النظام العالمي والصمود في وجه المتغيّرات

ت + ت - الحجم الطبيعي

حتى نهاية الحرب الباردة، كانت المؤسسة الأميركية تعتبر نظام القواعد والمنظمات الذي شكل البنية التحتية المؤسسية للتجارة الدولية، والاستثمار، والتمويل، كياناً بالغ الأهمية لازدهار «العالم الحر» واحتواء النفوذ السوفييتي. وبعد انهيار الاتحاد السوفييتي، خدم النظام كوسيلة استراتيجية لدمج الدول الشيوعية سابقاً في الاقتصاد الرأسمالي الدولي.

في نهاية المطاف، في أوائل العقد الأول من القرن الحادي والعشرين، أصبح النظام الاقتصادي العالمي يُعَد المنصة الأفضل لاستيعاب صعود الصين. ودعيت الصين إلى الانضمام إلى النادي، مع وعد ضمني بتمكينها بعد أن تتعلم كيف تلعب وفقاً للقواعد من المساهمة في تعديل هذه القواعد. وكانت لتحظى بالفرصة للمشاركة في توجيه النظام الدولي، واكتساب القوة والنفوذ تدريجياً. وكان انضمام الصين إلى منظمة التجارة العالمية في عام 2001 من المعالم المهمة على هذا الطريق.من منظور بقية العالَم، يدور السؤال الرئيسي الآن حول ما إذا كان النظام العالمي قادراً على الصمود بالقدر الكافي لتحمل انسحاب صانعه.

لكن الرأي القائل بأن الاقتصاد، على الأقل، يقف على أرض ثابتة، مضلل إلى حد خطير، لأنه يفترض أن قواعد الاقتصاد العالمي ومؤسساته أنشأت ما يعادل دستوراً اقتصادياً ومالياً. والواقع أن النظام يظل منقوصاً إلى الحد الذي يجعله عاجزاً عن تنظيم نفسه بنفسه، ويتطلب أداؤه لوظيفته على الوجه الصحيح التوجيه المستمر ومبادرات تقديرية متكررة. ولهذا السبب تظل تجمعات غير رسمية مثل مجموعة الدول السبع ومجموعة العشرين أساسية: فهي توفر الزخم السياسي اللازم. ولكنها تعتمد أيضاً بشكل حاسم على الدعم من الولايات المتحدة وقيادتها.

* أستاذ كرسي توماسو بادوا شيوبا في معهد الجامعة الأوروبية

Email