خارج الموضوع

ت + ت - الحجم الطبيعي

على مدى أجيال عربية، منذ عام الشؤم 48، كان الموضوع الأبرز والقضية الأساسية، إن لم تكن الوحيدة، هي القضية الفلسطينية وحال فلسطين أرضاً وشعباً، أما اليوم فقد زاد «الثراء» وأصبح لكل منا قضيته الخاصة ومشاغله الذاتية. فعلى مستوى الأوطان أصبح كل بلد غارقاً في حروبه الأهلية وصراعاته العرقية والطائفية والمذهبية وأزماته الاقتصادية والاجتماعية، وبدرجة ربما تتجاوز 20/22 (نسبة تستحق الامتياز، وبمرتبة القرف!).. وعلى المستوى الفردي، صار كل منا منشغلاً بحاله وبالنزاع مع جاره أو زميله وشريكه، في العمل أو في المنزل، وحتى في الشوارع والأماكن العامة، ولم يعد أحدنا ينظر أبعد من حذائه، بعد أن كُسرت أنوفنا وأنَفَتنا.

أصبحت فلسطين خارج الموضوع وخارج النص، بل لم يعد هناك نص ولا موضوع، سوى الحرص والقلق على أمن إسرائيل ومستقبلها.. صحيح أن بني إسرائيل أبناء عمومة للعرب، لكننا بالغنا وعكسنا مقولة «أنا وأخي على ابن عمي..»، فصار الأخ على أخيه ذبحاً وقتلاً، مع «ابن العم» تطويعاً وتطبيعاً، بما في ذلك أبناء فلسطين الموزعين بين فصائلهم المتخاصمة وهمومهم الشخصية، في ما تبقى من أشلاء الوطن أو في شتات المهاجر والمنافي.

لذلك لا يبقى لنا سوى القول؛ عظم الله أجرنا وأجركم في الحس القومي والضمير الوطني وكرامة الإنسان، وخذوا ما شئتم من «حقوق الإنسان» في الذبح والتجويع والإذلال.. بالنسبة لأجيالنا الورقية والراديوية، أما جيل فيسبوك وإخوانه أو أخواته، فليس لديهم الوقت الكافي لقضايا وهموم «ما قبل التاريخ» الإنترنيتي. وأما الذين يحبّون أن تشيع فاحشة الضعف والضَّعَة، فبشرهم بأن العجز والفساد باتا حالة عالمية عامة، و«ما فيه حد أحسن من حد»!

Email