فرحة مقسومة

ت + ت - الحجم الطبيعي

لم يكن لافتاً أن يفوز المغني السوري حازم الشريف بجائزة (أرب أيدول) فحسب، ويمنح السوريين جرعة من أمل وفرح، بل كان لافتاً أن يرى فيه الشبيحة مغنياً منتصراً، بينما يراه غيرهم مغنياً سورياً عبّر عن سوريتهم، حيث إن الغناء موقف من الحياة من خلاله يصدح الفنان بوجدان شعبه ويؤرخ لطاقة أمته.

سعادة السوريين بفوز ابن بلدهم بالمسابقة الغنائية الكبيرة (أرب أيدول) قسمها الولاء إلى أحد طرفي الصراع، فكانت نصف فرحة، حيث إن الوطن الجريح ممنوع عليه أن يكون سعيداً، ولو من خلال حنجرة صافية مثل حنجرة حازم الشريف، وفي وطن يقتلع حناجر مغنيه لأنهم لا يصفقون للقاتل تصبح حالة حازم الشريف مشجباً لتعليق الآمال، ربما يأتي اليوم الذي يحتج فيه السوريون على دمارهم بالحناجر والهتاف وليس بالرصاص.

في العام 2004 نظمت مؤسسة سلطان بن علي العويس الثقافية أسبوعاً ثقافياً عراقياً بعنوان (العراق الحضارة)، وكان العراقيون في أوج حزنهم على دمار بلدهم بين احتلال وتطرف وقتال مذهبي، غير أن الفرقة السيمفونية العراقية، التي عزفت على مسرح العويس وحدتهم تحت سقف (موطني)، الذي أنشدوه بصوت مبلل بالدموع والأمل، أن يعود العراق عراقاً للحضارة.

في عالم تقسمه الحروب وتحكمه الغوغاء لن يكون سهلاً أن تصبح طرفاً محايداً، والدليل أن كل من لا يقف مع النظام السوري فهو عدو بطريقة ما، وكل من لا يقف مع المعارضة يُصنف في خانة الموالين للنظام، أي جنون هذا الذي يحكم عقول هؤلاء، ألا يكفي للسوري أن يكون سوري الهوية والروح، هذا هو حال مغنٍ شاب تصدر الأخبار بحنجرته وفنه وليس بعضلاته ورصاصاته، ويكفيه فخراً أن الحرب لم تلوث روحه.

Email