قناة فوكس.. أعلى الأصوات في ساحة الإعلام الأميركي

تأثير»فوكس « إلى انحسار بعد مسيرة 20 عاماً

صورة
ت + ت - الحجم الطبيعي

يهتم هذا الكتاب بتدارس وتحليل زاوية راهنة ومهمة في منظومة الإعلام الأميركي المعاصر، وتمثلها بشكل واضح وراهن ومُعاش قناة فوكس نيوز، أو القناة رقم 5 في المنظومة السابقة على نحو ما يعرفها به مشاهدو التلفزيون في ولاية ومدينة نيويورك. ويركز الكتاب في هذه الدراسة على الشخصية التي تكمن وراء ما ظلت فوكس تمارسه من تأثير في تشكيل توجهات الرأي العام الأميركي، وبالذات نحو طرح وترويج وتأييد أفكار ومقولات الحزب الجمهوري المعارض - حالياً - في السياسة الأميركية، وهي توجهات يمكن تصنيفها في خانة اليمين النيوليبرالي، كما يسمى أحياناً، أو خانة الرجعية السياسية، كما توصف في أحيان أخرى. وتتمثل الشخصية القيادية المذكورة في الإعلامي الأميركي المخضرم جوزيف آيلس، الذي بذل جهوداً متواصلة وحثيثة كي تحقق قناة فوكس ما أنجزته من نجاح وتأثير.

ويعرض الكتاب أيضاً لأسلوب الإعلامي آيلس في تحويل نشرة الأخبار من عملية سردية رتيبة إلى حيث أصبحت أقرب إلى العرض الدرامي (الشو) المشوِّق والجذّاب والمثير لاهتمام ومشاعر ملايين المشاهدين. على أن الكتاب لا يفوته في السياق نفسه الإشارة إلى أسلوب العمل التلفزيوني، الذي اتبعته قناة فوكس، وخاصة ما يتعلق بتكريسها جانب الدعاية الإثارية - الميلودرامية، البروباغاندا، وفيما لا يفوت الكتاب أيضاً أن ينّوه بتغييرات حاصلة ومرتقبة خلال السنوات الخمس المقبلة، تتغير فيها خطوط فوكس نيوز، وربما البث التقليدي المتلفز كله، بعد أن اقتحم الحاسوب الإلكتروني الميدان بكل إمكاناته غير المسبوقة.

كيف تؤدي جهودك إلى تحقيق النجاح فيما تؤدي أيضاً إلى تقسيم البلاد؟ إنها معادلة صعبة، بل ومخيفة بكل المقاييس. وهي المعادلة التي يطرحها العنوان الرئيس للكتاب الذي نعايش بحوثه وأفكاره في سطورنا الراهنة. اختار له مؤلفه الشاب عنواناً رئيساً درامياً، كما قد نسميه، وهو »أكثر الأصوات ارتفاعاً في الغرفة«، وهو ما قد يرادف القول: أعلى الأصوات زعيقاً. وهذا الصوت الأكثر صخباً هو ما يميز واحداً من أشهر بارونات الإعلام الأميركي المعاصر، واسمه روجر آيلس، الذي يرتبط اسمه بقناة فوكس نيوز، القناة التلفزيونية رقم خمسة في ولاية - مدينة نيويورك.

وبحكم شهرة آيلس المذكور أعلاه، ولأن اسم القناة في أصله الإنجليزي (فوكس)، يصدق بداهة على الثعلب بكل ما يتصف به من سمات المراوغة والمكر والدهاء، فقد احتفل النقاد بصدور الكتاب الذي نعايشه في سطورنا الراهنة تحت عناوين شتى، وكان أكثرها طرافة، ذلك العنوان الذي يصف مؤسس قناة فوكس بكل ما نجم وينجم عنها من آثار هو العنوان التالي حرفياً: ملك الثعالب، أو فلنقل من جانبنا: أمير الدهاء.

صوت الجمهوريين المتلفز

والحاصل أن أمضى مؤلف هذا الكتاب، وهو الصحافي - الإعلامي الأميركي غابرييل شيرمان، ردحاً طويلاً من زمن البحث والتحري، متّبعاً في ذلك ما درج عليه مهنياً من أسلوب صحافة التحقيقات، من أجل أن يرسم صورة مكتملة، أو شبه مكتملة، لقناة تلفزيونية أصبحت شهيرة في أميركا والعالم، لا بفضل أدائها الفني التقني غير المسبوق، ولكن بسبب إمعانها في اتخاذ مواقف تتبنى فيها توجهات الحزب الجمهوري الأميركي (المعارِض حالياً)، بل والترويج لما يصدر عن أقصى اليمين السياسي والعقائدي في مضمار السياسة الأميركية المعاصرة من أفكار وطروحات وتوجهات، وهو ما يصّب في معظمه في خانة تشجيع التهافت على مصالح شعوب العالم الثالث، سواء كان هذا التعدي مادياً بالأسلوب العسكري (كما تفعل إسرائيل - الصهيونية بحق الشعب العربي في فلسطين)، أو كان تنديداً بحركات التحرير، أو تصدياً لنزعات الاستقلال المعادية لتراث العصر الاستعماري، الذي طالما عانت من ويلاته شعوب آسيا والأميركيتين.

تلك كانت العوامل والاتجاهات، بل والافتراءات التي تبنتها هذه القناة التلفزيونية الأميركية - فوكس نيوز المذكورة - ونوعية مواقفها من أيام حقبة بيل كلينتون في تسعينيات القرن الماضي، ثم مراحل حرب الخليج، سواء تلك التي حملت شعار تحرير الكويت، أو تلك التي قامت فيها بغزو بلاد الرافدين العربية، خلال ولاية جورج بوش الابن، في أوائل سنوات هذا القرن الواحد والعشرين، وصولاً إلى ما شهدته السنوات الثلاث الماضية في الداخل الأميركي نفسه.

وخاصة ما يتعلق بتحركات قطاعات اليمين الجمهوري في أميركا، وقد حملت - كما هو معروف - وصف حزب الشاي، ومنها إلى حملة الهجوم التي تتصدرها فوكس نيوز في الفترة الحالية، وتقصد - كما تصّور القناة المذكورة - إلى حشد وتجميع أعضاء الكونغرس من المعارضة الجمهورية من أجل شحن الانتقادات الموجهة حالياً إلى الرئيس باراك أوباما، والوصول بهذا الشحن - المتلفز بالذات - إلى نصب محاكمة لرئيس الدولة ولحزبه الديمقراطي، وهو ما يجهد مؤلف هذا الكتاب في تدارسه وتقصيه على قدر ملموس من التدقيق والتفصيل.

هنا يعمد مؤلفنا إلى تقّصي جذور القناة المتلفزة، التي أصبح لها نفوذها البارز سلباً أو إيجاباً على قطاعات واتجاهات الرأي العام الأميركي على نحو لا سبيل إلى إنكاره. ومن عجب أن قناة فوكس لا تستند إلى تاريخ بعيد: لقد تأسست في عام 1996، لتشكل ما يصفه خبراء الإعلام بأنه ذراع من أذرع إمبراطورية روبرت ميردوخ الإعلامية التي كانت، ولعلها لا تزال، مسيطرة في هذا المجال في إنجلترا وأميركا على السواء، علماً بأن ميردوخ المذكور أعلاه يكاد يشكل رمزاً لإعلام الدعاية (البروباغاندا) المعتمد على عناصر الإثارة والعرض الصارخ المغرض، والأسلوب الميلودرامي غير المسؤول، اللهم إزاء عنصرين، أولهما: الربح المادي، وثانيهما: خدمة الاتجاهات المحافِظة بمعني الرجعية في نظرتها إلى الثقافة والاستنارة وأحلام التقدم والتنمية، وخاصة على صعيد أمم وشعوب في طول العالم وعرضه.

حكاية كبير الثعالب

خلف نجاحاتها وأرباحها، التي بلغت نحو مليار دولار في غضون سنة واحدة (2012)، يقف رئيسها روجر آيلس، كبير الثعالب، كما يصفه المعنيون، الذي تولى أمرها، يسبقه في ذلك تاريخ في النشاط الإعلامي، بوصفه واحداً من مديري ومستشاري الحملات الانتخابية لمرشحي الحزب الجمهوري.

هذه الخبرات والمهارات هي التي استند إليها روجر آيلس عندما استطاع تدمير الحملة الرئاسية لمرشح الحزب الديمقراطي الذي كان منافساً للمرشح جورج بوش، الذي كان من جانبه يطمح إلى ولاية رئاسية ثانية في حملة عام 2004 اسم المرشح المذكور، هو جون كيري، وكان له حظ محتمل من النجاح، لكن آيلس استطاع بحملة دهاء إعلامي مشهود أن يدمر فرص كيري من خلال التشكيك، في ما طرحه أيامها من بطولات كان قد حققها خلال حرب أميركا في فيتنام.

في السياق نفسه، يرصد كتابنا تركيز روجر آيلس على مواد البرنامج الحواري في قناة فوكس (توك شو كما أصبحوا يسمونه). والرجل - لفرط دهائه - يدري بيقين أن ليس بإمكانه أن يغير أو يبدل في الرسائل الإخبارية، التي يبعث بها مندوبو المحطة المتلفزة التي يديرها، أي تغيير في الحقائق الواقعة على الأرض يمكن كشفه، ومن ثم تفنيده والتنديد به منذ الوهلة الأولى، وفي خضم المنافسة المحتدمة في ساحة الأداء التلفزيوني في أميركا والعالم، لكن الذي يمكن تغييره والتلاعب به، هو تلك الآراء التي يدلي بها ضيوف »التوك شو«.

خاصة عندما يتم التدقيق في اختيار موضوعات يهم القناة ترويجها أو دحضها، أو يعني القناة نشرها أو التنديد بها، فضلاً عن اختيار نوعية ضيوف الحوارات، ثم قدرة المذيع أو المذيعة - بكل ما قد يتمتعان به من قبول وأحياناً، نجومية موثوقة لدي جماهير المشاهدين - على تسيير دفة الحوار واستنطاق الضيوف إلى ما تقصد القناة إلى نشره من آراء وأفكار تصوغ بها فكر ووجدان وتوجهات ملايين المشاهدين، وبحيث يصّب هذا كله في صالح الأفكار المحافِظة - الرجعية التي يتبناها الحزب الجمهوري في التحليل الأخير.

ترويج نظرية المؤامرة

في الإطار نفسه، يعرض المؤلف إلى ما ظل يردده النجوم من مذيعي قناة فوكس إياها (على نحو ما دأب عليه المذيع جلين بيك، الذي ترك القناة في عام 2011) من الترويج لنظرية المؤامرة، التي قالوا إنها تحاك ضد مصالح الشعب الأميركي، وفي هذا السياق ظلوا يخصصون مساحات زمنية أوسع لصالح شخصيات ذات اتجاهات محافظة إلى حد التخلف أحياناً، ومنهم، مثلاً، سارة بالين التي كانت مرشحة لمنصب نائب رئيس الدولة الأميركية مع المرشح الجمهوري السابق جون ماكين ضد باراك أوباما، ولكن المبالغات في الحديث عن المؤامرات ضد أميركا، فضلاً عن الإسهاب في استضافة بالين بكل ثقافتها المحدودة لدرجة تثير الرثاء، ما لبثت أن أفضت إلى عكس المطلوب، وإلى خسارة الحزب الجمهوري ومرشحيه في نهاية المطاف.

وكان السبب المحوري - كما يحققه مؤلف كتابنا - هو أن قناة فوكس كانت تسبح ضمن تيار مختلف تمام الاختلاف عن تيار المصالح، الذي يسبح على متنه المواطن الناخب الأميركي.

أما الاختلاف بين هذين التيارين فيمكن عرضه بإيجاز شديد على النحو التالي (وهو درس مستفاد لإعلامنا القومي والخاص في الوطن العربي).

هناك تيار تبنته قناة فوكس ويسهب في الحديث من خلال الحوارات والأداء البرامجي عن مؤامرات تستهدف ديانة أميركا المسيحية، وتستثير الشكوك إلى حد العداوة ضد جماهير المهاجرين إلى الأصقاع الأميركية، بل وتحّرض كذلك على إحاطة الأجناس والإثنيات العرقية التي تشكل موزاييك المجتمع الأميركي بسياج من التفرقة والكراهية بما يهدد بإشعال لهيب الصراع داخل المجتمع المذكور.

التيار المقابل كان يمثله المواطن الأميركي العادي: كان هذا المواطن يركز أساساً - في اختيار مرشحيه للرئاسة أو انتقاء نوابه سواء في برلمانات الولايات أو على صعيد مجلسي الكونغرس في واشنطن - على أمور أخرى يراها حيوية بالنسبة لحياته ومعيشته ومستقبل أبنائه، وفي مقدم هذه الأمور: خلق فرص عمل جديدة، والنهوض بمستوي التعليم والرعاية الصحية والمكافحة الفعالة لآفة البطالة التي كانت قد اجتاحت المجتمع الأميركي منذ الأزمة المالية - الاقتصادية التي نشبت في عام 2008.

المشاهدون والعمر

من الطريف أيضاً ما نلاحظه بين فصول الكتاب، وبالذات حين يرصد مؤلفنا حقيقة أن قناة فوكس نيوز، وقد قارب عمرها الآن عشرين عاماً، قد ارتفع متوسط أعمار مشاهديها، حيث يسجل المؤلف أنهم أصبحوا الآن في عمر متقدم نسبياً، فضلاً عن كونهم ينتمون - من واقع الدراسات المتخصصة - إلى عنصر السكان البيض وذوي الأصول الأوروبية من شرائح المجتمع الأميركي، وتراودهم أحياناً نوازع من الاستعلاء العِرقي إزاء مواطنيهم، سواء كانوا منحدرين من أصول أفريقية (الملونون)، أو من أصول لاتينية (الهسبان).

في هذا السياق بالذات، يثبت مؤلفنا ما يصفه بأنه صيحة زعَقَ بها كارل روف، وهو المدير الحاذق الذي أدار حملتي نجاح بوش في عامي 200 و2004، إذ صرخ في وجه روجر آيلس - الثعلب الداهية حتي لا ننسي - قائلاً بالحرف: لماذا تسمح لسارة بالين أن تظهر بكثافة على شاشات القناة، لماذا تسمح لها بهذا الظهور كي تتفوه بما تقوله، وماذا أيضاً عن (المذيع) جلين بيك؟، هؤلاء قوم لن يفكر أحد في انتخابهم يوماً من الأيام، سوف يقتلوننا (لو أتيحت لهم سبل الاستمرار في الظهور).

والحاصل - يضيف المؤلف - أن كارل روف كان يركز في شكواه تلك على العنصر السياسي والمنافسات الحزبية والفرص الانتخابية، لكن هناك عوامل أخرى كانت تعزز قوة القناة، وتتصل أساساً بما كانت فوكس تحققه من أرباح طائلة تفوق ما كانت تجنيه القنوات المنافسة على هذا الصعيد، وهو ما جعل المؤلف يضفي على مديرها روجر آيلس، عبارة تصفه بأنه أقوي شخصية معارضة في أميركا لرئاسة باراك أوباما في المرحلة الراهنة.

كيف نجح الثعلب

لقد أوضحت بحوث المشاهدين، وهي بالمناسبة تستخدم أساليب علمية وإحصائية في مجال الاستطلاع، أن شبكة فوكس إياها - وكما يؤكد هذا الكتاب - يبلغ متوسط العمر عند جمهور مشاهديها نحو 60 سنة وأكثر. والمعنى أن عائداتها الطائلة ليست مستقاة من الإعلانات التي تعد المادة المفضلة لدي شباب المشاهدين، وإنما تُستمد العائدات مما تدفعه شركات الخدمات المتلفزة عن طريق توصيلات الكابل (Cable TV) نظير السماح لها بنقل وتوزيع برامج فوكس مقابل دفع اشتراكات شهرية مجزية تقتضيها من ملايين المشاهدين.

في كل حال، يركز المؤلف على أهم ميزة يتصف بها الإعلامي الأميركي روجر آيلس، الذي يتخذه محوراً أساسياً تدور حوله أهم مقولات هذا الكتاب. هذه الميزة تلخصها العبارة التالية: إنه استطاع تحويل نشرة الأخبار من عملية سرد رتيب وممّل للأحداث، إلى حيث أصبحت عرضاً نابضاً بالحياة، شو كما قد نقول، وهو ما لا يزال يجذب المشاهدين من أعمار مختلفة، فضلاً عن ملايين المشتركين في خدمات الكابل المخصوصة التي ألمحنا إليها.

ولأن لكل شيء نهاية، فقد آذنت نهاية هذا »الشو« أو هذه الخدمات المخصوصة عن طريق اشتراكات الكابل، بعد أن دخل الساحة الإعلامية، إن لم يكن اقتحمها اقتحاماً، ذلك الساحر المستجد مع مطلع القرن الحادي والعشرين، متمثلاً بالطبع في خدمة الأخبار ثانية بثانية عن طريق الكمبيوتر وشبكة الإنترنت الكوكبية.

هنا انكسر احتكار فوكس نيوز ومثيلاتها للأخبار، سواء جاءت في عروض رتيبة ومملّة، أو تم بثها من خلال برنامج نابض بالحيوية وجاذب لكل انتباه.

وكان منطقياً أن ينفسح المجال أمام وسائل أخرى إلكترونية وحاسوبية كي تدخل الساحة الإعلامية، سواء لإذاعة الأخبار، أحدث الأخبار فور حدوثها، أو لتقديم عروض التسلية والثقافة في آن معاً، ومن هذه السبل المستجدة في أميركا، ما يحمل اسم شبكة أمازون أو شبكة نت فليكس والبقية تأتي.

وفي هذا المضمار، يقول الخبير الإعلامي الأميركي بريان روبرتس، على نحو ما ينقل هذا الكتاب: أعتقد أن التلفزيون سوف يتغير في السنوات الخمس المقبلة على نحو أكبر وأسرع مما شهدته الخمسون سنة الماضية.

وهنا يعلق مؤلفنا أيضاً، موضحاً أن هذه التغيرات المرتقبة ستأتي متصلة بإمكانات مذهلة وغير مسبوقة يتصف بها الهاتف الخليوي النقال - المحمول، الذي سيوفر على المشاهدين الجهد والمال حين يوافيهم بكل ما تعرضه أو كانت تعرضه محطات التلفاز بأسلوبها التقليدي الذي سبق وعرفه المشاهدون منذ منتصف القرن العشرين. وبديهي أن ينعكس هذا التطور الحاصل والمرتقب على أسلوب الإعلامي المخضرم آيلس، وعلى عروض قناة فوكس نيوز، التي ما زال يقوم على أمرها، وهنا يكاد المؤلف يكتب مرثية لأسلوب آيلس الذي ظل يتبعه كسياسة لقناة فوكس، وتكاد المرثية تقول بغير مواربة: ساعتها لن يتاح لآيلس بعد ذلك إمكانية أن يواصل ما ظل يفعله لسنوات من بث مواد »البروباغاندا« التي تكاد تضع الجماهير فريسة لبراثن الخوف والشك والمؤامرة والصراع العرقي والغضب إزاء ما يحدث من حولنا، وإزاء ما قد نتصور حدوثه في يوم آت من الأيام.

 

المؤلف في سطور

غابرييل شيرمان كاتب وصحافي ومؤلف أميركي نشرت مقالاته ودراساته في كبريات الجرائد والمجلات في طول الولايات المتحدة وعرضها، وعلى رأسها صحيفة »نيويوك تايمز« ومجلة »نيويورك ماغازين« التي يشغل فيها موقع رئيس التحرير المشارك. وقد عمل المؤلف على مدار سنوات عديدة معلقاً بارزاً في عدد من الوسائل الإعلامية في أميركا، سواء كانت مسموعة، مثل الإذاعة القومية إن. بي. آر، أو كانت مرئية، مثل شبكة سي. إن . إن وغيرهما. ومنذ عام 2012 ظل يشغل موقع الزميل الباحث في مؤسسة »أميركا فاونديشن«.

وتعد دراسته عن شبكة القناة الخامسة في تلفزيون مدينة نيويورك، هي أول إصداراته في عالم الكتب، ولأن هذا الكتاب - الباكورة، يتعامل مع قضايا عديدة ومتشابكة، تجمع ما بين الإعلام والسياسة، وتتعرض لمحاولات الحزب الجمهوري التأثير في قطاعات الجماهير من المشاهدين، ولكن بأساليب أقرب إلى الدعاية الإثارية الزاعقة، البروباغاندا، فضلاً عما يرصده الكتاب من تحويل البرامج الحوارية إلى منابر سياسية، تحقيقاً لمزيد من هذا التأثير، فقد لقي هذا الكتاب الأول لمؤلفه اهتماماً وترحيباً من العديد من المحللين والنقاد، وأيضاً من جماهير القارئين بشكل عام، وهو ما وضعه فور صدوره ضمن قائمة أفضل الكتب مبيعاً التي تنشرها صحيفة »نيويورك تايمز«، خاصة وأن المؤلف - كما يلاحظ المحللون - عمد إلى إجراء مقابلات مع 600 فرد من أهل الإعلام والسياسة، وبذل مجهوداً مستفيضاً في تحري المراجع التي استندت إليها مادة الكتاب.

عدد الصفحات: 560 صفحة

تأليف: غابرييل شيرمان

عرض ومناقشة: محمد الخولي

الناشر: مؤسسة راندوم هاوس، نيويورك، 2014

Email