7 دقائق مع حيدر العبادي

ت + ت - الحجم الطبيعي

في لقاء سريع جمعني مع رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي، على هامش مؤتمر إعادة إعمار العراق سألته: ما رؤية العراق الجديدة؟. أجاب بابتسامة خفيفة قائلاً: «تفاءل.

توجد لدينا رؤية لعراق جديد، ستقفز على جميع التحديات الكبيرة، العراق يراهن على مبدأ التكامل مع دول الجوار، وليس التعاون فقط، فرغم المعاناة التي عاشها العراق، نتيجة محاربة الإرهاب، لكنه جاهز لأن يكون مناخاً جيداً لفرص كثيرة، من شأنها تنشيط الاستثمار، فالعراق يعمل بجد وصبر لتحقيق نقلة نوعية جديدة، تتماشى مع الآمال والطموح لبناء جديد يعيد الاستقرار وتحسين المستوى المعيشي والخدمي للعراقيين، والاستمرار في حمايتها من الإرهاب، فقد نجحنا في إعادة الكثير من النازحين إلى مناطقهم، وهم ما يقارب خمسة ملايين نازح، وسوف يتم إعادة تأهيل الخدمات الأساسية في مناطق النازحين، لتتم إعادة البقية المتبقية».

قبل أن يختتم رئيس الوزراء العراقي حواره معي، استمر 7 دقائق، لاحظت على ملامحه حماس التحدي والإصرار على البناء، والرهان على المراحل التنفيذية للمؤتمر الذي يعتبره بداية لانطلاقة كبرى لعراق جديد. انتهى كلام العبادي.

لكن تبقى رسائل الدولة المضيفة، الكويت، تلقي إشارات مضيئة في توقيت مواجهة الظلام، أمير الكويت الشيخ صباح الأحمد، أكد بما لا يدع مجالاً للشك، أن بلاده تتجاوز الماضي لتصنع مستقبل التسامح، وأن المسؤولية الأخلاقية والإنسانية، تتطلب تجاوز الجراح مع الأشقاء، أيضاً تمكن أمير الكويت من أن يضع الجميع أمام رسالة عميقة، تمثل اعترافاً من العالم بحجم التضحيات التي تكبدها العراق خلال حربه مع الإرهاب.

هذا فضلاً عن أن فكرة الإعمار والبناء تجمع الشعوب ولا تفرقها، وأن التحديات مشتركة، وأن الإرهاب لا يفرق في تخريبه بين شعب وآخر، إذ ما واتته الفرصة.

اللافت في رسائل المؤتمر، أن العراق صار على كل ألسنة أشقائه في الكويت طوال فترة انعقاده، وما سبقه من استعدادات، الأمر الذي لعب دوراً كبيراً في إذابة الجليد، وتضميد الجراح، وفتح صفحة جديدة في جوازات المرور بين الشقيقين، أيضاً تصدر العراق العناوين الرئيسة لجميع الصحف الكويتية، بل وجميع وسائل الأعلام بمختلف أنواعها.

إذن، مبادرة أمير الكويت لم تنجح فقط في تعهدات قطعها المؤتمر بحصيلة 30 مليار دولار فقط، بل إن هذه المبادرة نجحت في إعادة العراق بقوة إلى السطح، والتأكيد على أن المغردين خارج سرب العروبة، سيخسرون ثمار الغياب، كما خلقت المبادرة صورة ذهنية، بأن فكرة الإعمار رسالة تحفيزية، يجب تطبيقها في بقية العواصم العربية التي خربها الإرهاب طوال السبع سنوات الماضية. هذا فضلاً عن رسائل الأمل في تثبيت أركان هذه العواصم، والتأكيد على أن جماعات الإرهاب والهدم لن تنتصر يوماً على إرادة الشعوب في الحياة.

ربما تكون هذه بعض القراءات في رسائل مبادرة الشيخ صباح الأحمد أمير دولة الكويت. وربما صار الحديث عن إعمار العراق، هو البطل الإعلامي والسياسي طوال 72 ساعة، فترة انعقاد المؤتمر. وربما تتعلق آمال الآلاف من الباحثين عن فرص عمل، بتفعيل هذه المبادرة، وربما.

وربما. ولكن من المؤكد أن صدى صوت الطفل العراقي (10سنوات)، لا يزال يشق قلب العروبة، ويلف أرجاء القاعة، وهو يروي قصة التعذيب التي عاشتها أسرته على أيدي إرهابي داعش، الذي قطع رأس والده وعلقها على باب بيتهم. يا إلهي.

نعرف أنها جرائمهم المعتادة، لكن لا نعرف كيف يستطع طفل أن يروي هذا المشهد؟، كلام الطفل كان فارقاً. فرض الصمت على جميع الحضور، لكنه أكد دون أن يدري، أن الإعمار قادم في العراق وسوريا وليبيا واليمن، وأن هذه اللحظة التي روى فيها قصة آلامه وأحزانه، إنما هي اللحظة التي تكتب شهادة جديدة للإعمار والتسامح والإنسانية، وأيضاً هي نفس اللحظة التي تتعهد بأنه لن يكون هناك موطئ قدم للإرهاب في المنطقة، مهما حاول الصغار.

Email