النمو المستدام يتطلب استراتيجية متماسكة

ت + ت - الحجم الطبيعي

قبل سنوات عِدة، كان لي شرف رئاسة لجنة معنية بالنمو في البلدان النامية. وكان أعضاؤها يتمتعون بخبرة كبيرة في الاقتصاد والسياسة ورسم السياسات الاجتماعية في العالَم النامي، وعلى الرغم من الاختلافات بينهم فقد اتفقوا جميعا على نقاط حاسمة بعينها. ولا تزال ذاكرتي تحتفظ بنقطتين.

وكما خلصنا في تقريرنا النهائي، سوف يظل مصير أنماط النمو غير الشامل دوماً الفشل في نهاية المطاف. فمثل هذه الأنماط غير قادرة على إنتاج النمو المرتفع المستدام الضروري للحد من الفقر وتحقيق التطلعات الإنسانية الأساسية في الصحة والأمن والفرصة للمساهمة بشكل منتج وخَلّاق في المجتمع. ولا تستفيد أنماط النمو هذه بشكل كامل من الموارد البشرية القيمة ، وكان استنتاجنا العام الثاني أن النمو المستدام يتطلب استراتيجية متماسكة قابلة للتكيف وتقوم على القيم والأهداف المشتركة، والثقة، ودرجة من الإجماع. وبطبيعة الحال، لن يكون تحقيق كل هذا بالمهمة السهلة. شهدت دول نامية عديدة فترات ممتدة من النمو البطيء أو توقف النمو تماما. وفي بعض الحالات، يصيب الارتباك قادة البلد ببساطة، ويعجزون عن فهم ما يتوجب عليهم القيام به. ولكن في أغلب الحالات تكون مكونات «نموذج النمو» الفعّال معروفة جيداً، وتتلخص المشكلة في الافتقار إلى الإجماع السياسي أو الاجتماعي حول كيفية تنفيذها.

نادراً ما يكون تحقيق توازن أعلى للنمو انتقالاً تدريجياً أو تراكمياً. فهو يتطلب قفزة في التوقعات والسياسات، وتحولا جوهريا في الإجماع السياسي والاجتماعي. وعندما تحدث هذه التحولات، تلعب القيادة دورا حاسما، من خلال تزويد المواطنين برؤية بديلة تقوم على قيم مشتركة يمكن دعمها من قِبَل أصحاب المصلحة كافة.

* أستاذ الاقتصاد في كلية شتيرن لإدارة الأعمال في جامعة نيويورك

Email