لماذا يفسد الأبناء؟

ت + ت - الحجم الطبيعي

انتهت المحاضرات في مقر الجامعة، وها هي ترافق صديقتها إلى السيارة كعادتها، حيث تعودت تلك الصديقة أن ينتظرها سائق العائلة ليقلها إلى المنزل، ولكن هذه المرة لم يكن السائق في الانتظار، بل كان ذلك الشاب الوسيم، أخا صديقتها الذي نزل من سيارته لاستقبالهما لشدة إعجابه بصديقتها.


 وقال: مرحباً، أنا سعيد جداً بلقائك، فانتبهت لوصول والدها وكان وجهه مكفهراً وغاضباً، فقالت بارتباك لصديقتها: عذراً علي الذهاب الآن لقد جاء أبي، أراك غداً.

«كم ممن أشقى ولده، وفلذة كبده في الدنيا والآخرة بإهماله، وترك تأديبه وإعانته على شهواته، ويزعم أنه يكرمه وقد أهانه وأنه يرحمه وقد ظلمه ففاته انتفاعه بوالده وفوت عليه حظه في الدنيا والآخرة» - ابن القيم رحمه الله.

إذا تمعنا في أسباب فساد بعض الأبناء لوجدنا أن أغلبيته بسبب الوالدين، فبعض الأبناء محرومون من الأساليب التربوية الصحية في الحياة التي تنمي شخصيته وتجعل منه في المستقبل فرداً واثقاً من نفسه صاحب شخصية قوية وفاعلة في مجتمعه.

كثيراً من الآباء يعتقدون بأن الاهتمام بالطفل في سن مبكرة ليس مهماً بقدر الاهتمام بمستقبله، وهنا يجب أن نقول بأنه لا ينبغي التعامل مع الطفولة المبكرة على أنها مرحلة عابرة، لأنها من أهم المراحل التي يمر بها الطفل، ففيها تتشكل معالم شخصيته على المدى البعيد، لذا وجب على الوالدين غرس المحبة ومساعدة الأبناء على تقدير ذواتهم.

بعض الآباء يعلق عدم القدرة على متابعة الأبناء والاهتمام بمناقشتهم ومراقبة سلوكهم على شماعة العمل من أجل تحقيق طموحهم أو تأمين مستقبل الأبناء، ولكن يرى بعض الخبراء أن ذلك بداية لتفكك الأسرة وتورط الأبناء في أمور قد تتسبب في تدمير مستقبلهم، مؤكدين أن هذه المشكلات تنتج من إحساسهم بغياب الرقابة والفراغ العاطفي والأسري، لأن لا أحد يشبعهم عاطفياً، فيحاولون البحث عن ذواتهم خارج المنزل.

أن عدم إعطاء الوالدين وقتاً كافياً للأبناء ومتابعة مشكلاتهم وتقديم النصح والإرشاد لهم قد يجعلهم فريسة سهلة للمشكلات الاجتماعية من خلال رفاق السوء والإنترنت التي قد تشكل خطورة على حياتهم. والبعض الآخر قد يستخدم الصرامة والشدة أكثر من اللازم على الأبناء، إما بضربهم إذا أخطأوا أو تأنيبهم عند كل صغيرة وكبيرة، وذلك يعتبر أخطر ما يكون على الطفل إذا استخدم بكثرة، فالحزم مطلوب في بعض المواقف، أما العنف فيزيد المشكلة تعقيداً.

Email