ألقاب وأسماء مستعارة اشتهر فيها أدباء وشعراء عبر التاريخ

ت + ت - الحجم الطبيعي

قد يصبح الاسم في بعض الأحيان، رمزا يستحضر عند ذكره، قامة إبداعية نادرا ما تتكرر في التاريخ، ويعود الفضل الأول في اختيار الاسم للأهل الذين كان لهم أسبابهم عندما خصوا فلانا باسم ما دون غيره من الأسماء، لكن بمرور الزمن ربما يطلق عليهم اسم آخر، يطغى على الأول، وكما حدث في اسمهم الأول، لم يكن لهم الإرادة في اختياره ولكن لسبب ما أطلق عليهم، وفي حالات أخرى قد تطلق عليهم الألقاب كنتيجة لحدث معين، أو تيمنا بأحد المبدعين الذي تطابق مع جزء من شخصيتهم.

درجت الأسماء المستعارة في حياة الممثلين كثيرا، بينما جاءت في حياة الأدباء والشعراء بدرجة أقل، ولكن شهرة الممثلين كان مقتصرا على العصور الحديثة، بينما اشتهر الأدباء والشـــعراء منذ القديم ســـواء في تاريــــخ الإبداع العــــربي، أو تاريخ الإبداع الغربي.

وفي سرد سـريع يمكــن معرفـــــة القصص المختلفــة التي جعلـــت من الأسـماء أو الألقــاب لصيقـــة في حيـــاة العديد من المبدعين على مر العصور.

ألقاب قديمة

منذ القدم عرف بعض الشعراء العرب بألقابهم، ومن وراء كل لقب قصة، لا تخلو من الغرابة، مثــــل المهلهـــل وهو لقب للشاعر عدي بن ربيعــــة بن الحارث بن مـــرة التغلبـــي الوائلــــي، الذي لقب بالمهلــهل كما كان يقــــال لأنه كــان يلبس ثيابا مهلهلة، وقيل أيضا أن هذا اللقب مستمد من قوله:

لما توغل في الكراع هجيني هلهلت آثار مالك أو سنبلا

 

أما الفرزدق فهــو لقب الشاعر همام بن غالـــب بن صعصعــة التميمي وكنيتــه أبوفراس، ولقب بالفـرزدق لضخامـــة وتهجـــم وجهه.

ويعود لقب المتنبي للشاعر أحمد بن الحسين بن الحسن بن عبدالصمد أبوالطيب الجعفي الكندي، من حضر موت في جنوب اليمن، الذي وصف بأنه نادر زمانه وأعجوبة عصره، ترك تراثا عظيما من الشعر يضم 326 قصيدة وبقيت بعض أشعاره تقال وكأنها حكمة تخاطب النفس البشرية على مر العصور، في بعض الأحيان مثل البيت الذي قال فيه:

 

ما كل ما يتمنى المرء يدركه تجري الرياح بما لا تشتهي السفن

 

كما اشتهر بمديح نفسه ووصف بالمغرور إذ قال:

 

أنا الذي نظــر الأعمى إلى أدبي وأسمعت كلماتي مـــن به صمــم

أنام ملئ جفوني عن شواردها ويسهر الخلق جراها ويختصم

 

لكن المفارقة في شخصية هذا الشاعر، هي الأسباب التي أدت إلى تسميته بالمتنبي، وهي أنه أدعى النبوة في بادية السماوة، وتبعــه خلــــق كثير من بنـــي كلب وغيرهم، إذ كــــان يقرأ على البوادي كلامـــا ذكر أنــــه قرآن أنــــزل عليه، فخــــرج إليه لؤلؤ أمير حمـــص نائـب الإخشيديـــة وأســــره، مما أدى إلى تفرق صحابه، حبســـه لؤلـــؤ طويلا، إلى أن استتباب وأطلقه.

 

تجدد

في العصــر الحديث برز اسم الأخطل الصغير، وما هو إلا لقب للشاعر اللبناني بشارة عبد الله الخـــوري، وأطلــق عليه هذا اللقب اقتداء بالشــــاعر الأموي الأخطل التغلبي، كما لقب بشاعر الحب والهوى.

من أشهر أعماله هي تلك التي تغنى بها نجوم الفن والغناء في الوطن العربي مثل القصيدة التي غناها محمد عبدالوهاب والتي يقول فيها:

 

جفــنه علم الغزل ومــن العلم ما قتل

فحرقنا نفوسنــا في جحيم من القبل

 

والقصيدة الأخرى التـــــي غنتهــــا السيدة فيروز والتــــي قـــال فيها:

 

يبكي ويضحك لا حزنا ولا فرحا كعاشق خط سطرا في الهوى ومحا

من بسمة النجم همس في قصائده ومن مخالسة الظبي الذي سنحا

 

ومن أشهر الألقاب أيضا بدوي الجبل، ويخص الشاعر السوري محمد سليمان الأحمد الذي يعد واحدا من أعلام الشعر العربي الحديث حقق في تجربته الكلاسيكية التوازن بين الخيال والفكرة، أما بدوي الجبل فهو لقب أطلقه عليه في العشرينات من القرن الماضي، يوسف العيسى صاحب جريدة (ألف باء الدمشقية)

كما برز إبداع روائي باسم ياسمينة خضراء، وهو الاسم المستعار للكاتب الجزائري محمد مولسهول الذي التحق في بداية حياته بمدرسة عسكرية، وتخرج منها برتبة ملازم عام 1978 وانخرط في القوات المسلحة، وخلال فترة عمله في الجيش قام بإصدار روايات موقعة باسمه الحقيقي، وفي العام 2000 وبعد 36 عاما من الخدمة قرر خضراء اعتزال الحياة العسكرية.

والتفـــرغ للكتابــة واستقر لاحقا مع أسرته في فرنسا. نشر خضراء روايته الكاتب التي أفصح فيهــا عن هويته الحقيقية، ومن ثم أصدر دجال الكلمات أوضح فيها مسيرته المهنية، وبلغت شهرة خضراء حد العالمية حيث تترجم كتبه في 25 بلدا في العــــالــم، وطــــرح ياسمينـــة خضراء من خلالها أفكارا تهــــز العالم الغـــربي، عن العالم العربي، منتقدا الحمـــاقـــــات البشرية، وثقافة العنــف، كما تحـــدث عن جمال وسحــــر وطنـــه الأم الجزائر، إلى جانب الجنون الذي يكتســح كل مكــان بفضــــل الخـــوف وبيع الضمائر متذرعين بالدين، الذي يخلف وراءه حمامات من الدم.

من أشهر رواياته أمين، حورية، بنت الجسر، حصة الموت، زهرة البليدة والصدمة التي ناقش فيهــــا واقع الصــــراع العربي الصهيوني، وأهلته للحصول على جوائز كثيرة.

 

امرأة باسم رجل

لخصــت الأديبــة الفرنسيـــة جـــــورج ساند نفسهــــــا ذات يــــــوم بالقول:

(في يوم ما سيفهمني العــالم أكـــثر، لكن غير مهـــم إن لم يـــأت هذا اليوم، سأكــــون قــد فتحـــت الطريـــق لامـــرأة أخرى). وجــــورج ساند، هو الاســـم المستعـــار لـ أورور أرمانـــديـــن دوبـــان بارونـــة دودافـــان (1823 1892 ) لقبت بروائيــــــة الأريــاف، ووصفهــا فولــــتير إنها الروائيـــة التي تجســــد المجد الفردي للأدب النسائي، ورثاها فيكتــــــور هوغو بقوله:

 

لم تفتقر هذه المرأة المجيـــدة إلى شيء، إذ كانـــت قلبـــــا كبيرا وفكـــرا عظيما وروحا نبيلـــة، ولابد مـــن الإقرار بـــان ما يميز روائعها من غيرهـــا وما يجعلهـــا قوية التأثـــير شيئـــان عذوبتها ودعوتها إلى الخير.

وقصة التمرد في حياة ساند تجلت بعد أن تزوجت من البارون دودافان لتهجره بعد أقل من عشر سنوات، وتستقر في باريس مع ابنتها وولدها، لتثير حولهـــا زوبعـــة من الاستنكار في الأوساط المخمليـــة لخروجها بزي الرجال، وانتقائها البنطال وتدخينها البايب.

وفي الجانب الآخر من شخصيتها شغلت مغامراتها العاطفية الصالونات الأدبية الأوروبية بدءا من جول ساندو الأديب الذي استعار لها لقب جورج ساند وساعدها في كتبة أول رواية تنشرها بعنوان (وردة بيضاء) إلى أن دخل في حياتها الشاعر الرومانسي ألفريد دو موسيه ونشأت بينهما قصة حب متقلب روتها في رائعتها هو وهي التي صدرت في العام 1859 مما جعل شقيـــق ألفريد الروائــــي بـــول دو موسيه يرد عليها برواية مضادة عنوانها هو وهي.

أما نتاجات سانــــد فلم تتوقف، وأصدرت روايــــــة إنديانــــا ثم فالنتين وليليا وغيرهــــا، وتناولـــت في أعمالهـــا تلك قصص الحب الرومانسية، وتقلبات المشاعــر العاطفية الصاخبة بالعشق، والاندفاع كما عاشتها الروائيـــة مع سانــدو، وموسيـــة وشوبــــان الذي قضت بصحبته عشر سنوات معبأة بالسعادة الصارخة، لتنتقـــل مع نهاية تلك العلاقـــة الغرامية إلى الحياة السياسية، وترتبـــط بمجموعـــة من الديمقراطيين، لكن ساند لم تكن فقط تلك المرأة المتحررة، والتي غيرت اسمها إلى جـــورج.

وكتبت ما لم تكتبـــه امـــــرأة في ذلك الوقت، إنما وفي هذا القـــرن تبدو إنها ذات رؤيـــة مميزة، تحمـــل أبعــــادا تجاوزت عصرها سوـــاء عبر آراءها السياسية، أو عبر نصوصـــها الأدبية فهي التي توقعت أن تتحـــول ألمانيــا من عـــدوة تقليدية لفرنسا إلى صديقة لها ذكرت في يوميــــات مسافر خلال الحرب. كما كانت ساند عرابة السلام بعد أن أطلقــــت نهاية القــــرن التاسع عشر تحذيرات فوق صفحات الفيغارو تحـــذر فيها من الحروب الوحشية. كما دافعت عن البيئة.

وكان أكـــثر ما اشتهرت به هو أدب الرســـائل، إذ كتبت رسائل تفـــوق مرتين عدد أيام عمرها، إذ عرف عنها أنها كانت سريعة في الكتابة إلى حد لا يوصـــف، ولهذا استحقـــت لقب الكاتبـــة المتدفقـــة كالنهر.

Email