جندي غير مجهول

ت + ت - الحجم الطبيعي

خاض هذا الجندي حروباً عدة وواجه تحديات الموت والحياة في ساحات الوغى، وسعى جاهداً لأجل إحقاق الحق ودحر الباطل على الأرض العربية الغالية وحول العالم في بلدان بعيده.

إنه الجندي الإماراتي الأبي والشهم النبيل، الذي حمل روحه إلى عنان السماء وضحى بها من أجل السلام والأمان والمحبة والوئام ورفع راية الحق وخرج من أرضه إلى أماكن كثيره من أجل توفير حياة آمنة رغيدة لشعوب أهلكتها النزاعات والحروب وواجه تحديات إقليمية ودوليه فرضها واقع أليم، بعد أن استباحت قوى الشر القوانين والعهود والمواثيق وعاثت في الأرض فساداً وإرهاباً وترويعاً.

لبى نداء القيادة الرشيدة وامتثل للأوامر السامية فكانت له صولات وجولات ميمونة في مشارق الأرض ومغاربها. يلهمه في ذلك كلمات القائد المؤسس الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، رحمه الله، لرجال القوات المسلحة »لقد أنجزتم الكثير لوطنكم وشعبكم وأهلكم وكنتم على قدر المسؤولية وأديتم الواجب بكفاءة عالية«، كذلك ألهمته كلمات رئيس الدولة صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان،حفظه الله، »إن بناء القوة هو بناء للسلم وإن أفضل توظيف للقوة يكون في تحقيق الأمن والعدالة والاستقرار السياسي والمجتمعي داخلياً، ومد يد العون والنجدة للأشقاء والأصدقاء خارجياً.

دخل هذا الجندي لبنان عام 1971 في مقدمة قوه عربيه لحفظ السلام في هذا البلد العزيز الذي كان على شفى حفرة من حرب أهليه لا تبقي ولا تذر. ثم عاد إليها عام 2001 ليعمل سنوات امتدت حتى عام 2009 في مشروع تطهير مناطق الجنوب اللبناني من الألغام والقنابل العنقودية والقذائف التي خلفتها الحرب الإسرائيلية.

وقد وفر هذا المشروع على لبنان واللبنانيين ضحايا وجراحات وإصابات وحوادث كثيره، حيث شارك في عملية إزالة 60 ألف لغم كانت منتشرة على مساحة 4 ملايين متر مربع، كما انضم إلى جنود الحق والعدالة والسلام في حرب تحرير الكويت ضمن قوات درع الجزيرة المشاركة مع قوات التحالف الدولي في هذه الحرب وواصل قتاله حتى تحررت الكويت وعاد الحق إلى نصابه. وعندما اندلعت الاحتجاجات المدسوسة والمسيسة في مملكة البحرين الشقيقة كان هذا الجندي أول الحاضرين ينشر الأمن والسلام، ويحافظ على أرواح الناس وسلامة ممتلكاتهم. وفي العراق أسهم في تدريب الضباط والجنود العراقيين على تشغيل وصيانة المعدات والأسلحة الحديثة.

وعندما أطل الإرهاب برأسه وعاث قتلاً وتشريداً وترويعاً للشعب العربي في الشام وبلاد الرافدين كان لهذا الجندي موقفه الحازم الجازم، فشارك في القتال ضد تنظيم داعش، بعد أن أصبح الفكر الداعشي تهديداً للسلام الإنساني والأمن المجتمعي. وكما كان لهذا الجندي الشجاع مواقف مشهوده في الشق الآسيوي من الوطن العربي نجد له حضوراً بارزاً في مواطن عدة في البلدان العربية داخل القارة الأفريقية مثل السودان والصومال وغيرها، يدافع عن الحق وينصر المظلوم وينشر السلام والأمان.

وفي البلدان الأوروبية البعيدة شارك جندي السلام في عمليات حفظ السلام في العاصمة الألبانية »كوسوفو« عام 1999 فانضم إلى »قوة صقر الإمارات« و»قوة مجموعة المعركة لدولة الإمارات«، ذلك ضمن قوات حفظ السلام الدولية »كيفو«، وأدى دوراً مشرفاً في حفظ الأمن والسلام في إحدى أصعب المهام العسكرية الدولية فجعلها خالية من الاضطرابات والمناوشات العسكرية في واحدة من أشرس الحروب العرقية، التي عرفتها أوروبا الحديثة.

وقبل ذلك وفي أوروبا أيضاً هب لنجدة المظلومين من المجازر المروعة التي ارتكبها الصرب فأسهم في تدريب الجنود البوسنيين على استخدام المعدات والأسلحة الحديثة لأجل الدفاع عن أنفسهم، وحفظاً لأعراض النساء والأرامل واليتامى كما أسهم في عمليات الإغاثة الإنسانية لشعب البوسنه المنكوب، ثم شارك بكفاءة واقتدار في جهود التنمية المستدامة، بعد أن وضعت الحرب أوزارها.

وفي عام 2003 توجه شرقاً إلى أفغانستان لينضم إلى القوات المسلحة الإماراتية، ضمن قوة السلام »إيساف«، حيث قام بدور حيوي جبار في عمليات إرساء السلام ودعم جهود الأمن والاستقرار في بلد عانى ويلات الحروب أكثر من 30 سنة.

واليوم يشارك الجندي الإماراتي في اليمن مع قوات التحالف العربي في عاصفة الحزم وعملية »إعادة الأمل« ويضرب أروع الأمثلة، ويسجل أشرف المواقف في الشجاعة والإقدام والتضحية والفداء، كل ذلك لتحقيق غايات سامية في مقدمتها تأكيد الدفاع عن أمن دول مجلس التعاون، ووقف التدخل الأجنبي في شؤون الأمة العربية والوطن العربي، والحفاظ على سلامة أرض اليمن ووحدته والدفاع عن الشرعية الدستورية فيه، مسترشداً بتوجيهات قيادتنا الحكيمة، ومؤكداً السياسة الإماراتية في دعم العمل العربي المشترك.

أجل إنه الجندي الإماراتي وإخوانه الأبطال الذين سجلوا بدمائهم وأرواحهم الطاهرة على صحائف السلام وسجلات الخلود أسماء لن تغيب عن ذاكرة الوطن لا سيما عندما يرتفع على رقعة شريفة في عاصمتنا الغالية أبوظبي النصب التذكاري الذي أمر بإنشائه صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، حفظه الله، تخليداً لهؤلاء الحر الميامين وأعمالهم الجليلة في سبيل رفعة الوطن، فلا نامت أعين الجبناء.

Email