعيل الزنَّاتي التَّاهرتي أبو عبد الرحمن. ولد في مدينة تاهرت زهاء سنة 200 هجري، وأخذ فيها علومه الأولى عن شيوخها وعلمائها وفقهائها ومحدثيها، إلى أن بلغ السابعة عشرة من عمره.

وضاق فضاء تاهرت العلمي بطموحه، فعزم على الرحلة إلى المشرق لأخذ العلم من مناهله، وتوقف في القيروان التي كانت مركزاً علمياً مرموقاً آنذاك. وأقام فيها يقرأ الفقه والحديث والعلوم الأخرى، في مساجدها، على أيدي مشاهير علمائها كالإمام عبد السلام بن سعيد التنوخي المعروف بسحنون (ت 240 هجري/854 م). وبعد مدة، تاقت نفسه إلى الرحلة للمشرق.

حيث الحواضر العلمية في بغداد والبصرة، فزم راحلته وانطلق إلى بغداد، واستطاع أن يصل إلى بلاط الخليفة المعتصم ويمدحه وينال أعطياته. والتقى في رحلته تلك، جماعة من كبار الأدباء، كدعبل الخزاعي (ت 240 هجري/860 م) الذي احتك به ونَفَس عليه مكانته فكادَ له بكر عند المعتصم، وصنع أبياتاً في هجائه على لسان دعبل، وحرَّضه عليه.

والتقى أيضا بأبي تمام حبيب بن أوس الطائي (ت 231 هجري- 846 م)، والذي عاتبه على كيده لدعبل.

وبقي بكر يتنقل بين القيروان وتاهرت، ويبدو أنَّه اشترك في الفتنة التي وقعت في تاهرت سنة 282 هجري، ضد أبي حاتم الرستمي سادس الأئمة الرستميين، والتي وأدَّت إلى إقصائه عن سدَّة الحكم، وإخراجه من عاصمة ملكه، حتى إذا ما استطاع أبو حاتم الانتصار على مناوئيه، والعودة إلى كرسي الحكم، أسرع بكر إلى الاعتذار منه، وطلب العفو فكان له ما أراد.

وثمَّة أخبار تدل على أن بكراً تردَّد على المغرب الأقصى، واتصل ببعض أمرائها كأحمد بن القاسم الكُرتي (أمير كرت) ومدحه. وكذا مدح أبا العيش عيسى ابن إدريس صاحب جراوة وتلمسان بشِعر طويل. ولم يدم صفو العيش لشاعرنا في القيروان، إذ وشى به بعض منافسيه لدى الأمير إبراهيم بن أحمد بن الأغلب لشعر قاله فيه، فخاف بكر وخرج فاراً من القيروان إلى مسقط رأسه تاهرت، بصحبة ابنه عبد الرحمن سنة 295 هجري، وعندما وصلا إلى قلعة بني حماد على مشارف تاهرت تعرض لهما اللصوص، فقتلوا الابن، وجرحوا الأب جراحات بليغة.

فدفن بكر ابنه بيديه الضعيفتين. ودب دبيباً إلى أن وصل إلى تاهرت، وبها فاضت روحه في شهر شوال سنة 296 هجري، ودفن في تراب بلده، بعد عمر طويل أمضاه في الحل والتَّرحال وطلب العلم ونشره . وبالعموم فإن الكتاب يحكي عن سيرة مبدع، بكر بن حماد، أجمع المؤرخون وأصحاب كتب التَّراجم على انه كان عالماً بالحديث وتمييز رجاله، وأنَّه كان ثقة مأموناً فيما يرويه.

 

 

 

 

 

الكتاب: بكر بن حمَّاد التَّاهرتي حياته وشعره

تأليف: علي إبراهيم كردي

الناشر: وزارة الثقافة السورية دمشق 2011

الصفحات: 86 صفحة

القطع: الكبير

Email