يستدعي دق ناقوس الخطر

ت + ت - الحجم الطبيعي

رددت بإنزعاج «يا إلهي سأتأخر على موعدي مع صديقاتي مرة أخرى» فبدأت تستعجل أطفالها للنزول إلى غرفة المعيشة لمشاهدة أفلام الكرتون ريثما تعود إلى المنزل. لوحت بيديها وقبلت أطفالها ثم ضغطت على دواسة البنزين في محاولة تقليص دقائق تأخرها، وكانت سيارتها تسير بسرعة جنونية، فلقد كان بالنسبة لها وكأنه سباق مع الزمن يهدف للوصول منعاً للإحراج، ولكن ترك الأطفال لساعات أمام أفلام الكرتون بمفردهم سيوصلهم إلى أين؟

يتساءل البعض في خضم التطور التكنولوجي السريع، كيف يمكنهم حماية أطفالهم من مخاطر الإنترنت ناسين أن القنوات الفضائية التي تعرض بعض أفلام الكرتون الخاصة بالأطفال قد تكون أشد ضرراً.

فلقد أثبتت الدراسات أن تأثير أفلام الكرتون على الأطفال يكون تأثيراً تراكمياً أي لا يظهر هذا التأثير من متابعات بسيطة بل ينتج من تراكمات يومية لعدة ساعات تؤدي إلى نتائج مدمرة. فوضع الطفل أمام الشاشات تجعله يستهلك خلايا الدماغ قبل أوانها، وعندما يكبر يفقد بعض المهارات فهو يقتل لديه الذكاء الاجتماعي واللغوي لأن الطفل يتعود على الاستقبال دون مشاركة أي أنه يستمع دون أن يتحدث فيتسبب ذلك في تدني مستوى ذكائه.

الكثير من الآباء والأمهات يعتقدون أن أفلام الكرتون مصدر أساسي للترفيه عند الطفل متغاضين عن الجانب الخفي وراء هذه الأفلام، فالطفل لا يعتبرها مجرد خيال بل العكس فهو لا يستطيع في مرحلة الطفولة التفريق بين الخيال والحقيقة في تلك الأفلام، فيبدأ العقل اللاواعي بتخزين كل هذه المشاهد ليقوم بتقليدها تلقائياً. فكيف هو الحال إذا كانت هذه الأفلام تعرض كماً كبيراً من العنف والسحر ونسف المبادئ والعقائد الدينية بأسلوب غير مباشر، وكيف ستكون هذه النتائج عندما تعلّم الأطفال طرق الانتقام والسرقة وكل ما يفتح لهم آفاق الجريمة.

وهذا يفسر السلوك غير السوي للأطفال من عنف وتصرفات غير أخلاقية. فلقد وصف أحد التربويين أن سبب النضج المبكر عند الأطفال هو مشاهدة أفلام الكرتون التي لا تتناسب مع مرحلتهم العمرية وتخالف عاداتنا ومجتمعنا الإسلامي. ويؤثر بصورة أكبر على نظرة الأطفال للبالغين نتيجة بعض المشاهد الإباحية لذا نجد الولد ينضج قبل أوانه والبنت التي تبلغ من العمر 9 سنوات تكون ناضجة وكأنها في عمر 19 سنة.

إذاً للمحافظة على نمو الأطفال السليم يتوجب على الوالدين مشاهدة الأفلام الكرتونية معهم ليتم تصحيح أي مفاهيم خاطئة، ومن الضروري أن لا يزيد عدد ساعات المشاهدة على الساعتين، وتزويدهم بالبدائل كالقراءة والألعاب التي تنمي الذكاء. ولحمايتهم من العزلة، يجب أن يتم تشجيعهم على اكتساب أصدقاء من مرحلتهم العمرية نفسها.

اليوم يستدعي أن ندق ناقوس الخطر، فالأفلام الكرتونية بدأت تدخل بيوتنا وتصوغ عقول أطفالنا البريئة بقوالب مخالفة لديننا وعاداتنا وتقاليدنا. لذا يستوجب مشاركة الأهالي والتربويين بوضع استراتيجيات وطرح حلول لمواجهة غسيل الأدمغة التي يتعرض لها الأطفال خاصة في السنوات الخمس الأولى التي تحدد شخصية الإنسان.

Email