ثورتنا أميركا

مجانية التعليم العالي وإصلاح الهجرة يحققان المساواة

  • الصورة :
  • الصورة :
صورة
ت + ت - الحجم الطبيعي

في كتابه حديث الصدور، يحرص السياسي الأميركي المخضرم بيرني ساندرز على عرض وبلورة تجربته الحافلة التي امتدت مؤخراً على مدار الفترة 2015 2016، حين كان مرشحاً في سباق الرئاسة الأميركية.

وفيما يتابع مع قارئ الكتاب مراحل حملته الانتخابية التي استندت إلى طروحاته ومقترحاته، ومن ثم رؤيته كمرشح وسياسي، فقد ركز في الباب الثاني من الكتاب على الحديث عن تفاصيل رؤاه السياسية وتوجهاته الفكرية.

عندما أعلنوا عن اسمه، أثار الإعلان شبه عاصفة من الاستغراب مشوبة بالاستخفاف إن لم يكن الاستهجان: بيرني ساندرز مرشح الحزب الديمقراطي المنافس للمرشحة هيلاري كلينتون في سباق رئاسة الجمهورية الأميركية خلال السباق الرئاسي في موسم 2015 2016.

دارت التساؤلات أولا حول تأثير سن ساندرز الذي قارب الخامسة والسبعين، ودارت ثانياً حول تواضع شهرته كسياسي قادم من أرجاء ولاية فيرمونت شبه المجهولة، ثم دارت ثالثاً، وهذا هو الأهم، حول مضامين ونوعية الشعارات التي طرحها المرشح الذي اشتعل رأسه بشيب التجارب والسنين.

طروحات اشتراكية

سارع المراقبون السياسيون إلى وصف شعارات بيرني ساندرز بأنها طروحات اشتراكية وأفكار ودعوات لم يألفها المسرح السياسي من قبل في الولايات المتحدة، لا على ألْسنة الديمقراطيين بطبيعة الأحوال، ولا على ألسنة الجمهوريين.

لكن ساندرز خاض غمار المنافسة الانتخابية ضد هيلاري واستطاع أن يحوّل حملته الانتخابية ودعوته السياسية من خانة الهامشية على حد وصف ميديا الإعلام، إلى حيث ترسخت جذورها في أرضية الواقع الأميركي من الآن وحتى مراحل مقبلة من السنوات.

ثم ها هو يتحدث عن خلاصة هذه التجارب في كتابه الصادر في الأيام الختامية من العام الماضي وقد اختار له العنوان التالي: ثورتنا، كما اختار في تصدير الكتاب الشعار نفسه الذي كان معتمداً طوال حملته الانتخابية وهو: نحو مستقبل نؤمن به.

سحابات الانزواء

والحاصل أنه فيما تغلبت عليه هيلاري، ثم ما لبثت أن واجهت هزيمتها المعروفة على يد الرئيس (المستجّد) دونالد ترامب، ولدرجة باتت تؤذن في حالة كلينتون بسحابات الانزواء والغروب، إلا أن بيرني ساندرز مازال يمثل نموذجاً جديداً في مضمار الفكر والعمل السياسي في بلاده، بل يجسد،، قطباً جاذباً لأجيال الشباب الأميركي جيل الألفية أو الألفيين كما يسمونهم ممن لم تعد تجذبهم أو تقنعهم شعارات الساسة في بلادهم بما في ذلك رموز الحزبين الديمقراطي والجمهوري على السواء.

• كتاب ثورتنا يتألف من 16 فصلا يضمها بابان محوريان:

• الباب الأول (6 فصول) يسرد فيه مؤلفنا وقائع تجربته كمرشح رئاسي ثان كما قد نصفه عن الحزب الديمقراطي، ويحرص على تقصي جذور اهتماماته السياسية ما بين نشأته المتواضعة في بروكلين – نيويورك، وصولا إلى تنصيبه نائباً عن فيرمونت، الولاية المتواضعة، عضواً في الكونغرس ما بين مجلس النواب إلى مجلس الشيوخ.

وهنا أيضاً يؤكد الكتاب على أن مؤلفنا ظل متمسكاً على مدار هذه الصفات البرلمانية التي بدأت في عام 1990 ومازالت مستمرة حتى الآن بصفته كسياسي مستقل فكراً ومبادئ وتوجهات.

أما الباب الثاني من هذا الكتاب (10 فصول) فيبسط فيه بيرني ساندرز تفاصيل منهجه العقائدي ورؤاه السياسية ما بين تأكيده على ضرورة التصدي للأقلية (الاليغاركية) المسيطرة على الحياة السياسية في أميركا، وهو ما أدى في تصوره إلى تراجع موقع الطبقة الوسطى، إلى ضرورات إصلاح أوجه الخلل في الاقتصاد، وتعميم خدمات الرعاية الصحية لصالح الجميع.

ومكافحة تغيرات المناخ (الكوكبي) والمبادرة من الآن فصاعداً كما يؤكد المؤلف إلى إصلاح قوانين الهجرة فضلا عن وقوف الدولة المؤسسة السياسية ودوائر النظام الحاكم في واشنطن إلى جانب أشد طبقات المجتمع الاميركي تواضعاً واستضعافاً.

قناعة

نلاحظ في السياق نفسه، أن المؤلف يُولي أهمية خاصة لقضية إصلاح التعليم العالي، ومن ثم جعله متاحاً لجميع مستحقيه من أفراد الشعب الأميركي. وهو يصدر في هذا الإطار بالذات عن قناعته العميقة التي يعبر عنها على النحو التالي: في القرن 21 لم يعُد نظام التعليم العام من الروضة إلى المدرسة الثانوية صالحاً بما فيه الكفاية.

فالعالم يتغير والتكنولوجيا تتغير وكذلك الاقتصاد. وإذا ما كان لنا (الأميركيون طبعاً) أن ننجح في غمار الاقتصاد العولمي التنافسي وبحيث تتوافر لدينا أفضل قوة عمل في العالم، فلابد أن يصبح التعليم مجانياً على مستوى الكليات والجامعات الحكومية.

عن التعليم والمساواة

ثم يعاود المؤلف التأكيد على الربط بين عنصر التعليم (ومجانيته)، وبين سبل تحقيق العدل الاجتماعي والمساواة بين طبقات وفئات المجتمع، ويضيف قائلا: المشكلة أنه مع ارتفاع نفقات التعليم إلى حد لم تعد تطيقه الأسر العاملة بكل ما تحمله على كاهلها من ديون، إذا بالتعليم العالي (بالجامعات والمعاهد الاختصاصية العليا) وقد أدى إلى تفاقم حالة اللامساواة الاجتماعية بدلا من تخفيف وطأتها.

وقبل أن يصل مؤلفنا إلى خاتمة هذا الكتاب يطالب في الفصل الثامن بإصلاح نظام هجرة الوافدين إلى أرض الولايات المتحدة.

تأليف: بيرني ساندرز

  عرض ومناقشة: محمد الخولي

الناشر: سان مارتن بِرِس

تاريخ الصدور: نيويورك، 2018

عدد الصفحات: 450 صفحة

Email