السياسة الخارجية للاتحاد الأوروبي

أوروبا تجمعها وحدة الأمل وشراكة الإرادة

صورة
ت + ت - الحجم الطبيعي

تتميز تجربة الاتحاد الأوروبي بأنها لاتزال تُشكّل النموذج السليم أو حتى المعقول، الذي يمكن النسج على منواله فيما يتعلق بتأسيس أو تعزيز تجارب الوحدة أو الاتحاد أو التكامل أو التدامج بين دول العالم، وبحيث تسفر هذه التجارب عن مزيد من القوة للأطراف الداخلة في التجربة وعلى صعيد السياسة والاقتصاد على السواء.

ويتابع هذا الكتاب تجربة الاتحاد الأوروبي منذ بدايتها الأولى التي بدأت تلوح في فترة ما بعد الحرب العالمية الثانية ومن ثم ظهرت إرهاصاتها مع عقد الخمسينات الذي شهد أول الكيانات الأوروبية الموحدة (في مجال الفحم والحديد) إلى مرحلة عقد الستينات التي شهدت بدورها تدرّج مراحل التجربة التي تجسدت، كما هو معروف، في مؤسسات من قبيل السوق الاوروبية المشتركة، المفوضية الاوروبية والجماعة الاوروبية وصولا إلى إعلان الاتحاد كمؤسسة متكاملة بموجب معاهدة ماستريخت في عام 1993.

ويحلل الكتاب أسباب المشكلات التي تكتنف السياسة الخارجية للاتحاد، وفي مقدمتها أولا عدم الاتفاق على خط أو نهج موحد في هذه الساحة الخارجية بدلا من الاعتماد الذي لايزال متبعاً على المصالح القطرية لفرادى الدول الاوروبية، إضافة إلى تباين أسلوب تعامل الاتحاد إيجاباً مع دول مثل الولايات المتحدة وسلباً مع أطراف أخرى مثل القارة الإفريقية، فيما يؤكد الكتاب على حاجة الاتحاد الأوروبي إلى أن يمارس سياسته ضمن عالم متعدد الأقطاب، وهو ما يتيح لسياسته الخارجية إمكانات الفعالية والنجاح.

قبل أي شيء يمكن القول بأن التجربة التي سوف تعرض لها السطور التالية إنما تُشكّل نموذجاً مازال بالإمكان النسج على منواله بالنسبة لدول شتى وأمم كثيرة في عصرنا الراهن. نتحدث عن الاتحاد الأوروبي، عن تجربة مجموعة من دول أوروبا.

وهي أصغر قارات الجزء الشمالي من الكرة الأرضية، فيما لا تربط المجموعة المذكورة وشائج عميقة تُذكر، لا من حيث وحدة اللغة ولا وحدة الأصول العِرقية ولا حتى وحدة الثقافات الوطنية- القومية، ولكن ربما تجمع بينها وحدة الأمل وشراكة الإرادة في تعزيز دورها على مستوى العالم والعصر الذي نعيش فيه.

وعند الاطلالة على التاريخ الأوروبي الحديث، وبالذات من منظور عبرة التجارب التي مرت بها شعوب أوروبا، يستطيع القارئ أن يدرك أن الدرس المستفاد من تلك التجارب يمكن تلخيصه ببساطة مكثفة على النحو التالي: إن أول وأخطر عبرة خرجت بها أوروبا من واقع تجاربها كانت تتمثل في أن الحرب بكل ويلاتها ومراراتها هي أبلغ الدروس المستفادة، شريطة ترجمة الدرس إلى رؤية للمستقبل ومن ثم ترجمة الرؤية إلى خطة عمل تدفع مسيرة القارة الأوروبية إلى الأمام.

هكذا وعت أوروبا الدرس بعد أن وضعت حرب الثلاثين سنة أوزارها منذ مطالع القرن السابع عشر، فكان أن قررت ترجمة سلام - ما بعد الحرب على شكل معاهدة وستفليا في عام 1648 وهي التي يعدها المؤرخون بمثابة الإرهاص السياسي بنشوء الدولة الحديثة كما نعايشها في زماننا الراهن، وهي الدولةالقومية على نحو ما تصفها مصطلحات العلوم السياسية.

أما العبرة الأحدث، وهي الاهم بالنسبة لزماننا، فكانت مستقاة بدورها من ويلات الحرب العالمية الثانية (1939- 1945) التي كانت أقرب إلى حرب أهلية بين أطراف أوروبية في غالبيتها العظمي على نحو ما يذهب إليه المفكر الأميركي الراحل صمويل هنتنغتون (صاحب مقولة تصادم الحضارات).

نحو أوروبا موحـــَّدة

والمهم أن أوروبا استمعت إلى دعوة روبرت شومان وزير خارجية فرنسا (1886- 1963) في مايو 1950، حيث دعا في ذلك الوقت إلى استشراف مشروع بدأ يحمل أيامها فكرة رائدة تقول بالتالي: أوروبــا، الموحـــدة.

وكم أحسن القوم وقتها عندما اتبعوا نهج التواضع العملي البرغماتي التدريجي في بناء صرح التجربة التي تحمل الآن عنوان الاتحاد الاوروبي، منذ بدايتها الاكثر تواضعاً مجسدة في اتحاد صناعات الفحم والصلب وبعدها تدرجت التجربة عبر العقد الستيني، حيث اجتازت معالم بارزة على طريق الوحدة الأوروبية كان من أعلامها مثلا، السوق الاوروبية المشتركة، المفوضية الاوروبية ثم الجماعة الاوروبية وصولا إلى عام 1993 على وجه التحديد، حين وقّعت 12 دولة أوروبية على معاهدة ماستريخت التي دخلت حيز النفاذ في فاتح نوفمبر عام 1993 بإنشاء الكيان الذي تدور عليه مقولات الكتاب الذي نعايشه في هذه السطور: الكيان اسمه الاتحاد الأوروبــي، أما الكتاب فيحمل العنوان التالي: السياسة الخارجية للاتحاد الأوروبي: تقييم دور أوروبا في العالم.

الكتاب من تحرير اثنتين من أهل الاختصاص هما: فدريغا بِندي وإرينا أنجيليسكو.

والحاصل أنه عند صدور الكتاب أثنى المحللون على النهج العلمي الذي اتبعته المؤلفتان، باعتبار أنه نهج يتسم بالشمول والربط الموضوعي بين القضايا والشخصيات والتوجهات. ولعل هذا هو السبب الذي دفع المؤلفتين إلى تقسيم كتابهما إلى خمسة أجزاء يطرح كل جزء منها منظوراً متميزاً للإجراءات، التي ظل يتخذها الاتحاد الأوروبي منذ إنشائهكما أسلفنافي عقد التسعينات إزاء قضايا السياسة الخارجية والعلاقات الدولية.

عن الأجزاء الخمسة

هذه الأجزاء الخمسة تعرض لها فصول الكتاب على النحو التالي:

 

وكم أحسنت المؤلفتان حين أوردتا عبر النص شهادات وإفادات أسهمت بها كوكبة متنوعة من المفكرين وراسمي الخطط في مجال السياسة الخارجية لأوروبا المتحدة، فضلاً عن عدد من الذين شاركوا في هذه الخطوط السياسية الدولية من مواقع الممارسة والتنفيذ.

ونلاحظ من الوهلة الأولى اتجاه الانتقاد الذي لايزال يأخذ على الاتحاد الاوروبي عدم اتباعه سياسة خارجية موحدة بمعنى الكلمة، وهو لايزال يعطي الأولوية كما يقول الكتاب، للمصالح الوطنيةوالتوجهات القطرية للدول أعضاء الاتحاد المذكور، وذلك برغم أن معاهدة لشبونة قد خلقت كياناً متخصصاً في هذا الميدان حمل اسم »الدائرة الأوروبية للعمل الخارجي«، فضلا عن إنشاء منصب لايزال فعالا لمفوض الاتحاد الاوروبي المعني بالسياسة الخارجية.

ومن منظور التحليل النقدي يخلص الكتاب إلى أن الاتحاد لايزال يفتقر إلى هذا العنصر من التوحد أو التجانس المطلوب لإدارة وتفعيل سياسة خارجية موحدة، وخاصة في ضوء ما لايزال يشوب التجربة المذكورة من اختلاف بين الاستراتيجيات وتباين من حيث الغايات والأهداف.

غياب الاتساق السياسي

وهنا أيضاً يرى الكتاب أن هذا الغياب للتجانس والاتساق في السياسات لايزال عائقاً أمام انضمام أطراف أوروبية جديدة إلى الاطار الاتحادي، حيث لاتزال تلك الاطراف وفي مقدمتها دول الجيران، على البعد كما قد نسميهم، مثل بيلاروسيا (روسيا البيضاء) وأوكرانيا، وهي تري أن هذا الانضمام لن يحقق لها ما ترنو إليه من مصالح ونجاحات، هذا في حين ترد مواضع أخرى من الكتاب نفسه موضحة أن الاتحاد الاوروبي لاتزال له جاذبيته أو بريقه في عيون أطراف أوروبية أخرى مازالت في حال تطمح بالسعي الدؤوب إلى نيْل العضوية المأمولة. والنموذج هنا يتمثل في تركيا من جهة وأطراف شتى في إقليم البلقان- جنوب أوروبا من جهة أخرى.

الغياب نفسه للاتساق السياسي أو التجانس المعرفي والسلوكي لايزال يشوب سياسة الاتحاد الاوروبي إزاء أطراف خارجية متنوعة: ما بين أميركا إلى كندا، وما بين إفريقيا إلى آسيا والصين.

هنا يوضح الكتاب أن الاتحاد المذكور يقتصر في تعاملاته مع تلك الاطراف الخارجية على اتباع نهج أقرب إلى النفعية والبرغماتية السياسية البحتة، وبمعنى أنه يطل على تلك التعاملات لا من منظور المبادئ أو الطروحات الفكرية ولا حتى منظور المصالح العالمية - العولمية إن شئت- وإنما من منظور مصالح مباشرة وضيقة ومؤقتة إلى حد بعيد.

وهنا أيضاً يسوق الكتاب أمثلة من النمط السلوكي للاتحاد الأوروبي إزاء افريقيا، حيث الطرف الأوروبي يتعامل مع القارة السمراء لا من منطق المسؤولية الذي يساعد مثلا على إقالتها من عثراتها في مجالات التنمية بالذات، دع عنك منطق المسؤولية عما لحق بالقارة من ويلات الاستعمار والاستغلال خلال الحقبة الاستعمارية التي فرضتها، كما هو بديهي، أطراف الاتحاد الأوروبي نفسه ولو في مراحل سبقت من عمر الزمان الحديث.

إن كتابنا يؤكد أن أوروبا المتحدة لا تتعامل مع افريقيا إلا من خلال اثنتين من القضايا وهما:

(1) قضية الهجرة الافريقية إلى أصقاع أوروبا، وهنا يتم استخدام اسلوب الحدّ والتحجيم ثم المبالغة في الانتقاء إلى حد الاقصاء.

(2) قضية الأمن، وهو ليس أمن القارة الافريقية بل إن الأولى بالرعاية والاهتمام هو أمن الاتحاد الأوروبي بطبيعة الحال.

بين الداخل والخارج

هناك عنصر التنبيه الذي تورده المواضع الأخيرة من كتابنا. ويتمثل هذا العنصر في التأكيد على البديهية المتداولة، التي تقول بالتالي: إن السياسة الخارجية هي في الأساس تعبير عن، السياسة الداخلية أو هي انعكاس لها.

وهنا تؤكد هذه المواضع المتأخرة من الكتاب على أهمية تقويم وترشيد مسارات السياسات الداخلية المتبعة على صعيد دول الاتحاد الاوروبي، حيث يستوي في ذلك قضايا واهتمامات ربما تبدأ بإصلاح الاقتصاد وإنقاذ بعض أعضائه من دوامات الديون (اليونان نموذجاً) أو إجراء إصلاحات جذرية لمواجهة ما أصبح يوصف بأنه أزمة منطقة اليورو، فيما قد تصل هذه الجهود إلى ترشيد التعامل مع قضايا حقوق الانسان والحريات الأساسية، وخاصة ما يتعلق بالذات بقضايا طالبي اللجوء وجماعات اللاجئين من أقطار شتى في عالمنا، إضافة إلى ما يتعلق بحقوق المواطَنة اللازمة بالنسبة إلى جموع الوافدين إلى دول الاتحاد، على مدار سنوات طويلة من الإقامة ولم يحصلوا بعد على ما لهم من استحقاقات مادية ومعنوية على السواء.

والأمثلة في هذا السياق عديدة وخطيرة في آن معاً:

قضية أبناء المغرب العربي والشمال الإفريقي في فرنسا.

قضية العمال الوافدين الأتراك في ألمانيا.

قضية الوافدين المنتمين أصلا إلى أقطار رابطة الكومنولث من آسيا وافريقيا في إنجلترا.

والمعنى بداهة أن مصداقية الاتحاد الأوروبي في التعامل على المسرح الدولي، ومن خلال سياسة خارجية يُعتد بها من حيث الأصالة والفعالية، إنما تتوقف أيضاً على اتباع أطرافه الأوروبية سياسات داخلية لها ما تستحقه من المصداقية.

ثم إن هناك عاملا لا تتورع فصول الكتاب عن اثباته، ولو من باب الزمانة أو الموضوعية العلمية، ويتمثل هذا العامل في أن الدول أعضاء الاتحاد الأوروبي، وخاصة في سياق مواجهتها الأزمة الاقتصادية التي يزيد عمرها الآن على 7 سنوات، مازالت تراوح في سياساتها الخارجية بين عامل التفاعلالتدامج مع ما تقضي به المنظومة الاتحادية، وبين نداءات وأحياناً ضرورات الظروف المحلية والأوضاع الوطنية في داخل حدود كل دولة وفي ضوء ما تمليه ظروفها.

 

الأوروبيون لا يزالون يمارسون ازدواجية المعايير

يمعن الكتاب في الصراحة العلمية والمكاشفة البحثية، وتذهب فصوله إلى أن الاتحاد الأوروبي لا يتورع أحياناً عن المناداة بتحرير التجارة الإفريقية في مجال الزراعة بالذات.

ثم يورد الكتاب مزيداً من التفاصيل في هذا الخصوص ولدرجة يخرج منها القارئ المتمعن بأن المسألة ليست دعوة ليبرالية أو تحريراً إصلاحياً لتجارة المحاصيل والمنتوجات الزراعية التي ينتجها الإفريقيون، بقدر ما أنها دعوة تنطوي في جوهرها على تحقيق مصالح القوى والفعاليات الرأسمالية الاوروبية بالدرجة الأولى، بكل ما تضمه من احتكارات عاتية ومؤسسات متعددة الجنسيات وشركات عملاقة عبر وطنية ناشطة في هذا الميدان.

ومرة أخرى تعزو فصول الكتاب هذه السلبيات إلى أنه ليست هناك سياسة متجانسة أو موحدة أو متسقة للاتحاد الاوروبي في المجال الخارجي، على نحو ما تتبعْهكما يضيف الكتاب أيضاًأطراف دولية فاعلة أخرى مثل الصين أو الولايات المتحدة الأميركية.

ومن الباحثين المساهمين في مادة هذا الكتاب من يعزو هذا الغياب لعنصر الاتساق في السياسة الخارجية للاتحاد الأوروبي إلى أن الأمر لايزال بحاجة إلى أن تتوافق دوله الأعضاء أصلا على وضع وتفعيل استراتيجية مشتركة فيما بينها، عِلْماً بأن مثل هذا التوافق إنما يقتضي بحكم التعريف، اتخاذ إجراءات قد تنطوي على تنازل من هذا الجانب وتنسيق من ذلك الجانب وتراجع من جانب ثالث، وهكذا.

ثم هناك آراء مخالفة يذهب أصحابها بدورهم إلى أن السياسة الخارجية لكيان من طراز الاتحاد الاوروبي لن يتيسر لها تحقيق النجاح إلا على صعيد عالم متعدد الاقطاب، وكأن الكتاب يشير هنا، ولو من خلال التلميح، إلى أن وضعية القطب العولمي- الكوكبي الواحد، حتى لا نقول الوحيد، وهي التي تشغلها حتى الآن الولايات المتحدة الأميركية بصورة أو بأخرى، مازالت تحول دون فعالية سائر الأقطاب العاملة على مسرح السياسة والشؤون العالمية في زماننا، وهو ما يضاف إليه تلميح آخر يذهب من جانبه إلى أهمية ظهور أطراف شريكة، أو شبه شريكة على الساحة الدولية وفي مقدمتها الصين أو الهند أو الاتحاد الروسي ومن ثم تتشكل أوضاع يستطيع فيها الطرف الاتحادي الأوروبي أن يمارس تأثيراً فعالاً من جانبه وأن يستثمر قوته الناعمة على نحو ما أسلفنا، مؤثراً بذلك في مجالات السياسة والاقتصاد في عالم هذا القرن الواحد والعشرين.

 

الاتحاد الأوروبي نموذج يحتذى

الاتحاد الأوروبي مازال كياناً أقيم لكي يعيش، ورغم دعوات تخرج بين حين وآخر للخروج من هذا الكيان (في إنجلترا على سبيل المثال)، إلا أن هذا الكيان الأوروبي لايزال يشكل نموذجاً قابلا للاحتذاء، مع وعي السلبيات والعقبات بكل ما تطرحه من دروس مستفادة، وخاصة بالنسبة لما لايزال يراود الأطراف العربية في المشرق والمغرب من آمال أو طموحات نحو مستوى من التوحد العربي على اختلاف الاشكال والصيغ والتصورات.

 

المؤلفتان في سطور

على صفحات الكتاب، جمعت كل من الأستاذة: فدريغا بِندي وزميلتها الأستاذة: إرينا أنجيليسكو بين المساهمة الأكاديميةالبحثية بفصول موضوعية ضمن مادة هذا الكتاب، وبين جهد آخر له قيمته بالنسبة للدراسات العلمية، وهو جهد الجمع والتوثيق والتحرير والإصدار بالنسبة للعديد من الدراسات التي ساهم بها عدد كبير من المفكرين والباحثين من أوروبا وأميركا على السواء.

تشغل البروفيسور فدريغا بندي كرسي جان مونيه لدراسات التكامل السياسي الاوروبي في جامعة روما، وهي لاتزال تُعد المدير المؤسس لمركز الامتياز العلمي »جان مونيه« باعتباره من رواد الدعوة إلى أوروبا المتحدة، أما شريكتها في الكتاب الاستاذة إرينا أنجيليسكو- فتعمل باحثة في مؤسسة بروكنغز بالولايات المتحدة.

عدد الصفحات: 366 صفحة

تأليف: فدريغا بِندي وإرينا أنجيليسكو

عرض ومناقشة: محمد الخولي

الناشر: مؤسسة بروكنغز، نيويورك، 2015

Email