خريط اميَمّع، تعال واتسمّع!

ت + ت - الحجم الطبيعي

يضعون رجلاً على رجل، وينفثون بعضاً من دخان أسود مصدره أنفس سلبية وأفكار كسولة، ثم يبدأ التنظير ومعه تبدأ صناعة الأوهام، ثم التحريض. قد يبدو الأمر بريئاً لبعض السذج في البداية، ولكن بين حسابات تواصل اجتماعي غريبة، وبين لهجات لا صلة لها بالرمسة الإماراتية، تبدأ معالم الفخ في الاتضاح ويسقط القلة فيه معتقدين لسذاجتهم أنهم أذكياء، بينما هم في الواقع مجرد مخدوعين لا يجيدون سوى البحث عن سبب للشكوى حتى من اللاشيء.

أفهم أن يذهب المواطن إلى الجهات المختصة لتقديم شكوى بحق تقصير هنا أو خطأ هناك، لكن ظاهرة اختراع الأخطاء والتشكي من كل شيء ولا شيء هي ظاهرة مريضة لا علاقة لها بالمواطنة الصالحة، وحين تستمع لبعض ما يشكون منه يتملكك العجب، حتى تشعر أن البعض يريد من مؤسسات الدولة أن تطعمه وتسقيه وهو في فراشه الوثير، فإذا لم يحصل ذلك أصبح كل شيء في نظره سيئاً وقاصراً ومؤذياً.

أولئك هم المتذمرون، عافانا الله وإياكم مما ابتلاهم به! وأولئك هم من قال في سلوكهم مثلنا الشعبي الإماراتي: «خريط اميَمّع، تعال واتسمّع»!

لكن ما ينساه هؤلاء أن التجني والإساءة للدولة ومؤسساتها واستثماراتها لا يحل أي مشكلة، وإنما يجعل منهم، هم لا غير، مجرد أدوات لمن يتربصون للإساءة للدولة وإنجازاتها، وأذكر كيف كانوا يستغلون بعض الشكليات البسيطة من نوعية ارتفاع منسوب المياه في بعض الأنفاق أثناء هطول غزير للأمطار، أو سقوط سقف تحت الإنشاء في مبنى ثانوي، أو حتى حريقاً في فندق رئيسي، ليجعلوه عنواناً للإساءة والتعريض بالوطن ككل وإنجازاته، بل وحتى الشماتة والتحريض المنظم، ولمن لم يفهم، أذكره بمن أطلقوا هاشتاغ «دبي تحترق» بداية هذه السنة، وكمية الحقد والسموم التي كانت تمتلئ بها تغريداتهم!

لسنا ضد الشكوى المنطقية والمنظمة لجهات الاختصاص، وهي الأقدر على حل أي مشكلة، ولسنا مع التغطية على خطأ أي كان، فالتميز في الجودة الشاملة عنوان رئيس لدولة الإمارات وحكوماتها، اتحادية ومحلية، وقطاعاتها الخدمية عامة أو خاصة؛ لكن هذا شيء، واختراع الأخطاء وتضخيم إشكالات تشغيلية بسيطة وتهويلها شيء، ثم الانسياق وراء عناوين تحريضية «مستوردة» شيء آخر نحتاج أن نتوقف أمامه وقفة ضمير وطنية، قبل أن نتساءل قانونياً أو رسمياً.

فمن منا لم يلاحظ أن من يروجون الهاشتاغات التحريضية معظمهم يكتبون في حسابات وهمية غريبة وغالبيتهم لا يجيدون الرمسة الإماراتية، بل وحتى لا توجد الاهتمامات الإماراتية في حساباتهم، ما يجعلنا نطرح السؤال المحرج على الجميع: إذا كنا جميعاً لاحظنا ذلك، فلماذا انساق بعضنا وراءهم؟ هل هي موضة أم حب التقليد الأعمى، وهل يجوز التضحية بالمصلحة الوطنية العليا لمجرد التقليد؟

أنا هنا لا أوجه اتهامات لأي أحد، وسأفترض حسن النية في كل مواطن وقع في الفخ، لكنني أتمنى عليهم أن يسألوا أنفسهم: لماذا وقعوا في الفخ، ابتداء! ولكن قبل ذلك، رجاء، اخلعوا النظارات السوداء عن قلوبكم وعقولكم قبل عيونكم؛ لأن وطننا الإمارات وطن جميل يستحق أن نملأه بالزهور وعطرها الفواح ولا يستحق منا أقل من ذلك.

حمى الله الإمارات وقادتها وإنجازاتها وأهلها الطيبين.

Email