عن قضية المسلمين

قولبة الصورة النمطية أساءت إلى جموع المسلمين

  • الصورة :
  • الصورة :
  • الصورة :
  • الصورة :
صورة
ت + ت - الحجم الطبيعي

على الرغم من أن هذا الكتاب يتناول من واقع عنوانه ما وصفته مؤلفته الكاتبة والأستاذة الجامعية الأميركية آن نورتون بأنه "قضية المسلمين"، إلا أنها قصدت به، على نحو ما ذكرت شخصياً في حوار تليفزيوني، التأكيد على أن ليس هناك ما يوصف بأنه "تصادم الحضارات" على نحو ما سبق.

 وإن ذهب إليه الأكاديمي الأميركي "صمويل هنتنغتون" في مقولته الشهيرة التي سادت خلال عقد التسعينيات من القرن العشرين، ومن هذا المنطلق، بادرت الأستاذة الأميركية إلى تأليف كتابها، في محاولة موفقة أحياناً، وجانبها التوفيق أحياناً أخرى، لإنصاف الجماعات والجاليات المسلمة.

وخاصة تلك التي تضم المهاجرين الوافدين من أقطار إسلامية، فيما ظل بعضهم يتعرض لمشاعر من الكراهية، وأحياناً الرفض، من جانب تلك المجتمعات الغربية، والكتاب يحاول عبر فصوله المختلفة أن ينّبه الجانب المسلم إلى أهمية التفاعل الإيجابي مع المجتمع الجديد الذي قرر أن يعيش فيه، على أن يتم هذا التفاعل بعيداً عن التمسك بما قد يثير شواغل هذا المجتمع الأوروبي أو الأميركي.

وبخاصة ما يتعلق بمعاملة المرأة وتفضيل الرجل، وفي نفس الوقت يؤكد الكتاب على أهمية نبذ أساليب التنميط أو تصوير المسلم (أو المسلمة) من خلال قوالب جاهزة (ستريوتايب)، ومن خلال تبسيط مخلّ بالحقيقة الواقعة، وهو ما أدي، ولا يزال يؤدي، إلى محاولة وسائل الإعلام الغربية ربط الإرهاب بالمسلمين، والعكس صحيح، وذلك أمر لا يؤثر فقط في البسطاء العاديين، بل وينطبق أيضاً على بعض المفكرين والمثقفين الغربيين.

في كتابه الصادر عند مطلع عشرينيات القرن الماضي، يوضح المفكر الأميركي "والتر ليبمان" (1889- 1974)، وهو من أهم رواد علوم الاتصال والإعلام في عصرنا، أن الناس لا يفكرون باتباع منهج التحليل القائم على أساس التعمق والتفصيل والتأمل والإمعان، وإنما يفكر أفراد المجتمع البشري في عمومهم باتباع نهج التعميم (الأقرب نسبياً إلى التسطيح)، وهو ما توصل إليه "ليبمان" نفسه عندما طرح مقولة "الرأي العام" بمعنى الرأي السائد على صعيد المجتمع بأسره.

وهو أيضاً الرأي الذي يستهدف خبراء الدعاية والإعلام أن يؤثروا فيه، مستخدمين في ذلك سبلاً أصبحت معروفة في هذا المضمار: ما بين الصورة إلى الشعار، وما بين التكرار إلى الإلحاح بمعنى العزف على نغمة واحدة، بل وحيدة، بغية التأثير في جماهير الناس.

وهو تأثير لم يكن يتورع، وخاصة في عالم الدعاية، البروباغندا، عن نشر الشائعات وترويج الأوهام وخلط الحقيقة بالأكذوبة، وهو أسلوب استطاعت أن تدركه وتحلله المقولات الكلاسيكية في الثقافة الإسلامية- العربية، ومن ثم تلخصه في مقولة بالغة الأهمية والبلاغة، وهي "تلبيس إبليس"، بمعنى خلط الحق بالباطل.

وفيما نشطت في هذا المجال بالذات دعايات النازية خلال الحرب العالمية الثانية، في ما أصبح يعرف بأنه أسلوب غوبلز (1897- 1945) وزير دعاية هتلر، فقد عادت مثل هذه الأساليب القائمة على التبسيط المخلّ، وعلى تجريد الحقيقة من جوهرها إلى حيث يمكن اختصارها أو اختزالها، المخلّ أيضاً، على شكل صورة أو نمط أو قالب ينطلي، عند طرحه، على قطاعات الجماهير في الغرب الأوروبي الأميركي على وجه الخصوص. لماذا؟

لأن هذه الجماهير مشغولة بعملها اليومي الذي يبدأه العامل، الموظف، رجلاً كان أو امرأة، مع تباشير الصباح، ويقطع من أجله مسافات شاسعة إلى أن يصل إلى موقع العمل الذي يستغرق طيلة النهار، ومن ثم تكون العودة بالجهد نفسه، وعبر المسافة نفسها مع الغروب، وبعدها يخلد المواطن الأوروبي أو الأميركي إلى أمسيات موجزة لساعات، مكتفياً بموقف المشاهد المتلقي- السلبي بفعل الإرهاق والانشغال.

ومن ثم فهو يشكل نموذج المستقبِل النموذجي للمعلومة التي يجيد المرسِل الإعلامي طرحها، عبر وسائل الإعلام، التلفزيون بالذات، وعلى شكل صورة نمطية، جامدة ومقولبة "ستريوتايب"، كما يقول المصطلح المستخدم في أدبيات الإعلام المعاصر.

عن معاناة المسلمين

هذا التنميط عانت منه قطاعات المسلمين بشكل عام، ومنها بالذات المسلمون- المهاجرون، المواطنون المقيمون في أقطار أوروبا وفي أقطار أميركا على السواء.

والحق أن هذا التنميط، هذه الصور الجامدة والمدركات المقولبة أو الجاهزة التصنيع، زادت من حيث الكمّ وأيضاً من حيث الحّدة، ومن ثم الخطورة، منذ ثمانينيات وتسعينيات القرن الماضي على وجه الخصوص.

قبل تلك الفترة كان الغرب منشغلاً في معظمه بصراعات الحرب الباردة بين كتلتي الشرق السوفييتي والغرب الأوروبي- الأميركي، وطبعاً كان الغرب نفسه منشغلاً، أو فلنقل متورطاً، في حرب ضروس دامت، كما هو معروف، خلال الفترة (1939- 1945) بين معسكر المحور (ألمانيا إيطاليا اليابان).

ومعسكر الحلفاء (أميركا ومعظم أوروبا الغربية ثم روسيا السوفييتية)، والحق أن كان كل من المعسكرين بحاجة على نحو أو آخر إلى الشعوب الأخرى، المسلمة بالذات، التي لم يكن لها في هذا الصراع العالمي "ناقة ولا جمل"، على حد تعبير الشيخ "مصطفي المراغي"، وكان على قمة المؤسسة الأزهرية في "مصر" خلال عقد الأربعينيات، ومن ثم، جاءت عمليات خطب الودّ السياسي لتلك الأقطار والشعوب الإسلامية، ولدرجة بالغت فيها دعاية الألمان إلى الحد الذي صورت فيه "هتلر" وكأنه رجل مسلم.

بعد الحرب، ومع انتصاف القرن، بدأت صراعات المصالح بين إمبراطوريات الغرب الكلاسيكية، الإنجليزية والفرنسية بالذات، وبين الشعوب المسلمة المتطلعة إلى التحرر والاستقلال، وفي هذا الإطار دارت معارك "السويس" في "مصر"، ومعارك "الاستقلال" في "الجزائر"، وقبلها معارك "تأميم البترول" في "إيران".

البحث عن عدو بديل

لكن مع قرب انتهاء الحرب الباردة في ثمانينيات القرن، كان على الغرب أن يبحث، كما كتب مفكروه وباحثوه، عن "عدو جديد"

انتهى العدو الروسي وأوشك بناؤه السوفييتي على التداعي والزوال.

في أواخر الثمانينيات، انتشرت في دوائر العلوم السياسية في "إنجلترا" و"أميركا"، مقولة كانت غريبة تقول بما يلي: البحث عن عدو (بديل).

وقد عمد إلى ترجمتها المفكر السياسي "زبغنيو بريجنسكي"، وكان، كما هو معروف، مستشاراً للأمن القومي في حقبة الرئيس الأسبق "جيمي كارتر"، ويومها صاغ "بريجنسكي" بدوره شعاراً آخر على النحو التالي: "هلال المتاعب".

وبديهي أنه كان يقصد بالهلال الإشارة من خلال الرمز إلى "الإسلام والمسلمين"، بيد أن هذا الشعار الذي ظن البعض أنه كان مقولة عابرة، لم يلبث أن وجد من يترجمه إلى فكر تنظيري أثبته "صمويل هنتنغتون" في كتابه الصادر مع مطالع التسعينيات تحت العنوان الشهير التالي: "تصادم الحضارات".

وفي الكتاب أكثر من إشارة إلى أن المستقبل ينطوي على حالات واحتمالات صدام بين الغرب والإسلام.

وبرغم ما بادرت إليه طروحات وكتابات صدرت من أقطار إسلامية شتى في معرض السرد أو التفنيد لنظرية "هنتنغتون" (وكان أبرزها كتابات السياسي الماليزي المرموق مهاتير محمد، ودعوات المفكر الإيراني السيد محمد خاتمي بشأن حوار الحضارات).

إلا أن مطلع الألفية الثالثة هو الذي جاء لكي "يهدي" إلى القائلين بالخطر الإسلامي حدثاً بالغ الخطورة، وقد جسدته بالطبع واقعة تفجير المركز التجاري في "مانهاتن" في قلب "نيويورك" في 11 سبتمبر من عام 2001، وبعدها لم تتورع أوساط شتى عن الانطلاق في تحليلات وتحريضات، وصل بعضها إلى حديث عن "حرب صليبية" في زماننا، فيما تمركز معظمها حول مقولة أساسية، ما زالت مطروحة للأسف حتي وقتنا الراهن، والمقولة هي:

"الخطر الإسلامي".

وبديهي أن تكون مقولة متعجلة وغير علمية وصادرة عن عقول أصابها داء الترصد أو التعصب إلى حد ليس بالبعيد،

لكن معالجة المسألة لن تتم بالطبع باتباع منطق الهجوم المتبادل أو مجرد الرفض السلبي، ناهيك عن التجاهل الذي لن يجدي فتيلاً، فالمسألة تعالج بمنطق التحليل العميق والتناول العلمي، بعيداً عن غواية الحملات الدعائية وتسطيح الصور المقولبة النمطية.

طروحات الكتاب

ونحسب أن هذا المنطق العلمي هو الذي يميز نوعية الدراسات التي يصّنف في إطارها الكتاب الذي نعايش طروحاته في هذه السطور.

ويكفي أن تختار مؤلفة هذا الكتاب، البروفيسور "آن نورتون"، عنواناً نراه هادئاً، بقدر ما نعده موضوعياً، يمكن ترجمته على النحو التالي: "عن قضية المسلمين".

والمؤلفة هنا تتعامل مع المسألة من منظور "القضية"، لا من منظور الخطر أو التهديد أو الإرهاب، وهو ما أضفى على كتابها تميزاً وصفه المحللون على النحو التالي: إن الكتاب، كتابنا في هذه السطور، يطرح رؤية جديدة تستند إلى أصول الحياة الديمقراطية القائمة على ثراء التنوع في الغرب.

وهي من ثم حياة تتيح مكاناً للمسلمين من أجل التعايش، بدلاً من أن تتعامل معهم على أنهم "كبش الفداء" الذي يستهدفه الغرب للتعبير (بمعنى التنفيس) عما يساوره من قلق، وما يقضّ مضاجعه من عوامل الانشغال.

وفي تصورنا، أن أهم ما أنجزته مؤلفة هذا الكتاب، إنما يتمثل في أنها لم تخضع للانسياق وراء أوضاع الحاضر بكل ما تحويه من صراعات وتخوفات وتبادل للتهم، لكنها اعتمدت منهجاً في البحث، عمدت من خلاله إلى تقصّي أبعاد التراث العلمي- الفكري والفلسفي الذي أسهمت به الحضارة والثقافة الإسلامية ذاتها في دفع التقدم الإنساني أشواطاً مشهودة إلى الأمام، من هنا، عمدت المؤلفة الأميركية إلى تدارس أفكار الفيلسوف "الفارابي" (توفي عام 950).

وخاصة في كتابه المحوري "آراء أهل المدينة الفاضلة"، الذي أضاف به حلقة، عربية وإسلامية كما قد نصفها، إلى تراث المجتمعات "الطوباوية"، المثالية أو المدن الفاضلة "اليوتوبيا"، وهو التراث الذي استهله الفيلسوف اليوناني أفلاطون، ونسج على منواله مفكرون وفلاسفة ينتمون إلى ثقافات وحضارات شتى، وكان منهم "الفارابي" المسلم بطبيعة الحال.

 والأهم من ذلك أن هذا العرض الذي بدأته المؤلفة لأعمال وإنجازات أعلام المسلمين منذ العصور الوسطي وحتي القرن العشرين، جاء التعامل معه على أنه في التحليل الأخير عبارة عن حوار حضارات جمّ الفائدة، وثمرة تفاعلات عظيمة الإيجابية بين أنساق ثقافية وحضارية أبدعتها الأمم على اختلاف عقائدها، ومنها الأمة الإسلامية بطبيعة الحال.

مشكلة المسلمين في الغرب

وفي هذا السياق، لا تتردد الدكتورة "آن مورتون" في التأكيد، من واقع ملاحظاتها المرصودة على مدار إطار زمني طويل، على أن مشكلة المسلمين مع الغرب لا تتمثل في أنهم قوم مبادرون إلى العنف، ولا هم مفطورون على روح التدمير، ولكن تجاربهم مع الغرب تتسم بقدر لا يُنكر من السلبية، بحكم ما يواجهونه في كثير من الأحيان من مشاعر الكراهية، بل ومن محاولات الصدّ والمقاومة، عندما تدفع بهم الظروف إلى التعامل مع المجتمعات الغربية.

في هذا السياق أيضاً، تعترف مؤلفة كتابنا بما رصدته على مدار سنوات طويلة (وخاصة الأعوام المنقضية من القرن الجديد) من ظواهر التباغض والمقاطعة وتوجيه اتهامات العنف للمسلمين، ثم تضيف في هذا الصدد قائلة: "هذا التيار، "الإسلاموفوبيا" كما يسمونه، بات يتعدى حدود القارات، ولدرجة أنه أصبح يوّحد بين صفوف الساسة والفلاسفة والإعلاميين والمعلقين السياسيين ومذيعي الراديو من صناع الإثارة".

لكن المؤلفة لا تلبث أن تردّ على هذه الظواهر السلبية، فتضيف قائلة في سطور كتابها: "مع هذا كله، ففي إطار تلك الديمقراطيات، لا يمكن أن تُنكر ردود الفعل الشعبية التي تعبر عن مواجهة تلك الاتجاهات والمواقف، ولا يمكن أن نتجاهل ما تموج به شوارع الغرب من جانب الناس العاديين الذين يقول لسان حالهم: جميع الطوائف العرقية تشارك في بناء حياة مشتركة بعضها مع بعضها الآخر.

هل المسلمات مظلومات ؟

لكن على الضفة الأولى من مقولات هذا الكتاب، لا يفوت المؤلفة أن تنبه قطاعات شتى من "المهاجرين المسلمين" الذين جاءوا بغرض الإقامة في مجتمعات الغرب، إلى مراعاة أمور مختلفة، مثلاً ترصد ملاحظاتها على أشكال وأزياء ثيابهم التقليدية وطريقة ارتدائها التي جاءوا بها من أقطارهم الأصلية، ترصد أيضاً أساليب معاملتهم للمرأة.

وما قد يبدو أمام الناظر غير المتفحّص من استعلاء الرجل المسلم على المرأة، ومن تفضيل غير منطقي وغير مبرر، بل ودرامي صارخ في بعض الأحيان للذكور على الإناث في مجتمع مسلمي أوروبا، ثم تخلص المؤلفة من هذا الرصد إلى القول بأن هذه الأمور تعيد إلى أذهان غرب أوروبا، هولندا مثلاً، صور الحياة في عصر ما قبل الصناعة.

حيث كانت مصادرة الحريات وسيطرة المؤسسة الدينية وتحكّم رجال الدين وضيق منافذ الحياة أمام الفرد، والمشكلة أن تساور أهل الغرب هذه التصورات والهواجس، وهم يتابعون بعض الأفراد الوافدين إلى بلد مثل "هولندا" من مجتمعات مسلمة، ومنها "المغرب" و"تركيا" على سبيل المثال، ومن مصادر هذه المشكلات خشية الغرب من أن تعود سطوة المؤسسة الدينية - الثيولوجيا كي تتحــكم في حياة المجتمع في يوم من الأيام.

في هذا المضمار أيضاً، يلاحظ الناقد الإنجليزي "لورنس روزن" أن "قضية المسلمين" هي في التحليل الأخير، جاءت في رأي مؤلفة الكتاب، أقرب إلى "قضية غير المسلمين"، وخاصة على مستوى مفكرين وإعلاميين بارزين، ومنهم مثلاً من يتصورون أن المسلمين ما زالت تساورهم أحلام إمبراطورية أو أفكار السيطرة أو معاداة مقولات الليبرالية ودعوات التحرر وأفكار الإبداع والانعتاق (في مقال منشور في صحيفة "الغارديان" اللندنية).

والحاصل أن هذا النهج له تبريره بالنسبة لمؤلفة الكتاب، حين أوضحت في معظم فصول كتابها أن الصراع أو الكراهية أو نظرة الشك بحق المسلمين في أوروبا (أو أميركا) ليست من صنع المسلمين أنفسهم.

ولكنها بالأحرى من صنع الشكوك التي تحيطهم بفعل مخططات التنميط أو الصور النمطية التي تكاد تجعل من الإسلام والإرهاب وجهين لعملة واحدة (وهنا، لا بد وأن نشير إلى ما لم تشر إليه مؤلفة الكتاب، وهو مخططات ومؤامرات القوى المعادية للإسلام، وفي مقدمها اللوبي الصهيوني-الإسرائيلي في "الولايات المتحدة".

وقد "أجاد" استغلال الملابسات المرتبكة التي ارتبطت بحادثة "المركز التجاري" في "نيويورك"، وعمل على نشر مقولات الإسلام الراديكالي أو الجهادي مرادفاً للإرهاب.

والمهم أن البروفيسور "نورتون" كان لها ردها البليغ في تصورنا، عندما سألها المحاور التليفزيوني عن السبب الذي دفعها إلى تأليف كتابها، فأجابت قائلة: "إنه الظلم، لقد شهدت قوماً، المفروض أنهم أذكياء ومستنيرون، ولكنهم ظلوا يطلقون أوصافاً حمقاء وجارحة على الإسلام والمسلمين، ولهذا، عمدت إلى تأليف هذا الكتاب".

المؤلفة في سطور

تعمل البروفيسور آن نورتون أستاذة للعلوم السياسية في جامعة بنسلفانيا بالولايات المتحدة، وقد درست في جامعة شيكاغو، وحصلت منها على درجة الدكتوراه في عام 1982 في علم السياسة، كما شغلت عدة مواقع أكاديمية في عدد من الجامعات الأميركية المرموقة، ومنها براون ونوتردام و تكساس ثم "برنستون".

ويشير مترجمو سيرتها الذاتية إلى ما تميزت به الدكتورة آن نورتون في طفولتها من ذكاء مفرط يغبطها عليه زملاؤها الأكاديميون، نظراً لأنها تجولت في كل أنحاء العالم، نظراً لأن والدها كان ضابطاً في سلك البحرية الأميركية.

ويتَمّيَز التاريخ الأكاديمي للمؤلفة بتركيز اهتماماتها العلمية على دلالة ونتائج الهوية السياسية، وهو ما جعلها تمزج في أعمالها بين علمي السياسة والاجتماع، فضلاً عن تصديها لتفنيد كثير من الأمور المطروحة المسلّم بها، بشأن العديد من المواضيع والقضايا التي باتت محل اهتمام العالم.

ومن هنا جاء تصديها أو تحديها للمقولات السائدة في مجال علم السياسة، وهو ما أكسبها دور القيادة أو الريادة في حركة إصلاح مفاهيم العلوم السياسية في أميركا والعالم، وهي الحركة التي عرفت باسم "بيريستويكا"، وهو الاسم الذي استعير من مقولات "إعادة البناء" الذي سبق أن طرحها الزعيم الروسي "ميخائيل غورباتشوف" في أواخر ثمانينيات القرن العشرين.

ومن المواضيع الأكاديمية التي حازت كذلك على اهتمامات الدكتورة "آن نورتون" موضوع "الأدب المقارن"، وهو ما حفزها على الانفتاح على ثمار الفكر الإسلامي- العربي، وخاصة في مجال الفلسفة والمفكرين الكبار في سياق الحضارة العربية- الإسلامية، واستطاعت بفضل هذا النهج أن تثري بعض المقولات والأفــــكار التي طرحتها في فصول هذا الكتاب.

Email