العراق وهوة العنف الطائفي

ت + ت - الحجم الطبيعي

يمكن لكلمات قلائل في الوقت الحالي من شخص بعينه، أن تساعد في الحيلولة دون تردي العراق إلى هوة الحرب الأهلية بين السنة والنظام الذي يهيمن عليه الشيعة، وربما منعه تنظيم القاعدة من السيطرة على مزيد من المدن كحال الفلوجة. وهذا الشخص قد يكون الزعيم الديني آية الله علي السيستاني، وهو رجل دين شيعي يحظى بالتقدير والاحترام على نطاق واسع.

اندلعت التوترات السنية الشيعية خلال العام المنصرم، بعد هيمنة رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي الكلية على السلطة. وقد التقى السيستاني بقادة روحيين من السنة، لكي يؤكد لهم أن مسلمي العراق وكذلك الأكراد فيه، لديهم روابط أكثر قوة وتعدداً من أن تسمح لهم بالانقسام في إطار نزاعات ثقافية ودينية. وقد دعا رئيس الوزراء العراقي كذلك إلى أن يكون عادلاً مع سنة العراق، بل إنه وضع الهوية الوطنية العراقية فوق الهوية الإسلامية.

وخلافاً لبعض نظرائه في دول أخرى، حذر السيستاني من مخاطر ولاية الفقيه، محبذا بدلاً من ذلك الحكم الديمقراطي القائم على أساس صوت واحد للشخص الواحد. وقد تبنى، شأن الكثير من شيعة العراق، الديمقراطية التي مورست في العراق حديثاً.

ويتعين على الديمقراطية الوليدة في العراق، أن توجد عمقاً للتأييد الجماهيري الذي تمس الحاجة إليه للحفاظ عليها، ولا تزال البلاد بحاجة إلى قادة يحرصون على حماية الديمقراطية عندما تهددها المخاطر الاجتماعية. وفي هذا الإطار، فإن السيستاني يعد واحداً من هؤلاء القادة الضروريين، رغم تردده في الاستناد إلى السلطة الروحية لدعم قضية علمانية.

والسيستاني لا بد أن يكون حريصاً في استناده إلى سلطته الروحية، ليضمن الحقوق الفردية والمصالحة السلمية، من دون التأكيد على المفهوم القائل إن الحكم العلماني ينبغي أن يستمد من القوة الروحية لأئمة مثله. ويلفت نظرنا أنه في فتوى نشرها عام 2005، كتب يقول: «لقد ذكرت القيادة الروحية مراراً وتكراراً أنها لا ترغب في الانخراط في العمل السياسي، وتفضل لرجالها ألا يتولوا مناصب حكومية».

ومن مقره في النجف الأشرف، يمكن للسيستاني أن يحقق الكثير لتجاوز الصدامات السنية - الشيعية، والعراق لا ينبغي أن يكون سوريا أخرى، أو يكرر مرحلة العنف التي خاضها بعد الغزو في عامي 2006-2007. وبينما يحتمل أن يمنى بالفشل اعتماد المالكي وإدارة أوباما على الأسلحة لإنهاء العنف في محافظة الأنبار، فإن كلمات قليلة مختارة لشخصية روحية تحظى بالإجلال والتقدير، قد تساعد في جلب السلام الذي تمس الحاجة إليه تحت آفاق العراق.

 

Email