طوق ياسمين للتونسيين

ت + ت - الحجم الطبيعي

تونس جددت بإطراء عربي سخي إذ أفلحت في بناء أنموذج سياسي مبهر. في ظل الواقع الأقليمي المتلظي تبرز التجربة التونسية مرجعية ديمقراطية للاقتداء والتطبيق.

تلك تجربة بدأت بإشعال فتيل المطالبة بالحرية والعدالة والكرامة وانتهت بدخول أول رئيس منتخب قصر قرطاج. هذه المسيرة الوحيدة الزاهية في مغامرات «الربيع العربي» المثخنة بالنار والجراح والخيبات والدمار.

ربما كانت كلفة المرحلة الانتقالية في تونس باهظة الكلفة من الأعباء الاقتصادية اليومية إلى التصفيات الجسدية. لكن الشعب التونسي أظهر قدراً من الوعي حصنه ضد الانزلاق إلى مهابط الاقتتال وهاوية الانفلات والتفكك.

 خلال المرحلة الانتقالية نفسها حقق التونسيون سلسلة إنجازات تتجاوز بقيمتها وعائدها خسائر العثرات على طريق تكريس المشروع الديمقراطي. أبرز ملفات السلسلة تتجسد في صياغة الدستور، الذهاب إلى صناديق الاقتراع اشتراعياً ورئاسياً وتشكيل حكومة كفاءات وطنية.

التونسيون جديرون بطوق ياسمين قومي إذ أفلحوا في صناعة أنموذج عربي على طريق تداول السلطة سلماً. من خلال تجربتهم الوطنية شكل التونسيون تحالفات تعزز بناء دولة قائمة على الاختيار الشعبي الحر. الخروج المعزز بما يدعو للتباهي ينفتح الأفق واسعاً أمام بنات وأبناء تونس لاستكمال المشوار الناجح.

السبسي يواجه مع حزبه وشركائه مهمة ترسيخ الاستقرار ونشر مظلة الأمن ودفع عجلة الاقتصاد وكسر العزوف الشبابي باستدراجهم للمشاركة في صياغة العمل السياسي وصناعة الغد.

الرئيس الجديد مطالب أكثر من غيره بتوسيع قاعدة الثقة في أدائه والرهان عليه قائداً وطنياً لا يستنسخ تجربة ماضوية تستعيد أجواء الحزب الواحد والرجل الواحد بل بث روح التوافق وتفعيل المؤسسات وإثراء الممارسة الديمقراطية.

ملفات المرحلة التونسية الآتية عديدة ومتشابكة بحيث يستعصي على الرئيس المنتخب ترتيب أولوياتها.

ذلك هو التحدي المفصلي أمام السبسي على نحو ما ينبغي تكليل معركته السياسية بالنجاح. حل القضايا العالقة فوق الشعب التونسي لن يتم معالجتها في حيز زماني ضيق غير أن حلولها تستدعي وجود رئيس قوي حكيم متفتح ومنفتح على الجميع. ربما من يمن طالع السبسي أنه يملك سنداً برلمانياً يعينه على ترجمة رؤاه.

Email