كانت أيام(22-30)

محمد صفر.. فن التعليم والإعلام والإدارة

ت + ت - الحجم الطبيعي

نتواصل للعام السادس، ونتناول هذه المرة عملاً توثيقياً آخر محوره الصورة، فهي تعني الكثير، فلكل إنسان ذكرياته التي تبقى عالقة بالأذهان على مر السنين، في مواقع مختلفة، فالصورة هي الحكاية والرواية، لأنها تظل عالقة، تذكرنا بالأيام الحلوة والبسيطة التي نتمناها أن تعود.. «كانت أيام»، تتمثل في الصورة الفوتوغرافية القديمة كذكرى جميلة عاشتها الرياضة الإماراتية، فالصور مختلفة ومتنوعة، تحكي قصة رياضتنا على مدار خمسين سنة مضت، وننقل لكم عبر الصورة أهم الأحداث والمناسبات التي شهدتها الساحة.

وخلال الشهر المبارك، نحاول أن نلقي الضوء عبر حلقات توثيقية تحكي البدايات، فالصورة الرياضية لها قصص مثيرة، واليوم نبدأ بقصة وتاريخ الصورة الرياضية عبر الشخصيات والأحداث التي رافقت مسيرتنا.. فمن لا يحفظ ماضيه لن يحفظه مستقبله. من منطلق هذه القاعدة تولّدت الحاجة إلى تدوين الأحداث وحفظ التواريخ والأسماء، وهذه المواضيع التوثيقية جعلتني على مدى السنوات العشر الأخيرة أبدأ المهمة رافعاً شعار «كي لا يضيع تاريخنا الرياضي». راجياً أن تنال رضاكم جميعاً.

محمد صفر شخصية رياضية متنوعة قديمة لا ينساها أحد، فقد كان مع أقرانه الأطفال الذين كانوا يمارسون هواياتهم المفضلة والرياضة الوحيدة في تلك الفترة، وهي هواية لعبة كرة القدم التي كانت تمارس في الفرجان، إلى أن انضم مع بعض أبناء الفريج لتكوين مجموعة متجانسة من أصدقائه في فريق لكرة القدم يتبارون مع مجموعات أخرى، سواء في الفريج أو المناطق الأخرى، وهكذا أصبحوا يكبرون شيئاً فشيئاً إلى ‏أن وصل به الأمر إلى أن انضم إلى فريق كرة القدم بالمدرسة القاسمية في نهاية الخمسينيات، ولكن طموحه لم يتوقف، بل أسس مع مجموعة من أصدقائه نادي الشعب في ذلك الحي الذي كان يسكن فيه، والذي كان نواة لإنشاء معظم الأندية الرياضية الشاملة في بداية الستينيات، ومن ثم سافر إلى دولة الكويت للالتحاق بمعهد المعلمين الذي فتح أبوابه بتخرج الدفعات المتتالية للمعلمين من أبناء الكويت ودول الخليج العربي، لتولي زمام التعليم في المدارس، وكان من ضمن التخصصات المتوافرة تخصص تربية رياضية، فصقل هوايته المفضلة، وبعد التخرج ضمن أوائل الدفعة في ذلك المعهد متخصصاً في تدريس مادة التربية الرياضية، كان من بين أوائل المواطنين بالدولة الذين استلموا زمام التدريس والتعليم في مدرسة حطين، إبان إشراف دولة الكويت الشقيقة على التعليم و‏الإشراف على مدارس الدولة، وكان نصيبه أن يكون أحد مدرسي مدرسة القاسمية في إمارة الشارقة، ولأن طموحه لم يتوقف عند مهنة التدريس أصبح أحد القياديين الذين كان لهم دور في إثراء الجوانب الأخرى مثل الكشافة والجوانب الثقافية والاجتماعية والمسرحية في الشارقة، ومن خلال تعلقه بالميكرفون خلال طابور الصباح المدرسي، ليكون أحد أوائل المعلقين الرياضيين بالدولة، ‏فكان القاسم المشترك بين تلفزيونات الدولة في نقل مباريات كرة القدم التي كانت تقام بين الفرق المحلية أو المشاركات في الدورات الخارجية، ومنها كأس الخليج الثالثة والخامسة، وبدأت مسيرة محمد صفر تزداد خبرة، حيث قام بدور مهم في المناصب الرياضية الأخرى.

فنرى أنه تقلد الكثير من المناصب، فهو أحد المؤسسين الأوائل للأندية التي كانت نواة لتأسيس اتحاد كرة القدم بالدولة وكان له دور في تأسيس بعض الأندية ‏ في الشارقة مع مجموعة من المهتمين بالنشاط الرياضي والاجتماعي في الإمارة، وكان له شرف كذلك بمشاركته في تأسيس نادي الخليج الثقافي الرياضي في الشارقة، وكان من ضمن المجموعة شخصيات رياضية، على رأسها المرحوم الشيخ صقر بن محمد القاسمي، وشارك في تأسيس نادي الشارقة الثقافي الرياضي، بعد دمج نادي العروبة والخليج، وظل دائماً في مقدمة الهرم الإداري بالمساهمة رياضياً في جامعة الإمارات بمدينة العين تحت إشراف المرحوم عبدالله عمران تريم، رئيس الجامعة آنذاك، وتحديداً بإبراز دور النشاط الرياضي، وهنا نضيف أن صفر تولى منصب «أمين سر نادي العين»، والمشرف على نشاط رياضي في فترة لا ينساها، ويفخر بما وصل إليه العين اليوم، من إنجازات كروية ورياضية، تحققت بفضل دعم القيادة الرشيدة لهذه المؤسسة التي يعتز بها كل مواطن، أما على المستوى الاتحادات الرياضية، فهو من الأوائل الذين ظهروا في المسيرة الرياضية ووضعوا اللبنة الأولى، فقد ‏تولى إدارة المنتخب الوطني الأول لكرة القدم عام 1984 خلال فترة تولي سمو الشيخ حمدان بن زايد آل نهيان، والمشاركة الأولى تحت قيادة سموه خلال بطولة كأس الخليج العربي السابعة التي أقيمت في مسقط.

يقول محمد صفر: من بين الأحداث التي لا أنساها، مباراة الإمارات والعراق في دورة الخليج، حيث نزل صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، في أثناء المباراة وجلس في دكة الاحتياط، والجهاز الفني بقيادة المدرب القدير حشمت مهاجراني، والنتيجة تشير لتقدم العراق بهدف دون رد، وعندما شاهد اللاعبون المشهد تحولوا وقاتلوا، لتنتهي المباراة بالتعادل، بهدف لمثله، رغم ظلم التحكيم، ويومها فازت العراق بكأس الدورة، بعد فوزها على قطر. لقد كان الموقف إنسانياً كبيراً من بوخالد، حفظه الله ورعاه.

يضيف محمد صفر أنه بجانب الأعباء الإدارية، لا ينسى أيضاً عضويته كرئيس لمنتخبات اتحاد كرة السلة في نهاية الثمانينات، إلى جانب أنه أول مفوض دولي للكشافة، وعضو مجلس إدارة جمعية الإمارات للكشافة في بداية تكوين الجمعية، ‏وشارك في الكثير من المؤتمرات العربية والدولية، مؤتمر الكشافة 72، والمؤتمر الكشفي العربي بلبنان 74، وشهد في العام نفسه مؤتمراً في نيروبي.

وهو أول مواطن يتولى إدارة المدن العربية منذ عام 94 حتى 96، وغيرها من المناسبات والمؤتمرات التي مثل فيها بلاده، ليعود منها بخبرة عريضة تنصب على الفترة التي قضاها في المسيرة الرياضية، وعلى الجانب العلمي، كان رياضياً ذا نشاط حافل في بداية تأسيس الإذاعة والبرامج الرياضية في محطات التلفزة بالدولة، حيث ساهم في إعداد وتقديم البرامج الرياضية، بل إنه ساهم أيضاً في كتابة الرأي في بعض الصحف المحلية، ولديه فكرة مشروع إصدار كتاب يوثق لتجربته خلال الخمسين سنة الماضية، حيث رشحته جمعية الإعلام الرياضي ضمن المكرمين لفئة «الإعلامي العربي» في عيد الإعلاميين الذي نظمه الاتحاد العربي للصحافة الرياضية التاسع الذي عقد في مملكة البحرين.

Email