من أين لكم هذه الأموال المسمومة؟!

ت + ت - الحجم الطبيعي

ابتداءً أود أن أسجل أن ثمة أخطاء تقع هنا أو هناك، أحياناً، في مسألة حقوق الإنسان، لكنها بكل تأكيد ليست كتلك التي يروج لها بعض من أصحاب دكاكين حقوق الإنسان.

ولكي أكون واضحاً، فأنا أعتقد أن تحسين وتطوير التعامل في مسألة حقوق الإنسان أمر ضروري، خاصة أن المسألة لا تتعلق فقط بالدستور والقانون وإنما تتعلق بإنسانية الإنسان وحقه الذي منحه الله له كإنسان أو حتى ككائن حي، وأعود محاولاً أن أؤكد عدداً من المفاهيم من بينها، أن الدفاع عن حقوق الإنسان فعل نبيل وهو ليس مهنة يسترزق منها أي صاحب دكان.

إن البعض قد استفاد من وضع مصر في معركتها الوطنية الشجاعة لحماية أرضها من التفتت وحماية كل المنطقة من المؤامرات، وقد أدرك هذا البعض أن تدفق سيول التمويل يرتبط بتقديم معلومات مكذوبة أو نصف مكذوبة وملغومة تسيئ للوضع في مصر فاستفاد من ذلك وأصبح مصدراً لسموم يستخدمها أعداء مصر.

ولأن الأموال المسمومة كثيرة وغزيرة، فإن بعض أصحاب دكاكين حقوق الإنسان قد قام بتوسيع نشاطه، فأمتلك لنفسه دكاناً ولزوجته آخر ولابنته أو ابنه دكاناً ثالثاً أو رابعاً، والممولون ليسوا حمقى ويعرفون أن في الأمر استرزاقاً غير محمود.

ولكنهم يسعون بأموال لا تنفد إلى توسيع رقعة التهجم على مصر، بعد أن أطاحت الدولة بحكم الجماعة الإرهابية المتأسلمة التي أوشكت أن تحرق مصر مع كل من يختلف معها، وتقف الآن سداً شامخاً محاولاً أن يسير بمصر لحماية أرضها وسمائها وحدودها من هجمات الخصوم، ولا ننسى له معركته الشجاعة ضد الإرهاب والإرهابيين التي يمكن وصفها بأنها الأكثر فعالية والأكثر إخلاصاً.

أنا شخصياً أعرف بعض أصحاب هذه الدكاكين الذين باعوا كل ما تبقى لديهم من ضمير فإذا بالسيجار يعلق بكبرياء في فمهم وبالسيارة المرسيدس تتألق جديدة لامعة والزوجة تفوز هي أيضاً بحقيبة مملوءة وكذلك الابن، ليصبح الأمر شركة متعددة الفروع ولكن ينقصها الحس الوطني.

وينتقي أصحاب الدكاكين ما يرضي ذوق «الخواجة» صاحب الحقائب.. فالفتى الذي أشفق أنا شخصياً عليه ولكنه يستحق العقاب الصارم لأنه أحرق عن عمد متعمد المجمع العلمي، وأحرق معه آلافاً من أهم الوثائق التاريخية، محاولاً الإيحاء للعالم بأننا شعب همجي لا يحترم العلم ولا التراث، هذا الفتى لماذا يحظى بتهليل لأصحاب الدكاكين على نطاق عالمي.

والسيدة التي زعمت أنها تحمي أطفال الشوارع فإذا بها تستخدمهم في إثارة الفوضى، تحظى هي كذلك بصراخ يعلو هذه الأيام ومع ارتفاعه ترتفع قيمة الأموال السحت.

لقد ظلوا يصرخون بما أسموه «الاختفاء القسري» زمناً، وأقاموا العالم ضد مصر ولما قدمت لهم الأدلة بأن أغلب الغائبين إما موجودون مع داعش في العراق أو سوريا أو ليبيا أو هاجروا بشكل غير شرعي أو يحاربون الوطن في سيناء مع الإرهابيين هناك.

كنت ولم أزل أظن وبعض الظن سذاجة أن هؤلاء الذين يمثلون حصان طروادة في مصر قد يقفون يوماً أمام مرآة الوطن فيشعرون ببعض الخجل ويصحوا فيهم بعض من ضمير فيقولون ولو بعض الحقيقة ويعلنون أن هذا الفتى الذي أحرق المجمع العلمي مسكين لكنه يستحق العقاب.

وهذه السيدة التي جمعت أطفال الشوارع وتعمدت تلقينهم أساليب الفوضي تستحق بلا جدال عقاب المتاجرين بالبشر، أما المختفون قسرياً فهؤلاء، ثبت أن أغلبهم ليسوا مختفين. فلماذا لا تفعلون ذلك؟ ألستم بحاجة إلى أن يصدقكم ولو بعض الناس في مصر فيمنحونكم بعضاً من احترام لا تستحقون ذرة منه أم أنكم لا تهتمون إلا بالولاء لحقائب الدولارات.

وقد يكون من مصلحة «الخواجة الممول» منحهم ، بعضاً من كرامة حتى يصدقكم البعض لكنه للأسف يستسهل التعامل مع المجردين من الكرامة.

في جلسات النظر في التحفظ على أموال البعض التي جمعوها من إحسانات الخارج احتشد في المحكمة سفراء هذه الدول، فارتاحت سرائرهم وتصوروا أن صورتهم وهم يحاكمون سوف تزيد من الأجر المخصص، وقد يكونوا قد استحسنوا وجود السفراء أمام قضائنا الشامخ.

لو كان لديهم ذرة من ذكاء لنطق أحدهم يا سيادة القاضي ليست لي علاقة بحضور هؤلاء السفراء وأنا لا أحبذ وجودهم فأنا أثق في عدلكم، ساعتها كان بالإمكان أن يحترمهم البعض ويغفر لهم وكان بالإمكان أن يكون لكلامهم أثر في مصر والخارج؟

يبقى أن أكرر أن الدفاع عن حقوق الإنسان ليس مهنة وإنما هو موقف نبيل. ويا حقوق الإنسان لك الله حتى يأتي قانون يحميك من الاتجار بك، وحتى يسأل سائل أصحاب الدكاكين من أين لكم هذا؟

 

Email