سياسة الخارج تبدأ من الداخل

الدفة الأميركية تنتقل إلى الشرق الأقصى

صورة
ت + ت - الحجم الطبيعي

هذا الكتاب تعبير صريح عن الأمانة الفكرية ،التي لابد وأن يتحلى بها المثقف والأكاديمي من حيث التعامل مع الواقع وتكريس الحقيقة وعدم تزييف الآراء التي يؤمن بها المثقف.

من هنا عمد مؤلف الكتاب، بكل خبرته الطويلة في مجال الشؤون الخارجية، ومن موقعه على رأس واحدة من أهم مؤسسات البحث الأكاديمي في مجال العلاقات الخارجية، إلى مصارحة مواطنيه، وخاصة من يتولون دفة الشؤون الخارجية، بأن سياسة الولايات المتحدة لن تفلح في تنفيذ وإدارة سياسة خارجية ناجحة، ومن ثم الاضطلاع بدور محوري ترى نفسها مؤهلة له، إلا بعد أن تقوم بترتيب بيتها من الداخل. وفي هذا السياق يعرض الكتاب للسلبيات التي تشوب الأوضاع الداخلية في أميركا.

وخاصة ما يتعلق بسوء الحالة الاقتصادية وبضرورات التوصل إلى الاستقلال في مجال الطاقة، فضلاً عن انخفاض مستوى التعليم وتدني نوعيته، قياساً بالقوى التي أصبحت في حالة صعود ونهوض على مستوى عصر العولمة الراهن، وكلها تشكل أقطاباً من شأنها أن تنافس أميركا على مواقع الصدارة والنفوذ والقوة والفعالية على المستوى الدولي. ويلفت النظر ضمن مقولات هذا الكتاب دعوة المؤلف إلى أن تتحول واشنطن بتركيزها السياسي واهتماماتها الخارجية من منطقة الشرق الأوسط بكل ما تضطرم به حاليا من تحولات وأحداث، إلى حيث يدعو المؤلف أميركا إلى الاهتمام بمنطقة الشرق الأقصى وجنوب شرقي آسيا، وهي دعوة مازالت موضع تحفظ بل وانتقادات من جانب محللي هذا الكتاب.

يصف النقاد صدور الكتاب الذي نستعرضه في هذه السطور بأنه يأتي بمثابة رسالة غير متوقعة، تحّذر القائمين على أمر السياسة الخارجية للولايات المتحدة من مغّبة السلبيات التي تعيب هذه السياسة، فضلاً عن الأخطاء التي تشوب ممارستها على أصعدة شتى.

وكان بديهياً أن يتم تسليط الأضواء الكاشفة على هذه النوعية من الأفكار والطروحات الفكرية التي يحتويها كتابنا، ويرجع ذلك إلى أسباب متعددة، يأتي في مقدمتها أن السياسة الخارجية للولايات المتحدة مسألة تترك تأثيراتها العميقة والمتباينة على قضايا العالم الذي نعيش فيه، وهو عالم لم يعد يقبل بمنطق العزلة ولا الانفصام أو التباعد عما يدور على ساحة المعمورة بشكل عام.

وتلك تأثيرات ثبت أنها تتراوح بين قضايا الحرب والسلام إلى أن تصل إلى قضايا من قبيل عمليات التجّسس على أسرار الأصدقاء، ناهيك بالطبع عن الخصوم والأعداء مروراً بالمشكلات المالية والأزمات الاقتصادية التي مازالت آثارها تنتقل، سواء بفكرة الإشعاع أو بحكم تسلسل المؤثرات (نظرية الدومينو) بمعنى أن تبدأ المشكلة على ساحة أميركا فإذا بها تنتقل لتصيب مختلف أجزاء العالم الذي نعيش فيه.

ويتمثل العامل الثاني، وهو عامل مهم بدوره، في أن كتابنا يصدر عن كاتب ومفكر يستند إلى تجربة عميقة وإلى خبرة واسعة بقضايا السياسة الخارجية، وهو السياسي الأميركي ريتشارد هاس رئيس مجلس العلاقات الخارجية بالولايات المتحدة، ومن ثم فإن أفكاره، فضلاً عن تحذيراته، لابد وأن تؤخذ على محمل الجدية بكل معنى، سواء من جانب صانعي وراسمي السياسة الخارجية في واشنطن، أو من جانب مختلف المسؤولين عن هذا المجال في أقطار عالمنا التي تتأثر بسياسات أميركا بصورة أو بأخرى.

يبدأ مؤلفنا طروحات كتابه بإثبات مقولة تعد الآن راسخة في عالم السياسة واجتهادات الساسة في العالم الحديث.

المقولة هي ببساطة شديدة: إن السياسة الخارجية للدولة الحديثة هي في جوهرها انعكاس أو تعبير عن السياسة الداخلية للدولة.

المقولة نفسها يعبر عنها المؤلف ريتشارد هاس بعبارة من عنده يقول فيها: "سياسة الخارج إنما تبدأ من الداخل".

وبالمناسبة فهذا هو العنوان الرئيسي الذي اختاره مؤلفنا لهذا الكتاب، وهو يشفع هذه العبارة الرئيسة بأخرى يصوغ بها العنوان الفرعي للكتاب على النحو التالي: من أجل إصلاح (أو ترتيب) البيت الأميركي.

سلبيات الداخل الأميركي

وانطلاقا من مقولة أن سياسة الداخل تؤثر بالضرورة على سياسة الخارج، يستهل مؤلفنا تحذيراته بعرض مسهب لما آلت إليه أوضاع الداخل في بلاده من سوء الأحوال، حيث لم يعد الأمر مقتصراً، كما يقول ريتشارد هاس، على نظام نقل ومواصلات يراه متدهوراً، ولا على فرص عمل إما أنها باتت عزيزة المنال، أو أنها بصراحة لم تعد تجد العناصر الماهرة، الحاذقة، المؤهلة، بحكم الخبرة أو الكفاءة لشغلها.

من هنا يذهب المؤلف إلى أن هذه السلبيات الداخلية باتت تهدد بشكل مباشر قدرة أميركا على ممارسة قدراتها وتفعيل نفوذها خارج حدودها، ولا على المنافسة في سوق العولمة الشاسع، ولا على توليد الموارد اللازمة لدعم وتعزيز المصالح الأميركية الخارجية من خلال النموذج المطلوب الذي كان من شأنه أن يشكل مثلاً يحتذيه الآخرون من حيث تأثيره (الإيجابي الفاعل) على فكرهم وسلوكهم.

في السياق نفسه، يعرض المؤلف، في سطور بالغة الإيجاز أو التكثيف، التحديات التي ما برحت مطروحة وماثلة على مستوى العالم في الوقت الراهن: إنها تتمثل في صعود الصين، تغير المناخ، إستشراء ظاهرة الإرهاب، الاضطراب في منطقة الشرق الأوسط، قضايا الطاقة النووية ما بين إيران وكوريا الشمالية.. إلخ.

في ضوء هذه التحديات التي مازالت تشتد وتتسع، وفي ضوء الدور المعهود إلى أميركا كي تؤديه، بوصفها قطباً عالمياً أو فلنقل عولمياً، فقد بات الأمر يقتضي من هذا القطب البارز، وقد ظل ينعم ويتيه بوصف الوحيد الأوحد منذ انتهاء حقبة الحرب الباردة في التسعينات أن تكون له سياسة خارجية راشدة وراسخة وفاهمة وفعالة تصدر عن شبكة دينامية من حيث العلاقات الدولية.

هنا يعود المؤلف إلى منطلقاته المحورية التي جعلها أساساً لهذا الكتاب (وهو درس نراه مستفاداً لسائر دول العالم). وفي هذا الخصوص يقول المؤلف: من أجل طرح وتنفيذ سياسة خارجية فعالة ينبغي للولايات المتحدة أن تبدأ بترتيب بيتها من الداخل، هذا الترتيب أصبح أمراً لا مناص منه إذا ما كانت أميركا ترغب في تحاشي الوصول إلى حال من الاستضعاف الشديد أمام قوى وأفعال خارجة عن سيطرتها.

معنى الأمن القومي

والمسألة ، يضيف المؤلف، ليست مجرد سمعة طيبة أو شهرة واسعة، أو أضواء باهرة تسلط على الشأن الأميركي، المسألة هي أن السياسة الخارجية لأي بلد في زماننا الراهن أمر مرتبط ارتباطا وثيقاً بالأمن القومي للبلد المعني.

وفيما قد نتصور للوهلة الأولى أن الأمن القومي أمر يرتبط بحزم دوائر الشرطة وكفاءة أجهزة الاستخبارات وما إليها من وكالات ومؤسسات ، فإن مؤلفنا، ريتشارد هاس، يفاجئنا بتصورات نراها مستجدة على مفهوم الأمن القومي للدولة الحديثة، وهو يتخذ من مشكلات أميركا أنموذجاً، حيث يضيف موضحاً ما يلي: الأمن القومي لأميركا يتوقف على مبادرتها إلى إصلاح البِنَي والهياكل، المرافق الأساسية على صعيدها، والعمل على إصلاح وترقية مستوى مدارسها التي أصبحت في الدرجة الثانية من حيث الكفاءة والترتيب (عالمياً) ثم إصلاح نظام الهجرة الذي تتبعه بالنسبة للوافدين على أراضيها، فضلاً عن مواجهة أزمة الديون المتفاقمة على كواهلها.

هنا أيضاً يتحول المؤلف إلى القول بأن هذه المشكلات المتفاقمة لابد وأن تدفع أميركا ، كما يتصور من جانبه، إلى تشخيص دقيق وأمين لحالتها التي استبدت بها كل هذه الأدواء الاقتصادية والتعليمية والاجتماعية.

يقول ريتشارد هاس في هذا الكتاب إن أميركا انخفض أداؤها في الداخل، فيما لاتزال تطمح إلى دور أكبر وأداء أوسع طموحاً في الخارج، ولذلك فهو يطرح السؤال البديهي عما يراه من حل ناجع أو رؤية جديدة للخروج من هذه الأوضاع، هنالك يذهب المؤلف إلى أن أميركا لا بد وأن تحدّ من دورها في مجالات التدخل الإنساني وشن الحروب، التي تقول واشنطن إنها تستهدف بها تغيير المجتمعات أو بالأدق إعادة تشكيل المجتمعات في هذا الركن أو ذاك من العالم، وهو ما لم يحقق نجاحاً، كما يسجل المفكر ريتشارد هاس، لا في أفغانستان ولا في العراق على سبيل المثال.

نصائح إلى واشنطن

ثم يمضي المؤلف إلى استكمال بنود هذه الوصفة الطبية السياسية طبعاً ،حين يزجي النصيحة إلى واشنطن كي تهتم بدلاً من هذا كله، في مجال السياسة الخارجية وأداء الدور الدولي بالحفاظ على ميزان القوى في آسيا (وهنا يعبر المؤلف عن هواجس صانعي السياسة ومفكري الشأن العام في أميركا إزاء ما بات يوصف بأنه صعود الصين اقتصاديا، وهو أمر مسلَّم به، وسياسياً، وهو أمر يحسبون له ألف حساب، وخاصة في ضوء الإمكانات الصينية من حيث دينامية الاقتصاد وحجم البشر ورسوخ الحكومة المركزية وطموح المشروع القومي الصيني، فضلاً عن مكانة الصين نفسها في الإقليم الآسيوي الباسيفيكي من الكرة الأرضية.

لذلك ينصح المؤلف واشنطن بأن تجعل من أولويات همومها تحقيق الاكتفاء الذاتي من الطاقة ما استطاعت إلى ذلك سبيلا، فيما يزيد من نصائحه التي قد تكون موجعة أحياناً، لكنها صائبة لأنها واقعية في كل الأحيان.

في السياق نفسه تمضي مشورات المؤلف وكأنما يقصد بها إلى إزالة غشاوة الغرور أو الاعتداد الزائد المبالغ فيه بالنفس والدور والإمكانات، وتلك آفة طالما أصابت صانعي السياسة الخارجية للولايات المتحدة. وقد أجاد صياغتها منذ عقود مضت واحدٌ من حكماء السياسة الخارجية في أميركا هو السيناتور الراحل وليام فولبرايت (1905، 1995) الذي أمضي ردحاً طويلاً من الزمن والخبرة رئيساً للجنة العلاقات الخارجية في مجلس الشيوخ الأميركي .

وفي هذا الصدد لخص فولبرايت في عبارة من كلمتين أكبر مشكلات السياسة الخارجية لأميركا وهما غرور القوة.

كتابنا يتابع هذا المسار التحذيري، حين يمضي مؤلفه موضحاً أن لم يعد عالم القرن الواحد والعشرين خاضعاً لهيمنة (أو سيطرة) قطب واحد، بل حدث توزيع للقوة والنفوذ بعد انتشار هذه القوة وهذا النفوذ فيما بين مجموعة من الكيانات الضخمة (والمستجدة أخيرا على مسرح السياسة العالمية ومضمار العلاقات الدولية) وهي قادرة ، كما يؤكد كتابنا، على ممارسة نصيبها من التأثير والنفوذ.

الدول والمنظمات

هنا أيضاً يحرص المؤلف أيضاً على تفسير مصطلح الكيانات السابق الذكر: إنه لا يقتصر على مجرد الدول التي درجنا على أن نتعرف عليها ، بمعنى نموذج الدولة الحديثة، أو الدولة الوستفالية كما تسمى أحياناً في فقه العلوم السياسية منسوبة إلى معاهدة وستفاليا التي وقعتها الأطراف الأوروبية عام 1648 وتعد بمثابة الصك التوافقي الذي أسس لقيام الدولة الحديثة.

كتابنا يضيف إلى الدول، القومية، كما أصبحت تسمى، كيانات استجدت بدورها في سنوات القرن العشرين، ومنها كيانات عالمية يأتي المؤلف على ذكرها ومنها (الأمم المتحدة والبنك الدولي) وفيما يضيف الدكتور هاس أيضاً كيانات إقليمية مثل (الاتحاد الأوروبي وحلف الأطلسي "الناتو" وجامعة الدولة العربية)، هذا فضلاً عن أحدث الكيانات التي باتت تتألف من مجموعات متشابهة الظروف في مجال النهوض الاقتصادي وفي مقدمتها مجموعة "بريكس" المؤلفة ، كما هو معروف، من (البرازيل وروسيا والصين والهند وجنوب إفريقيا).

على كل حال يلاحظ قارئ هذا الكتاب أن مؤلفه حين يقسو إلى حد ليس بالقليل على أحوال البيت الأميركي من الداخل فهو لا يقصد إلى محو أو تجاهل الدور الأميركي في خارج الحدود. وربما يظل العكس هو الصحيح. فالمؤلف من خلال ما يطرحه على مدار فصول كتابنا لا يلبث أن يؤكد على أن أميركا ، في تصوره، مازالت أمة أو دولة لا يمكن الاستغناء عن دورها، على نحو ما ذهبت إليه في الماضي القريب وزيرة خارجية أميركا السابقة مادلين أولبرايت، ولكن هذه المقولات من جانب ريتشارد هاس إنما تكتسب إيجابياتها ، كما نتصور، من واقع ما يطرحه من ضرورة تخلي أميركا عما يصفه بأنه عمليات أو قرارات التدخل (في الدول الأخرى) ولو تحت شعارات، إنسانية.

وعليها أن تبدأ بإصلاح نفسها وترتيب بيتها قبل أن تلقي مواعظ على الآخرين، دعك من التدخل في صميم شؤونهم الداخلية والتعاطي مع صميم أحوالهم القومية ومصالحهم الوطنية من ناحية أخرى، يلاحظ بعض نقاد هذا الكتاب أن المؤلف، حين يتطرق إلى ما يطالب به في مجال تحقيق الاستقلال في مجال الطاقة، فهو لا يطالب مثلاً بإجراءات راشدة من قبيل خفض معدلات الاستهلاك أو ترشيد التعامل مع موارد الطاقة أو التماس موارد جديدة للطاقة أو المحروقات بالذات بحيث تتسم هذه الموارد بأمن الاستخدام وسلامة التعامل مع البيئة الكوكبية.

العضّ على الرصاصة

إن ريتشارد هاس لا يملك سوى أن يعضّ على الرصاصة، كما يذكر بعض نقاد هذا الكتاب، وبمعنى أنه يواجه الواقع ويتعامل مع الضرورات ولو كان الأمر صعباً أو مربكاً. والسبب هو أن المؤلف لا يتورع عن مطالبة واشنطن بأن تتوسع في الطاقة النووية حتى تحقق الاستقلال في مجال الطاقة.

هنا لا يملك القارئ سوى أن يلوم مؤلف الكتاب، الذي لا يضع في اعتباره خطورة التعويل الشديد على الطاقة النووية بكل ما تنطوي عليه من أخطار، ابتداء من كارثة تشرنوبيل في الاتحاد السوفييتي في عقد الثمانينات، وليس انتهاء بكارثة فوكوشيما مفاعل اليابان الذي مازال البلد الآسيوي المذكور يدفع فواتير الخسائر التي تسبب بها، سواء من حيث أرواح البشر أو عللهم أو اضطراب حالة البحر أو الدمار الحاصل فوق سطح الأرض.

في غمرة الحماس لتحقيق استغلال الطاقة لم يتوقف المؤلف، بكل مكانته كمفكر سياسي كبير عند مصادر الطاقة البديلة وهي الأكثر أمناً والأبعد عن احتمالات النفاد، ومنها بداهة طاقة الشمس أو طاقة الرياح أو الطاقة الكهرومائية المستمدة من مساقط المياه.

ثم حين يتطرق كتابنا إلى تعاطي أميركا مع الشرق يركز المؤلف جانباً كبيراً من تحليله على أهمية التحول في التركيز من الشرق الأوسط إلى الشرق الأقصى. لمــــــــاذا؟ لأنه يرى أن الشرق الأوسط منطقة باتت حاليا خاضعة لتيارات عارمة من سلوكيات العنف وحركات التغيير وبشكل يمكن أن يسبب قدراً لا بأس به من الإرباك أو الخلط أمام السياسة الخارجية لواشنطن.

ثم إنه يرى أن التحدي الأكبر لأميركا لايزال كامناً واعداً، أو بالأدق متوعداً على صعيد شرق وجنوب شرق القارة الآسيوية، وخاصة ما يتعلق بالتنافس ومن ثم التفوق الاقتصادي، وهو ما يفضي إلى التفوق السياسي كما يؤكد الكتاب.

عند هذه النقطة، توقف كثير من المحللين الذين مازالوا يرون أن تحوّل اهتمام أميركا عن الشرق الأوسط يظل أمراً سابقاً لأوانه. ومن هؤلاء النقاد البروفيسور أتزيوني أستاذ العلاقات الدولية بجامعة جورج واشنطن الذي يقول في معرض تعليقه على هذا الكتاب أن سياسة أميركا الخارجية لاتزال على المحك في المستقبل سواء في قضية إيران أو في مستقبل باكستان، فضلاً عما ستؤول إليه أحوال المنطقة العربية في ضوء التفاعلات الراهنة المضطرمة على صعيدها.

وفيما لاتزال الصين، كما يتصور البروفيسور أتزيوني ، تواجه مشكلات داخلية، فلسوف تظل أطراف الشرق الأقصى الأخرى من حلفاء أميركا مثل اليابان وكوريا ترصد بدقة ما إذا كانت واشنطن عند التزاماتها بالنسبة لحلفائها وأصدقائها في منطقة الشرق الأوسط.

 

المؤلف في سطور

يعد الدكتور ريتشارد هاس واحداً من أكبر وأعمق خبراء السياسة الخارجية والعلاقات الدولية في الولايات المتحدة الأميركية. وقد أمضى 10 سنوات كاملة، وتلك فترة حافلة بكل المقاييس، في رئاسة مجلس العلاقات الخارجية في واشنطن الذي يتميز، في رأي جمهرة المحللين السياسيين، بأنه مازال مؤسسة مستقلة الرأي وبالغة الاحترام وبعيدة عن التعصب الحزبي في طول أميركا وعرضها.

وقد تولى موقع مدير التخطيط السياسي في الخارجية الأميركية حتى عام 2003، حيث كان كبيراً لمستشاري وزير الخارجية الأسبق الجنرال كولن باول، فيما كان خلال إدارة الرئيس الأميركي الأسبق بيل كلينتون مبعوثاً رئاسياً خاصاً معنياً بعملية السلام في إيرلندا الشمالية. وخلال الفترة 1989 - 1993 تولى موقع المدير المسؤول عن منطقة الشرق الأوسط وجنوب شرقي آسيا في مجلس الأمن القومي بالبيت الأبيض.

وقد رشحته فترات عمله الطويلة فضلاً عما اكتسبه من خبرات في التعامل مع مناطق شتى من العالم ابتداء من رئاسة جيمي كارتر وحتى رئاسة جورج بوش الابن، لكي يتولى رئاسة مجلس العلاقات الخارجية سالف الذكر.

وعلى مدار هذه الفترة، وبالذات خلال رئاسته لمجلس العلاقات الخارجية، أنجز ريتشارد هاس عدداً من الأعمال الفكرية، حيث قام بتحرير وتأليف أحد عشر كتاباً عن السياسة الخارجية الأميركية، بالإضافة إلى كتاب واحد أصدره عن علم وفن الإدارة والتنظيم.

عدد الصفحات: 192 صفحة

تأليف: ريتشارد هاس

عرض ومناقشة: محمد الخولي

الناشر: مؤسسة باسِك بوكس، نيويورك،

Email