إعلام الناس بما وقع للبرامكة

إعلام الناس بما وقع للبرامكة

ت + ت - الحجم الطبيعي

مؤلف كتاب «إعلام الناس بما وقع للبرامكة» هو: محمد بن دياب الاتليدي المتوفى سنة 1100 هجرية وهو أديب مؤرخ من إقليم منيه الخصيب بمصر. أما كتابه هذا. فقد جمع فيه طرائف أخبار الخلفاء ورتبه حسب العصور مبتدئاً بأخبار أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه ورجع في كثير من فصوله إلى كتب كثيرة لم تعد موجودة.

من الكتاب «عمر والعجوز المدينية» قيل لمّا رجع عمر ـ رضي الله عنه ـ من الشام إلى المدينة. انفرد عن الناس ليتعّرف أخبار رعيّته، فمرّ بعجوز في خباء لها، فقصدها، فقالت: ما فعل عمر ـ رضي الله عنه ـ؟ قال: قد أقبل من الشام سالماً، فقالت: يا هذا! لا جزاه الله خيراً عني، قال: ولم؟ قالت: لأنه ما أنالني من عطائه منذ ولى أمر المسلمين ديناراً ولا درهما.

فقال: وما يدري عمر بحالك وأنت في هذا الموضع؟ فقالت: سبحان الله..! والله ما ظننت أن أحداً يلي على الناس، ولا يدري ما بين مشرقها ومغربها.

فبكي عمر ـ رضي الله عنه ـ وقال:كلّ أحد أفقه منك حتى العجائز يا عمر. ثم قال لها: يا أمة الله .. بكم تبيعيني ظلامتك من عمر، فإني أرحمه من النار؟ فقالت: لا تهزأ بنا يرحمك الله...

ولم يزل حتى اشترى ظلامتها بخمسة وعشرين دينارا.

فبينما هو كذلك، إذ أقبل علي بن أبي طالب ـ رضي الله عنه ـ وعبد الله بن مسعود ـ رضي الله عنه، فقالا: السلام عليك يا أمير المؤمنين فوضعت العجوز يدها على رأسها وقالت : واسوأتاه! شتمت أمير المؤمنين في وجهه؟

فقال لها عمر ـ رضي الله عنه- لا بأس عليك، يرحمك الله، ثم طلب قطعة جلد يكتب فيها فلم يجد، فقطع قطعة من مرقعته وكتب فيها:

بسم الله الرحمن الرحيم: هذا ما اشترى عمر من فلانة ظلامتها، منذ ولى الخلافة إلى يوم كذا «بخمسة وعشرين ديناراً، فما تدعى عليه عند وقوفه من المحشر بين يدي الله تعالى، فعمر بريء منه، شهد على ذلك علي وابن مسعود ثم دفعها إلى ولده وقال له:

إذا أنا متّ فاجعلها في كفني ألقى بها ربي ومن الكتاب: أبن ادم. ووقف رجل على الواثق فقال: يا أمير المؤمنين صل رحمك و ارحم أقربائك، وارحم رجلاً من أهلك، فقال الواثق: من أنت، فأني لا أعرافك قبل اليوم، فقال:ابن جدك آدم، فقال يا غلام أعطه درهما، فقال يا أمير المؤمنين وما أصنع بدرهم ؟ قال: أرأيت لو قسّمت المال بين أخوتك أولاد جدي أدم، أكان ينوبك منه حبّه ؟ فقال: لله درّك ما أذكى فهمك ! فأمر له بعطاء وانصرف مكرما.

ومنه: جئ بتميم بن جميل إلى المعتصم أسيرا كان قد خرج عليه، فقال المعتصم:إن كان لك عذر فائت به، فقال: الحمد الله الذي أحسن كل شي خلقه، وبدأ خلق الإنسان من طين ثم جعل نسله من سلاله من ماء مهين، يا أمير المؤمنين، أن الذنوب تخرس الألسنة وتصدع القلوب وأيم الله لقد عظمت الجريحة وانقطعت الحّجة وساء الظن إلّا فيك، ثم أنشد أبياتا، فبكى المعتصم، ثم قال: إن من البيان لسحرا، وعفا عنه.

m_alfahed@yahoo.com

Email