القضاء في الإمارات من ركائز قوتها

ت + ت - الحجم الطبيعي

بعد الحرب العالمية الثانية، أبدى أحد المسؤولين في الحكومة البريطانية، قلقه على الوضع الاقتصادي للبلاد، فما كان من ونستون تشرشل رئيس الوزراء آنذاك، إلا أن يسأل مباشرةً عن حالة القضاء، فقالوا له إن القضاء بخير، فرد على المتخوفين بأن البلاد بخير، ما دام القضاء بخير.

وقد قيل إن أهم مرتكزات الاستقرار والتطور في أية دولة، هي ثلاثة (التعليم والصحة والقضاء)، ففي التعليم تنتعش العقول وتبدع في العلوم والآداب، ويتحصن المجتمع ثقافياً وتوعوياً، وبالصحة تنمو الأجسام، فتكون قادرة على العمل والبناء والعطاء، أما القضاء فهو صمام الأمان الذي يحقق العدالة ويعزز الرضا النفسي لدى الأفراد والتوازن والسلامة في العلاقات الاجتماعية بين الأفراد والجماعات، فيتحقق الأمن والأمان والاستقرار.

ولذلك، كانت ولا تزال دولة الإمارات، تسعى إلى تطوير النظام القضائي، ليس فقط من حيث التشريعات والقوانين الضامنة لحقوق المواطنين والمقيمين على أرضها وتحقيق العدالة، فلا تأخذ القضاة في الحق لومة لائم، بل وفي البيئة القضائية المريحة، كالأبنية الحديثة والخدمات الإدارية المساعدة، وفي استخدامات التكنولوجيا المتطورة والإعلام القضائي والقانوني، واستخدام وسائل الاتصال المختلفة لتوعية المجتمع بالقوانين.

وقد كان لسمو الشيخ مكتوم بن محمد بن راشد آل مكتوم نائب حاكم دبي، رئيس دائرة القضاء في دبي، أثر كبير في تطوير القضاء، وجعله منصةً فاعلة للعدالة، ليس للإماراتيين فحسب، بل لكل مقيم على أرض الإمارات.

لقد أصبحت دولة الإمارات، ومنذ سنوات، الأولى عربياً في النظام القضائي، وهي تسعى من خلال الجهود الحثيثة في تطوير القضاء، أن تكون من العشرة أو الخمسة الأوائل في العالم في هذا المجال، وقد أحرز القضاء في دولة الإمارات، تطوراً كبيراً وملحوظاً، من خلال استخدام التكنولوجيا المتطورة في إطار رؤية (الحكومة الذكية)، ومن ذلك ما أطلقته محاكم دبي عام 2013 (المحكمة الذكية)، كمبادرة أولى، سرت في ما بعد وتوسعت لبقية المحاكم.

إن استخدام التكنولوجيا في القضاء الإماراتي، يسّر للمواطن من خلال الهاتف والكمبيوتر، التواصل مع المحكمة ومتابعة قضيته عن بعد، كما سهلت على القضاة وإدارة كاتب العدل عملهم، ووفرت وقتهم، ووثقت ملفاتهم، فتحولت خدمات المحاكم إلى خدمات رقمية للوصول إلى أعلى مستوى من تقديم الخدمات عبر توظيف التقدم التكنولوجي.

كما تشمل الإجراءات المتبعة للعمل عن بعد، الاستناد إلى شبكة خاصة للدائرة، تتيح للموظفين المعنيين، التواصل بالصوت والرسائل المكتوبة والمسموعة والمرئية عبر الهاتف المحمول، كما تتيح لمسؤول فريق العمل، تلقي الرسائل حول كل ما يقدمه الفريق بشكل مستمر، إضافةً إلى التعليمات والتكليفات، ومتابعة المهام على مدار الساعة، كما يتجاوز هذا عقد الاجتماعات التقليدية، ويدعم النهج التعاوني في العمل، ما يسمح للموظفين بإجراء واستقبال المكالمات عبر الفيديو، وتبادل الوثائق على أي نوع من أجهزة الكمبيوتر والهواتف المحمولة.

إن الاستقرار الاقتصادي الذي تشهده الإمارات، هو واحد من نتائج تطور القضاء الإماراتي، الذي أرسى دعائم الأمان والاستقرار التي يوفرها القضاء لكل المجتمع.

ومما يفخر به القضاء الإماراتي، وجود معهد للتدريب والدراسات القضائية، تأسس في أبوظبي عام 1992، وهو هيئة اتحادية مستقلة باسم معهد التدريب والدراسات القضائية، أنشئ بموجب القانون الاتحادي رقم 11 لسنة 2004.

كما تم في دبي إنشاء معهد دبي القضائي، الذي تأسس عام 1996، بموجب القانون رقم 1 الصادر عن صاحب السمو حاكم دبي، كمؤسسة عامة تتمتع بالشخصية الاعتبارية والأهلية القانونية، ويتبع هذا المعهد المجلس القضائي لإمارة دبي. وكلا المعهدين القضائيين يتوليان المهام التي تخدم القضاء، وتعزز مسيرته في تحقيق العدالة وسعادة المجتمع واستقراره.

لقد نجح القضاء الإماراتي بشكليه المحلي والاتحادي، في تطوير هياكله ووسائله وبرامجه، وتعزيز أمن المجتمع وسلامته، وتحقيق الاستقرار الاقتصادي والاجتماعي لأبناء الدولة، وإرساء مبادئ المسؤولية والشفافية والكفاءة في مختلف أجهزة الدولة.

إن التطوير المستمر باستخدام التكنولوجيا وتعريف المجتمع بالقوانين ونشر التوعية القانونية حتى على مستوى الأطفال والمراهقين، وتقديم المساعدة الإرشادية لمن يحتاجها، كل تلك الروافد جعلت من قضاء الإمارات مفخرة، يحق لكل مواطن ولكل عربي أن يفخر بها، وما كانت تتحقق لولا إيمان القيادة الرشيدة بأهمية القضاء، بل وعظم مسؤوليته من أجل أمن المجتمع وسلامته واستقراره.

وللحديث بقية

Email