امرأة تونسية تمكّن الشباب من تحقيق التغيير

  • الصورة :
  • الصورة :
صورة
ت + ت - الحجم الطبيعي

في وسط الاضطرابات الناجمة عن التحول الديمقراطي في تونس، بدأت آية شيبي مسارها المهني الإنساني، الذي حسَّن كثيراً من حياة الآلاف في جميع أنحاء الشرق الأوسط وأفريقيا.

آية شيبي، هي ظاهرة حقيقية. عاملة في مجال الإغاثة، ومناصرة للمساواة بين الرجل والمرأة، ومُدوِنَّة، وابنة لعقيد في الجيش التونسي، ولديها العديد من الإنجازات الرئيسة التي كان لها دوي كبير في المجالات الإنسانية.

لا تزال آية في الثلاثين من عمرها، وهي المؤسس الشريك لمبادرة صوت المرأة، التي تدعو إلى تمكين المرأة من استخدام الوسائط الرقمية، كما أطلقت حركة الشباب الأفريقي، التي بها الآن عدد 10,000 من الأعضاء، وهي كذلك مديرة مؤسسة مبادرة السلام العالمي، من بين العديد من مناصب المسؤولية الأخرى.

بدأ عملها في المجالات الإنسانية، بينما كانت لا تزال طالبة بالجامعة، عندما تطوعت للعمل في المستشفيات، وكذلك في منظمة تدافع عن حقوق الأطفال. تخرجت في الجامعة في عام 2011، عام الثورة التونسية التي أطاحت بالرئيس الذي ظل في الحكم لفترة طويلة زين العابدين بن علي. بحلول ذلك الوقت، كانت آية متطوعة متمرسة من أجل السلام، حيث كانت تساعد الصليب الأحمر وغيره من المنظمات. في الوقت نفسه، تطوعت آية لفترة تزيد على شهر في مخيم اللاجئين في راس جدير، قرب الحدود التونسية-الليبية، الذي كان يُدار من قبل الجيش التونسي، قبل أن يُدار بواسطة المفوضية العليا لشؤون اللاجئين، والمفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين.

تقول شيبي، التي عاشت كطفلة في التنقل بين ثمانية من المدن التونسية، حيث تطلبت وظيفة أبيها العسكرية، التنقل المستمر كل سنتين، من الساحل الشمالي للبلاد، إلى الجبال وكذلك إلى الصحراء «كانت هذه حقاً نقطة تحول بالنسبة إليّ، تحويل مساري الوظيفي إلى تحقيق السلام ووحدة الشعوب الأفريقية. رأيت المهاجرين من جميع أنحاء أفريقيا ممن اعتادوا العمل في ليبيا، وقتها تفتحت عيناي لاستكشاف هويتي الأفريقية».

آية، التي تخرجت في قسم العلاقات الدولية، أنشأت مدونتها «تونسية بفخر» باللغة الإنجليزية في عام 2011، كرد على ما وصفته بفشل الإعلام الغربي في توضيح الحقيقة حول ما يحدث أثناء الانتقال الديمقراطي للسلطة في تونس.

تقول شيبي «كان شعاري دوماً، هو سرد الحقيقة بنفسك. في عامي 2011 و2012، راودتني فكرة أن من يعيشون خارج تونس، لا يفهمون حقاً لم ثار التونسيون يطالبون بحقوقهم».

اكتسبت المدونة شهرة كبيرة، إلى أن أصبحت المؤسس الشريك في مبادرة صوت المرأة، إلى جانب أصدقائها من السيدات، كوندا دولفين من الكاميرون، وروز واتشوكا من كينيا.

كانت انطلاقة المشروع الرسمية في عام 2013، وبدأنا في تلقي طلبات المراسلين من جميع أنحاء العالم. تقدم للوظائف أكثر من 500 امرأة، مع اختيار 35 من بينهم لتلقي التدريب في العام التالي على إعداد التقارير، والتدوين، وسرد القصص، وأدوات الوسائط المتعددة، مثل التصوير الفوتوغرافي والتدوين الافتراضي.

نشرت المدونة حوالي 200 قصة، إلى جانب تخصيص مساحات نسائية في مختلف المنصات، بما في ذلك منتدى الإعلام الدولي في ألمانيا، والمؤتمر العالمي للشباب في سري لانكا، واليوم العالمي للفتيات في الكاميرون.

تقول شيبي، المُصنفَّة من بين أبرز القيادات النسائية الشابة في أفريقيا في عام 2013 «العديد منهن لم يكتفين فقط بالتدوين لإبراز قصصهم، ولكن كذلك لتمكين غيرهن من السيدات. يتنقلن إلى مناطق مختلفة، ويساعدن السيدات اللاتي يعانين من نقص الخدمات، ولا بالضرورة يتحدثن اللغة الإنجليزية، ولا يمكنهم الولوج إلى شبكة الإنترنت لرواية قصصهن».

«توفر مبادرة صوت المرأة VOW-I»، الوسائل المناسبة للسيدات اللاتي يعانين من التعتيم على كل هذه المشكلات».

أسست آية حركة الشباب الأفريقي في عام 2012، كمجموعة على فيسبوك، تجمع بين كافة النشطاء المدنيين. اليوم، هناك أكثر من 10 آلاف عضو بالمجموعة من 40 بلداً أفريقياً مختلفاً.

تقول شيبي «أسست هذه الحركة للشباب لدعم بعضهم البعض، وليتعلموا من خبرات وكفاح بعضهم، وكذلك للتعاون معا حول كيفية تحقيق التقدم والرخاء لأفريقيا».

عقدت الحركة اجتماعها الرئيس الأول في مارس 2017 في نيروبي، وحضره 80 من الشباب القيادي من 19 بلداً مختلفاً.

«نقوم بتحقيق التواصل، وتمكين وتعبئة الشباب حول مختلف القضايا التي تهمهم. هذا يتنوع بين الحوكمة والمساءلة إلى المساواة والأمن، وكافة تلك القضايا».

أطلقت الحركة مراكز للشباب في سبعة بلدان في عام 2017، وتخطط لإنشاء 15 مركزاً آخر في عام 2018.

توضح شيبي «في هذه المراكز، يتم تدريب الشباب في منظمات سياسية لا تدعو للعنف. الأمر حقاً يكمن في أن يصبح الشباب طليعة التغيير في بلدانهم».

هناك مبادرة أخرى قامت بها شيبي، وهي تأسيس أربعة مشروعات إقليمية، اكتسبت شهرة كبيرة، زمالة أماني، وزمالة أماندلا، وزمالة هي للمرأة، وزمالة السلام في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، كجزء من دورها كمدير للبرنامج في مؤسسة مبادرة السلام العالمي، التي تهدف إلى مساعدة البشر في التعامل مع الضغوط والهموم الناجمة من عملهم.

تقول شيبي «الأمر يتعلق بالسلام الداخلي. كان عليّ الاختيار بين السلام والعنف تقريباً كل يوم على مدار ستة أشهر، لأن بن علي غادر البلاد، وتركها في فوضى تامة. بدأ تطرف الشباب في الازدياد، كما تطرف ابن عمي وانضم إلى تنظيم داعش ».

«لمَ طال العنف بعضاً من أصدقائي ولم يطلني؟، كان منقذي هو الوسطية. في الحقيقة، وجدت نقطة الهدوء والسلام الداخلية في وسط الفوضى، واعتقدت أن هذا حقاً أداة قوية للنشطاء، ممن يندفعون نحو الإرهاق واليأس والإحباط».

نظمت شيبي قرابة 15 من الخلوات التي تعمل على تدريب أكثر من 300 شاب من 40 بلداً مختلفاً، ليصبحوا عملاء للسلام، إلى جانب توفير الممارسات الواعية إلى أكثر من 5000 شخص في 10 بلدان مختلفة في الشرق الأوسط وأفريقيا، بما في ذلك المغرب والأردن ونيجيريا. كتقدير لدورها القيادي في المؤسسة، اختيرت كمدير تنفيذي لمؤتمر قمة ثورة السلام.

في عام 2012، حصلت على منحة فولبرايت في جامعة جورجيا الجنوبية، وفي عام 2015، حصلت على منحة مؤسسة محمد إبراهيم، كجزء من درجة الماجستير في الدراسات الأفريقية في جامعة لندن. كانت شيبي المتحدث الرئيس في العديد من المؤتمرات والمؤسسات في عدة بلدان، بما في ذلك مجلس النواب الأميركي، والأمم المتحدة.

تقول شيبي «كانت مهمتي هي توجيه الشباب لقيادة التغيير الاجتماعي. استخدمت كلمة "توجيه"، لأنها مرتبطة كثيراً بالإرهاب. ينبغي أن يوثق هذا الجيل القيادة النسائية، لأننا كسيدات، نترأس الحركات، ونقود التغيير. لفترة طويلة من الوقت، كان هناك تهميش كبير لدور المرأة. رسالتي إلى العالم، هي السعي لترسيخ دور القيادة النسائية، لأننا موجودون، ونقوم بذلك بالفعل».

* باحث اجتماعي

Email