الأكراد في حقبة الخلافة العباسية

الأكراد في حقبة الخلافة العباسية

ت + ت - الحجم الطبيعي

يتضمن كتاب البروفيسور الدكتور أرشاك بولاديان (الأكراد في حقبة الخلافة العباسية في القرنين 10 - 11 م) دراسة تاريخ الأكراد في القرنين 10 - 11 م من زاوية تبيان الأساسيات التاريخية للأحداث الشديدة والأحوال الاجتماعية - السياسية والاقتصادية المعاصرة لنا بشكل علمي دقيق. يعتبر موضوع الكتاب عصريا جداً ليس من ناحية تأطير مراحل تطور التاريخ الكردي فحسب، بل عند تثمين المسألة الكردية الحالية في بعض بلدان الشرق الأدنى موضوعياً، كذلك تسليط الضوء على جذورها التاريخية.

وفي الوقت ذاته، فإن لهذه المسألة أهمية استثنائية في الدراسات الأرمنية الشاملة، لأن الأرمن والأكراد شعبان متجاوران منذ القدم، يتمازج ويتصالب تاريخهما في مسائل شتى. تضم مراحل الدراسة لتاريخ أكثر من مئة عام، بدءاً من النصف الأول للقرن العاشر ونهاية القرن الحادي عشر، أي حقبة هيمنة السلاجقة الكبار، وتتطابق تماماً على تقسيمات تاريخ بلدان وشعوب الشرقيين الأدنى والأوسط.

لكن هذه الدراسة عملياً هي التجربة الأولى في علم الاستشراق بسبب تساؤلاتها ووسائلها الأساسية التي تطرحها لدراسة تاريخ الأكراد في حقبة الخلافة العباسية. وغالبية المصادر في هذا الشأن تخص الأحداث العسكرية ـ السياسية التي انعكست رئيسياً في المصادر التاريخية والجغرافية وغيرها في اللغة العربية.

وعن «الأكراد في القرنين 10 - 11 م» يعتبر الباحث أن تاريخ الأكراد وهو متمم لتاريخ البلدان والشعوب الخاضعة للخلافة العباسية. وكون هذه الحقبة من أكثر مراحل تاريخ الأكراد تشويقاً، فقد اشتهرت بالأحداث العسكرية - السياسية الشديدة والتغيرات الاجتماعية - الاقتصادية العميقة.

تتميز هذه الفترة بشكل خاص بمحاولة القبائل الكردية التوحد النسبي للمرة الأولى بعد اعتناق الإسلام جماعياً بقيادة الإقطاعيين والأشراف وظهور عائلات حكام كردية مستقلة وشبه مستقلة الواحدة تلو الأخرى على مسرح التاريخ. ولكونها أشكالاً إقطاعية وقتية ونتيجة لبعض الأحوال العسكرية - السياسية، فقد انحلت تدريجياً.

من ميزات حقبة البحث الرئيسية أن الشريحة الكردية العليا التي كانت تملك تطلعات جدية في توسيع مجال نفوذها في مختلف مناطق الخلافة لتعزيز مواقعها السياسية والاقتصادية تحولت كلياً لخدمة الإسلام تقريباً وبذلك لم تساهم في إحداث تبدلات في حياة بني قومها فحسب، بل حثت على استيعابهم فيما يسمى بمجالات الحياة العربية - الإسلامية الاجتماعية - السياسية الثقافية.

ويضيف الباحث حول «نشاط القبائل الكردية» القوي وغير المسبوق بين القرنين 10 - 11 م بأنه كان مرتبطاً قبل كل شيء بالأزمة العسكرية - السياسية والاجتماعية - الاقتصادية العميقة في منطقتي الشرقين الأدنى والأوسط التي شرع البلاط العباسي في بغداد يعيش فيها بدءاً من أواسط القرن «9» م.

لقد أدت الحركات الشعبية الكبيرة، التي ظهرت في هذه الفترة في مختلف مقاطعات الخلافة، والكفاح المناهض للعباسيين والإقطاع كذلك تطلعات الحكام المحليين الانفصاليين والتشظي الكبير جداً للمجتمع نتيجة ذلك، إلى تزعزع مواقع الإمبراطورية العربية بدءاً من منتصف القرن «9» م أفلحت الشعوب الخاضعة بين القرنين 9 - 10 م في تسجيل نجاحات ملموسة في كفاحها المستمر المناهض للعباسيين تحت راية العنصر الشيعي على وجه الخصوص.

وبعد احتلال بغداد من قبل البويهيين الإيرانيين (من أصل ديلمي) في عام 945 م، حرم البلاط العباسي من السلطة السياسية مدة قرنين واعترف بسلطة الخليفة الدينية فقط في مناطق الخلافة الشرقية الواسعة الأرجاء. وقد منح نشاط العنصر الإيراني دفعاً جديداً أيضاً لعمليات القبائل الكردية العسكرية - السياسية في مقاطعات شتى. ومنذ هذه الفترة وحتى ظهور السلاجقة - الأتراك في الشرقين الأدنى والأوسط في القرن (11) م وبسبب بعض الظروف التاريخية، عقد الأتراك علاقات عملية مع الحكام المسلمين طوعاً أو إكراهاً وتوصلوا إلى حكم سياسي ذاتي معين في بعض المناطق.

وعن «تاريخ الأكراد في فترة قبائل الغزو التركية» يشير الباحث إلى أن قبائل الغزو التركية الرحل الشرسة الهائلة من آسيا الوسطى البعيدة نحو منطقة الخلافة الشرقية في عشرينيات وثلاثينيات القرن (11) م وجهزت أرضية لاجتياحات سلجوقية تركية مدمرة في أربعينيات القرن المذكور.

لقد أضحى ظهور السلاجقة ـ الأتراك في الشرقين الأدنى والأوسط وهيمنتهم المديدة مرحلة مصيرية في حياة بلدان وشعوب المنطقة. لقد أصبحت هيمنة القبائل الرحل الجديدة شرسة وفظيعة لجميع شعوب الخلافة ومنهم الأكراد.

وبعد احتلال المناطق الكردية تدريجياً ونتيجة ضربات السلاجقة - الأتراك القوية، اضمحلت أيضاً العائلات الكردية الحاكمة الواحدة تلو الأخرى وعن «هجرات الأقوام الكردية» شمالاً نحو مناطق أرمينيا التاريخية الشمالية - الغربية يعزي الباحث ذلك نتيجة ظهور ظروف عسكرية - سياسية مناسبة في فترة موضوع البحث فقد هيأت الصراعات التركية - الإيرانية، على وجه الخصوص، أرضية مناسبة لتغلغل كتل كبيرة من القبائل الكردية إلى مناطق أرمينية الوسطى الجبلية أيضاً بين القرنين 15- 16 م تحت الراية السنية والموالات لتركية العثمانية.

وفي وقت متأخر، وبعد المجازر التي نفذت ضد الأرمن خلال القرنين 19 - 20 م، أعاد الأكراد استيطانهم تدريجياً على كل مساحة أرمينية الغربية تقريباً.

وعن «المعطيات المبعثرة في أبحاث المؤلفين باللغة العربية علمياً» يصنف الباحث هذه الأبحاث، التي تعود إلى الحقبة بين القرنين 9 - 15 م والمصادر الأخرى المساعدة التي تلقي ضوءاً على مختلف أوجه تاريخ الأكراد بين القرنين 10 - 11 م وتحليلها، يركز الباحث على المسائل التالية:

1 - إجلاء دور الأكراد في الخلافة العباسية على شاشة الأحداث العسكرية ؟ السياسية العريضة.

2 - إظهار تركيبة الأقوام الكردية الاجتماعية - الاقتصادية والسياسية وتوزعها ودوافع تحركاتها.

3 - دراسة نقدية حول الأسباب السياسية وتطور نظرية أصل الأكراد العربي في فترة موضوع البحث.

4 - تحليل الظروف التاريخية الأولية لتشكل السلالات الكردية الحاكمة الثلاث: الحسنويهين والعنازيين والمروانيين ونشاطاتها وعلاقاتها المتبادلة مع الإمارات المجاورة.

5 - إجلاء العلاقات الكردية - التركية في الشرق الأدنى بعد ظهور السلاجقة الكبار.

6 - البحث مفصلاً في دور الإسلام في توجه شريحة الأكراد القبلية العليا العسكرية - السياسية وعملياتهم.

لقد اعتمد الباحث على مبادئ التحليل التاريخي وعلم المصادر، التي أنشأت من قبل الاستشراق وعلم التاريخ الأرمني والروسي والأوربي الغربي، أساساً لسرد هذه الدراسة. وقد استفاد الباحث أيضاً من أعمال المؤرخين - المستشرقين الأرمن والروس والأوربيين والشرقيين لتحليل المصادر الأولية الأساسية والمساعدة حول الأكراد لتفسيرها على شاشة تاريخ الشرقين الأدنى والأوسط العامة.

الكتاب: الأكراد في حقبة الخلافة العباسية في القرنين 10 -11 م

تأليف: د. أرشاك بولاديان

ترجمة: د. ألكسندر كشيشيان

الناشر: الدار الوطنية الجديدةدمشق 2009

الصفحات: 220 صفحة

القطع : الكبير

د. وانيس باندك

Email