سرايا عابدين

ت + ت - الحجم الطبيعي

لأن القصص كثيرة ومتشعبة، ولأن المؤامرة تلو المؤامرة والكيد يطارد الكيد، دخل مسلسل »سرايا عابدين« متاهة لم يجد سبيلاً للخروج منها في حلقاته الأخيرة فاكتفى بعبارة تقول إن حياة الخديوي يصعب حصرها في مسلسل.

لقد شدت هذه الدراما المستوحاة من حياة الخديوي إسماعيل انتباه المشاهدين، وبهرتهم الأزياء النسائية والديكورات الفخمة وحياة الخدم وأسرار الحريم وقصص الغرام، كما بهرتم شخصية الوالدة باشا التي أدتها يسرا باقتدار، وباتت كلماتها التركية محط تداول اجتماعي ولا تكاد تخلو جلسة من كلمات التعجب »أمان ربي أمان« أو الاستياء » أدب سز، تربيت يوق«. كثيراً ما تقع الدراما العربية في التطويل والمطمطة، التي تفيض على أيام شهر رمضان، وهنا يبدأ السباق لإنهاء الملفات المفتوحة التي لا يمكن معالجتها فنياً بما تبقى من وقت، وعليه تسلق النهايات سلقاً سريعاً، أو يلجأ المنتجون إلى الجملة السحرية المنقذة (يتبع في الجزء الثاني) طبعاً إن لاقى المسلسل نجاحاً يمكن أن يتحول إلى ستة أجزاء كما هو الحال مع (باب الحارة)!.

هل كان مسلسل سرايا عابدين محاكياً لمسلسل (حريم السلطان) ؟ سؤال طرحة معظم من شاهد البهرجة الاستعراضية لسرايا عابدين، وأعتقد الجواب : نعم، لكن لم يتفوق عليه في حبكته الدرامية، وأن تفوق عليه في روحه المصرية، مع خلطة الأعراق في السرايا حيث الشوام والأتراك والشراكس والفرنسيين والايطاليين والألبان طبعاً أجداد الخديوي، كلهم أعطوا النكهة، لكنهم لم يعطوا القصة مغزاها، فبقيت الحكايات مفتوحة دون نهايات على شاكلة السينما التجريبية.

من عذوبة القصة أن تكون فيها بداية وعقدة وحل، أي نهاية، ولو انتهج سرايا عابدين حكاية وسار على حبكتها الصحيحة لأفلح في تقديم مغزى، لكنه بدأ عشرات القصص دون أن ينهيها، مما أضاع المغزى، وأفقدها الوهج، فتحولت الدراما المستوحاة من حياة الخديوي إسماعيل إلى مجرد استعراض واسع للديكور والأزياء والمخادع والدسائس، فمات المعنى وظل الشكل.

Email