الكرة في مرماك يا أردوغان

ت + ت - الحجم الطبيعي

القرار الحكيم، الذي اتخذته قيادتنا الشجاعة بتسليم اثنين من المطلوبين للتحقيق لدى السلطات التركية على خلفية محاولة الانقلاب الأخيرة يعبر عن درجة رفيعة من الشجاعة الأخلاقية، التي لم تسمح للخلاف السياسي مع القيادة الحالية لتركيا أن يمنعنا من الالتزام بمبادئنا الأخلاقية والقانونية في رفض الفوضى والتغيير السياسي غير المعبر عن إرادة الشعوب، وفي تقديم أمن واستقرار البلدان الشقيقة والصديقة على أي اعتبارات أخرى باعتباره ركناً رئيساً في أمن واستقرار المنطقة جمعاء.

لقد اختارت دولة الإمارات أن تنسجم مع تاريخها السياسي والأخلاقي الرافض للعبث بأمن واستقرار دول المنطقة، فلطالما حذرت الدولة من مخاطر هذا العبث وأدانته، ورفضت نتائجه، وسعت مع أشقائها لرأب الصدع وعودة الأمن والاستقرار لمن ابتلي بالفوضى من دولنا، لذلك يبدو منطقياً وطبيعياً في ظل هذا السياق التاريخي أن تقف الدولة- وبحزم- مع أمن واستقرار دولة شقيقة مثل تركيا، بغض النظر عن تحفظنا على التدخلات والأجندات السياسية غير الصحية للقيادة التركية الحالية في أكثر من ملف إقليمي.

ونحن هنا لا ندافع عن الموقف الإماراتي الذي كان منذ البداية- ولا يزال- ناصع البياض طاهر اليدين، فمن اتهمونا بدعم الانقلاب كانوا ينطقون من غيض قلوبهم من دون دليل ولا حجة ولا منطق، وكان واضحاً افتراؤهم وكذبهم لكل ذي بصر وبصيرة، لكننا نضع الأمور في نصابها، فقد كانت دولة الإمارات من أوائل دول العالم التي دانت الانقلاب، وتمنت دوام الأمن والاستقرار للشعب التركي، ولا جديد في ذلك، لأنه موقف إماراتي ثابت وتاريخي تجاه جميع الدول الشقيقة والصديقة والجارة، سواء توافقنا معها سياسياً أو اختلفنا، لكن هذا الموقف الأخلاقي الإماراتي الرفيع يضع الكرة في مرمى الرئيس أردوغان والحكومة التركية من المنظور الأخلاقي والقانوني نفسه، ومن منطلق التعامل بالمثل المتفق عليه كونه ركناً أساسياً في العلاقات الدولية، ففي الوقت الذي قامت فيه الدولة وباختيار منها بتسليم مطلوبين للتحقيق، لم تصدر بحقهم أحكام قضائية أو اتهامات رسمية بعد، نعتقد أنه حان الوقت للدولة التركية وحكومتها أن ترد على هذه الخطوة بخطوات مقابلة، تعبر عن حسن النية والاحترام المتبادل ليس أولها تسليم عدد من المحكوم عليهم في قضايا أمنية وإرهابية، الذين يتخذون من الأراضي التركية حصناً لممارسة أنشطة معادية للدولة، وليس آخرها منع بعض المواقع الإلكترونية الناطقة بالعربية، التي تستهدف الدولة بأجندات غير تركية، وكذلك اتخاذ إجراءات لوقف التهجم على الدولة ورموزها في بعض وسائل الإعلام المدارة من قبل أعضاء أو أنصار الحزب الحاكم.

لا نمن على أحد بمواقفنا الأخلاقية، لكن طبيعة العلاقات الدولية تتطلب التعامل بالمثل، والرد على السلوك الإيجابي بسلوك إيجابي مماثل، فهل يفاجئنا الرئيس أردوغان ورئيس حكومته يلدريم ويفعلانها؟

دعونا نحسن الظن!

Email