«البخشيش»!

ت + ت - الحجم الطبيعي

*كتابة العمود الصحافي كل يوم، أعتبرها متعة ما بعدها، أكتبها بحب الناس وللمكان، الذي أعمل فيه، مصدر رزقي الوحيد، واليوم هو اليوم الأخير لشهر فبراير، شهر الصحافة، الذي تربطني به، حالة إنسانية لا أنساها، منذ انضمامي وتشرفي بالعمل في أسرة التحرير بـ«البيان» قبل 27 عاماً، أعشق كتابة تلك الزاوية كل يوم.

 وأعتبرها مثل «واجب المدرسة»، كما يقول عبد الرحمن فهمي، صاحب أول عمود رياضي عربي، الله يطول في عمره، وما زال يتألق في زاويته التاريخية التوثيقية في صحيفة الجمهورية المصرية، وأعتبر نفسي قد تدربت في هذه المدرسة، بسبب ارتباطي بزملائي من «الجريدة» نفسها، أو مدرسة الجمهورية.

فالكتابة اليومية، هم كبير، يحتاج إلى فكر صاف وضمير مرتاح، لما تكتبه، وغير مرتاح، لما لا تستطيع أن تكتبه، وهناك الكثير من تحتاط الكتابة فيه، بعد أن مر بك العديد من المواقف، التي تتطلب منك عدم تجاوز الخطوط الحمراء، ومن هنا تظهر أهمية الرأي، الذي يستحق الكتابة فيه أو لا، والفرق كبير جداً، بين أن تكتب ما يمليه عليك ضميرك، وبين «واجبك اليومي»، وبين من يمليك ويوجهك، وهو ما أعتبره بمثابة «البخشيش»!

ومن هنا يظهر الفرق بين الكاتب والآخر، فكاتب العدل، تجده في الدوائر المختصة كالاقتصاد والبلديات، يكتب ما يريده النظام القانوني، وبالتالي هو لا يعبر عن الشارع الرياضي، الذي انتمي إليه، عبر مشواري الصحافي، الذي بدأ منذ عام 78، ويقترب من الأربعين عاماً، والسن إلى الستين، حتى أصبحت اليوم مستشاراً إعلامياً في بيتي «البيان».

 وفي بعض الدول بعالمنا العربي، يُحال الصحافي إلى سن التقاعد «المعاش»، التي اخترعها وقررها الزعيم المصري الراحل أنور السادات، رحمه الله، لأنه أراد أن يتخلص من بعض من ينتقده من كبار الكتاب، واعتبرتها الصحافة العالمية وكل الهيئات الدولية الحريصة على حرية الصحافة، أنها «نكتة».

 كما وصفها عبد الرحمن فهمي بالسخافة، والمرحوم علي أمين مؤسس الأخبار المصرية، خير من كتب العمود الصحافي في تاريخ الصحافة المصرية، رحمه الله، كان كاتباً متميزاً يحب كل الناس، وخسره كل الناس، وفي البيان كانت لدينا زاوية بعنوان «مع الناس» على الصفحة الأخيرة، كان يكتبها رفيق العمر الزميل عبد الحميد أحمد، اختفت وخسرناها!

*اليوم في وضعنا الرياضي، نجد البعض من الأعضاء سواء في الأندية أو الأسرة الرياضة، وجودهم فقط، لتكملة التشكيل، بينما زمان كان (الرئيس) لديه إلمام بالرياضة، ويملك الحنكة الإدارية، ونظرة تختلف عن الآخرين، ومعه أعضاء يفكرون إيجابياً، وأما في وقتنا الحالي، لم يعد الرئيس يفكر كثيراً، وأصبحت «الشلة».

 ومن يجلسون معه، هم من يعطونه القرارات، وهو من ينفذها بطريقة غير مباشرة! وبالتالي ليس غريباً، أن نجد رياضتنا تغرق، لأن النواخذه كثروا هذه الأيام، وهذه هي حالنا، وقد نذهب في عالم المجهول، فنحن «نبخشش» البعض، ونعطيهم «البخشيش»، ونضعهم في أماكن غير مناسبة لهم، ولا نضع الشخص المناسب في المكان المناسب، وربعنا وشلتنا وأحبتنا وأصدقاؤنا، لا يعرفون حتى أبجديات الرياضة، ولهذا فشلنا، وأصبحنا في «الحيص بيص».. والله من وراء القصد.

Email