تتويج لممارسات واقعية

ت + ت - الحجم الطبيعي

مع إصدار صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة، لقانون مكافحة التمييز وتجريم ازدراء الأديان الذي أثار أصداء إقليمية ودولية واسعة النطاق فإنه يكرس بذلك واقعا سياسيا واقتصاديا وثقافيا تعيشه دولة الإمارات العربية منذ عشرات السنين، فمن حيث المبدأ فإن الأمور المجرمة كما وردت في القانون الجديد لا وجود لها على أرض الإمارات من حيث الممارسة الحقيقية، سواء في العلاقة التبادلية ما بين الدولة والأفراد أو ما بين الأفراد بعضهم البعض.

ويبقى التأطير الرسمي لتلك الممارسات في شكل قانون مكتمل المعالم بمثابة التتويج الصريح لنجاح العقد الاجتماعي لدولة الإمارات منذ بزوغها الجديد في مطلع السبعينات من القرن الماضي، فالمعادلة التي تحكم العلاقة بين الدولة والمواطن تكاد أن تكون فريدة من نوعها.

تلك الضوابط التي أخذت شكل العرف المستقر وضعت حدودا واضحة للعلاقات المتبادلة بين جميع المقيمين على أرض الدولة، وهي التي صنعت في نهاية المطاف ضمن عوامل أخرى مظاهر الاستقرار الذي تنعم به الإمارات، وليس من الصعب ملاحظة ورصد منظومة القيم التي بنيت على أساسها العلاقات والسياسات داخل الدولة وعلى رأسها قيم التسامح وقبول الآخر والمساواة وعدم التمييز. من ضمن القيم الممارسة على أرض الواقع أيضا حماية حقوق وحريات الأفراد بما يحمي حقوق وحريات الآخرين كذلك بدون تجاوزات أو جور، إضافة إلى المساواة وتكافؤ الفرص في العمل والتوظيف والتعليم والعلاج والحصول على خدمات راقية على كل المستويات لمختلف الشرائح.

هذه حقائق مستقرة في دولة الإمارات منذ عشرات السنين وهو ما يؤكد أن قانون مكافحة التمييز والتطرف وازدراء الأديان الذي صدر مؤخرا لن ينفذ إلا في أضيق الحدود وربما لا ينفذ مطلقا في ضوء الممارسات القائمة بالفعل على أرض الدولة.

لم تصل دولة الإمارات لهذه الوضعية من فراغ أو بشكل عشوائي، ولكن نتيجة سياسات وممارسات ممنهجة ومستمرة ساعدت على تحقيق معدلات تنمية اقتصادية واجتماعية ملموسة في كل القطاعات وعلى كافة المستويات، وهو ما يتجلى بوضوح في مؤشرات المنظمات الدولية التي تقيس معدلات الرفاهية الاجتماعية والسعادة البشرية. نجحت الإمارات عبر السنوات الماضية في تحقيق المعادلة الصعبة التي تحارب التطرف والتشدد والكراهية والعنصرية وازدراء الأديان والإرهاب بالتسامح وقبول الآخر وبالتنمية الشاملة للأرض والإنسان معاً.

Email